Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 8-15)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله سبحانه : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } أي : عرَّفَها طرق ذلكَ ، وجَعَلَ لها قوةً يصحُّ معها اكتسابُ الفُجُور أو اكتسابُ التقوى ، وجوابُ القَسَمِ في قوله : { قَدْ أَفْلَحَ } والتقديرُ : لَقَدْ أفْلَحَ ، زاد * ص * : وحُذِفَتْ اللامُ للطُولِ ، انتهى ، والفاعلُ بـ « زكى » يحتملُ أَن يكُونَ اللَّهُ تَعَالَى ؛ قاله ابن عباس وغيره ، ويحتملُ أنْ يكونَ الإنسانَ ؛ قاله الحسن وغيره ، و { زَكَّـٰهَا } أي طَهَّرَهَا ونَمَّاهَا بالخيراتِ و { دَسَّـٰهَا } معناه : أخْفَاهَا وحَقَّرَها وصَغَّرَ قدْرَها بالمعاصِي والبخلِ بما يَجِبُ وأَصلُ « دَسَّى » : دَسَّسَ ؛ ومنه قول الشاعر : [ الطويل ] @ وَدَسَّسْتَ عَمْراً في التُّرَابِ فَأَصْبَحَت حَلائِلُهُ مِنْهُ أَرامِلَ ضُيَّعَا @@ ت * : قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : ومن عيوبِ النفس الشفقةُ عليها ، والقيامُ بتَعَهُّدِها وتحصيلِ مآربِها ، ومداواتُها الإعراضُ عَنْها وقلةُ الاشْتِغَالِ بها ، كذلك سمعتُ جَدِّي يقول : مَنْ كَرُمَتْ عليه نفسهُ هَانَ عليه دينُه ، انتهى من تأليفه في عيوب النفس ، ورُوِي : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآيةَ قال : " اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا " ، قال " صاحبُ الكَلِمُ الفَارِقِيَّةِ والْحِكَمِ الحقيقيَّةِ " النفسُ الزكيَّةُ زِينَتُها نَزَاهَتُها ، وعافيتُها عِفَّتُها ، وطَهَارَتُها وَرَعُها ، وغِنَاها ثِقَتُها بمولاها ؛ وعلمُها بأنَّه لا ينساها ، انتهى ، ولما ذَكَر تعالى خَيْبَة مَنْ دسَّى نفسَه ؛ ذكرَ فرقةً فَعَلَتْ ذلكَ ليعتبرَ بهم ، وينتهى عن مثلِ فعلِهم ، والطَّغْوَى : مصدرٌ وقال ابن عباس : الطَّغْوَىٰ هنا العذابُ . كذَّبُوا به حتَّى نَزلَ بهِم ويؤيدُه قولُه تعالى : { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } [ الحاقة : 5 ] وقال جمهورُ من المتأولين : الباءُ سببيةٌ والمعنى : كَذَّبتْ ثمودُ نبيَّها بسبب طُغْيَانها ، و { أَشْقَـٰهَا } : هو قدار بن سالف ، وقد تقدم قصصُهم ، * ت * : و { نَاقَةَ ٱللَّهِ وَسُقْيَـٰهَا } قيل : نَصْبٌ بفعلٍ مُضْمَرٍ تقديرُه احْفَظُوا أو ذَرُوا ، وقال * ص * : { نَاقَةَ ٱللَّهِ } الجمهورُ : بنصبِ { نَاقَةَ } على التحذيرِ أي احذرُوا ناقةَ اللَّهِ ، وهو مما يجبُ إضمارُ عامِله ، انتهى ، و { دَمْدَمَ } معناه أنْزَلَ العذابَ مُقَلْقِلاً لهمْ مكرَّراً ذلك ، وهي الدَّمْدَمَةُ ، الثعلبيُّ قال مؤرج : الدمدمةُ أهلاكٌ باستئصالٍ ، انتهى ، وكذلكَ قال أبو حيانٍ ، وقال الهروي : قال الأزهريُّ : { فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ } أي : أطْبَقَ عليهم العذابَ ، وقيل { فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ } أي : غَضِبَ عليهم ، انتهى . وقوله تعالى : { فَسَوَّاهَا } أي فَسَوَّى القبيلةَ في الهَلاَكِ ؛ لَم يَنْجُ مِنْهم أَحَدٌ ، وقرأ نافع وابن عامر : « فَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا » والمعنى : فَلاَ دَرَكَ عَلَى اللَّهِ تعالى في فعلهِ بهم ؛ وهذا قول ابن عباس والحسن ، ويحتملُ أنْ يكونَ الفاعلُ بـ { يَخَافُ } صالحاً ـــ عليه السلامُ ـــ أي : لا يخاف عُقْبَى هذه الفعلةِ بهم ؛ إذ كَانَ قَدْ أنذَرهم ، وقرأ الباقون : « ولاَ يَخَافُ » بالواوِ فَتَحْتَمِلُ الوجهينِ ، وتحتملُ هذه القراءةُ وجْهاً ثالثاً : أنْ يكونَ الفاعلُ بـ { يَخَافُ } المنبعثَ ؛ قاله الزجاجُ والضحاكُ والسدي ، وغيرُهم ، وتكون الواوُ واوَ الحالِ ، كأنّه قال : انْبَعَثَ لِعَقْرِهَا وهُو لاَ يَخَافُ عُقْبَى فِعلِهِ .