Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 99, Ayat: 5-8)

Tafsir: al-Ǧawāhir al-ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } الباءُ باءُ السببِ وقَالَ ابن عباس وغيرُه : المعنى أوحَى إليهَا ، قال * ص * : المشهورُ أنَّ { أَوْحَىٰ } يتعدَّىٰ بـ « إلى » وَعُدِّيَ هنا باللامِ مُرَاعَاةً للفَوَاصِل ، وقال أَبو البقاء : { لَهَا } بِمَعْنَى إلَيْهَا ، انتهى . وقوله سبحانه : { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } بمعنى : يَنْصَرِفُونَ مِنْ موضعِ وُرُودِهم مُختلِفي الأَحْوَالِ ، قال الجمهور : وُرُوْدُهُمْ بالموت ، وصدورُهُمْ هو القيامُ إلَى البَعْثِ والكلُّ سائرٌ إلى العَرْضِ ليرَى عَمَله ، ويقفُ عليه ، وقيل : الورودُ هو ورودُ المَحْشَرِ والصَّدَرُ أشْتَاتَاً هُو صَدَرُ قَوْمٍ إلى الجنةِ وقَوْمٍ إلى النَّارِ ليروا جَزَاء أعمالهم . وَقَوْلهِ ـــ جلت عظمته ـــ : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } الآية ، كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يُسَمِّي هٰذِهِ الآيَةَ الجِامِعَةَ الفَاذَّةَ ، ويُرْوَىٰ أَنَّهُ " لَمَّا نَزَلَتْ هٰذِهِ السُّورَةُ بَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَ أُسْأَلُ عَنْ مَثَاقِيلِ الذَّرِّ ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : « يَا أبا بَكْرٍ ، مَا رَأَيْتَهُ في الدُّنْيَا مِمَّا تَكْرَهُ فَبِمَثاقِيلِ ذَرِّ الشَّرِّ ، وَيَدَّخِرُ لَكَ اللَّهُ مَثَاقِيلَ ذَرِّ الخَيْرِ إلَى الآخِرَةِ " ، قال الداووديُّ : بَيْنَمَا عُمَرُ بن الخَطَّابِ بِطَرِيقِ مَكَّةَ ليلاً ، إذا رَكْبٌ مُقْبِلينَ مِنْ جِهَةٍ ، فَقَالَ لبعض مَنْ معه : سَلْهُمْ مِنْ أَيْنَ أقبلوا ؟ فقال له أحدهم : من الفَجِّ العميقِ ، نُرِيدُ البَلَدَ العَتِيقَ ، فَأُخْبِرَ عَمَرُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ : أَوَقَعُوا في هٰذَا ؟ قُلْ لَهُمْ ، فَمَا أَعْظَمُ ، آيةٍ في كِتَابِ اللَّهِ ، وأَحْكَمُ آيةٍ في كِتَابِ اللَّهِ ، وَأَعْدَلُ آيةٍ في كِتَابِ اللَّهِ ، وَأَرْجَىٰ آيةٍ في كِتَابِ اللَّهِ ، وَأَخْوَفُ آيةٍ في كِتَابِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ لَهُ قَائِلُهُمْ : أَعْظَمُ آيةٍ في كِتَابِ اللَّهِ آيَةُ الكُرْسِيِّ [ البقرة : 255 ] ، وَأَحْكَمُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإِحْسَانِ } [ النحل : 90 ] وَأعْدَلُ آيةٍ في كِتَابِ اللَّهِ : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } وأَرْجَىٰ آيَةٍ في كِتَابِ اللَّهِ : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَـٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 40 ] وَأَخْوفُ آيةٍ في كِتَابِ اللَّه : { مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } [ النساء : 123 ] فأُخْبِرَ عمرَ بِذلكَ ، فَقَالَ لَهُمْ عمرُ : أَفِيكُم ابنُ أُمِّ عَبْدٍ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، وَهُوَ الَّذِي [ كَلَّمَكَ ] ، قال عُمَرُ : كُنَيْفٌ مُليءَ عِلْماً آثرْنَا بِهِ أهْلَ القَادِسِيَّةِ عَلَى أنْفُسِنَا . قال الداوودي ، ومعْنَى أعظم آية يُرِيدُ في الثواب ، انتهى .