Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } . في " هُوَ " وجهان : أحدهما : أنه ضمير عائد على ما يفهم من السياق ، فإنه يروى في سبب النزول أنهم قالوا : صف لنا ربَّك وانسبه . وقيل : قالوا له : أنُحَاسٌ هو أم حَديدٌ ؟ فنزلت . وحينئذ يجوز أن يكون " اللهُ " مبتدأ ، و " أحد " خبره ، والجملة خبر الأولِ ، ويجوز أن يكون " الله " بدلاً ، و " أحد " الخبر ، ويجوز أن يكون " الله " خبراً أولاً ، و " أحد " خبراً ثانياً ، ويجوز أن يكون " أحد " خبراً لمبتدأ محذوف ، أي " هو أحد " ، والثاني : ضمير الشأن ؛ لأنه موضع تعظيم ، والجملة بعد خبره مفسرة . وهمزة " أحد " بدل من واو ؛ لأنه من الوحدة ، وإبدال الهمزة من الواو المفتوحة قليل ، منه : امرأة أناة من الونى ، وهو الفُتُور ، وتقدم الفرق بين " أحد " هذا ، و " أحد " المراد به العموم ، فإن همزة ذاك أصل بنفسها . ونقل أبو البقاء : أن همزة " أحد " هذا غير مقلوبة ، بل أصلها بنفسها ، فالمراد به العموم . والأول هو المعروف . وفرق ثعلب بين " أحد " و " واحد " بأنَّ الواحد يدخله العدد والجمع والاثنان و " أحد " لا يدخله ذلك ، ويقال : اللهُ أحد ، ولا يقال : زيد أحد ؛ لأن الله تعالى هذه الخصوصية ، وزيد له حالات شتى . ورد عليه أبو حيَّان بأنه يقال : أحد وعشرون ، ونحوه ، فقد دخله العدد انتهى . وقال مكيٌّ : إن أصله : " واحد " فأبدلت الواو همزة ، فاجتمع ألفان ؛ لأن الهمزة تشبه الألف ، فحذفت إحداهما تخفيفاً . وقرأ عبد الله وأبيّ : { ٱللَّهُ أَحَدٌ } دون " قُلْ " . وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : { ٱللَّهُ أَحَدٌ } بغير { قُلْ هُوَ } . وقرأ الأعمش : " قل هو الله الواحد " . وقرأ العامة : بتنوين " أحَدٌ " وهو الأصل . وزيد بن علي وأبان بن عثمان ، وابن أبي إسحاق والحسن ، وأبو السمال ، وأبو عمرو في رواية ، في عدد كثير : بحذف التنوين للخفة ، ولالتقاء الساكنين ، كقوله : [ الكامل ] @ 5352 - عَمروُ الذي هَشمَ الثَّريدَ لقومهِ ورِجالُ مكَّة مُسنتُـونَ عِجَـافُ @@ وقوله : [ المتقارب ] @ 5353 - … … ولا ذَاكِـرَ الـلَّـهَ إلاَّ قَـلِـيـلاً @@ فصل والصمد : الذي يصمدُ إليه في الحاجات ، ولا يقدر على قضائها إلا هو . قال : [ الطويل ] @ 5354 - ألاَ بكَّرَ النَّاعِي بخَيْرِ بَنِي أسَـدْ بِعمْرِو بنِ مسعُودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ @@ وقال آخر : [ البسيط ] @ 5355 - عَلـوتـهُ بحُسَـامٍ ثُمَّ قلـتُ لـهُ خُـذهَا حُذيْـفُ فأنـتَ السيِّـدُ الصَّمـدُ @@ وقيل : الصمد : المصمت الذي لا جوف له . ومنه قوله : [ الطويل ] @ 5356 - شِهَابُ حُروبٍ لا تَزَالُ جِيَادهُ عَوابِسَ يَعلُكْنَ الشَّكيمَ المُصَمَّدَا @@ وقال أبيّ بن كعب رضي الله عنه : تفسيره ، من قوله تعالى : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } وهذا يشبه ما قالوه من تفسير الهلوع ، والأحسن في هذه الجملة أن تكون مستقلة بفائدة هذا الخبر ، ويجوز أن يكون " الصَّمدُ " صفة ، والخبر في الجملة بعده ، كذا قيل ، وهو ضعيف من حيث السِّياق ، فإن السياق يقتضي الاستقلال بأخبار عن كل جملة . قال القرطبي : [ " لأنه ليس شيء إلا سيموت ] ، وليس شيء يموت إلا يورث " . قيل : الصمد : الدائمُ الباقي الذي لم يزل ، ولا يزال . وقال أبو هريرة : إنه المستغني عن كل أحد , والمحتاج إليه كل أحد . وقال السديُّ : إنه المقصود في الرغائب ، والمستعان به في المصائب . [ وقال الحسن بن الفضل : إنه الذي يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد . وقال مقاتل : إنه الكامل الذي لا عيب فيه ] . قال القرطبيُّ : والصحيح من هذه الأقوال ما شهد له الاشتقاق وهو القول الأول ، ذكره الخطابي . فصل في لفظ أحد قال ابن الخطيب : ونكر لفظ أحد ، لأن الذي يعرفه الخلق من الموجودات محسوس ، وكل محسوس منقسم ، فأما ما لا ينقسم فلا يعرف ، وعرَّف الصمد ؛ لأنه الذي يقصد إليه في الحوائج ، وذلك معلوم عند الخلق ، وقدم { لَمْ يَلِدْ } وإن كان العرف سبق ؛ لأنه الأهم ، وقوله تعالى : { وَلَمْ يُولَدْ } كالحجة على أنه لم يلدْ ، وجاء هنا { لَمْ يَلِدْ } ، وفي سورة " الإسراء " : { لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } [ الإسراء : 111 ] ، لأن من النصارى من يقول : عيسى ولدُ الله حقيقة ، ومنهم من يقول : إن الله اتخذه ولداً تشريفاً ، فنفى الأمرين . فصل في الرد على من أسقط " قل هو " قال القرطبي : وقد أسقط من هذه السورة من أبعده الله وأخزاه ، وجعل النار مقامه ومثواه ، وقرأ " الله الواحد الصمد " والناس يستمعون ، فأسقط " قل هو " وزعم أنه ليس من القرآن ، وغير لفظ " أحد " ، وادَّعى أن هذا الصواب ، والذي عليه الناس هو الباطلُ ، فأبطل معنى الآية ، لأن أهل التفسير قالوا : نزلت الآية جواباً لأهل الشركِ ، لما قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : صِفْ لَنَا ربَّك أمِنْ ذهبٍ هُو أم من نُحاس أم من [ صفر ] ؟ . فقال الله تعالى رداً عليهم : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } ، ففي " هُوَ " دلالة على موضع الرد ، ومكان الجواب ، فإذا سقط بطل معنى الآية ، وصح الافتراء على الله - عز وجل - والتكذيب لرسوله صلى الله عليه وسلم . وروى الترمذي عن أبيِّ بن كعب : أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " انسب لنا ربك " فأنزل الله تعالى : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } ، والصمد : الذي لم يلد ، ولم يولد ؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا سيورث ، وإن الله تعالى لا يموت ، ولا يورث . وروى أبو العالية : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر آلهتهم ، فقالوا : انسب لنا ربك ، قال : فأتاه جبريل بهذه السورة : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } . قال الترمذي : وهذا أصحّ . قال القرطبيُّ : " ففي هذا الحديث إثبات لفظ ، " قل هو الله أحد " ، وعن عكرمة نحوه " . وقال ابن عباس : " لَم يلدْ " كما ولدت مريم ، و " لَمْ يُولدْ " كما ولد عيسى ، وعزير ، وهو رد على النصارى ، وعلى من قال : عزير ابن الله ، { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } فقدم خبر كان على اسمها ، لينساق أواخر الآي على نظم واحدٍ . فصل في الكلام على الآية قال ابن الخطيب : دل العقل على استحالة كونه تعالى ولداً ووالداً ، والأحديَّةُ والصَّمديَّةُ يوجبان نفي كونه تعالى والداً ، أو مولوداً ، وذكر بعدهما كما ذكر النتيجة بعد الدليل . قوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } . في نصب " كُفُواً " وجهان : أحدهما : أنه خبر " يَكُونُ " و " أحَدٌ " اسمها و " لهُ " متعلق بالخبر , أي : ولم يكن كفواً له كما تقدم وقد رد المبرد على سيبويه بهذه الآية من حيث إنه يزعم أنه إذا تقدم الظَّرف كان هو الخبر , وهنا لم يجعله خبراً مع تقدمه . وقد رد على المبرِّد بوجهين : أحدهما : أن سيبويه لم يحتم ذلك بل جوزه . والثاني : أنا لا نسلم أنَّ الظرف هنا ليس بخبر ، بل هو خبر ، ونصب " كُفواً " على الحال ، على ما سيأتي بيانه . وقال الزمخشري : الكلام العربي الفصيح ، أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم ، وقد نص سيبويه في كتابه على ذلك ، فما باله مقدماً في أفصح كلام وأعربه ؟ قلت : هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه ، وهذا المعنى مصبُّه ومركزه هو هذا الظرف ، فكان لذلك أهم شيء وأعناه ، وأحقه بالتقديم وأحراه . والثاني : أن ينصب على الحال من " أحدٌ " ؛ لأنه كان صفة ، فلما تقدم عليه نصب حالاً و " له " هو الخبر . قاله مكي ، وأبو البقاء ، وغيرهما . ويجوز أن يكون حالاً من الضمير المستكن في الجار لوقوعه خبراً . قال أبو حيان بعد أن حكى كلام الزمخشري ومكي : وهذه الجملة ليست من هذا الباب ، وذلك أن قوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } ليس الجار والمجرور فيه تامَّا ، إنما هو ناقص ، لا يصلح أن يكون خبراً لـ " كان " بل متعلق بـ " كُفُواً " ، وتقدم على " كُفُواً " للاهتمام به , إذ فيه ضمير الباري تعالى , وتوسط الخبر وإن كان الأصل التأخير ؛ لآن تأخير الاسم هو فاصلة ، فحسن ذلك ، وعلى هذا الذي قررناه يبطل إعراب مكي وغيره ، أن " لهُ " والخبر ، و " كُفُواً " حال من " أحَدٌ " لأنه ظرف ناقص ، ولا يصلح أن يكون خبراً ، وبذلك يبطل سؤال الزمخشري وجوابه ، وسيبويه إنما تكلم في الظرف الذي يصلح أن يكون خبراً ، ويصلح أن يكون غير خبر . قال سيبويه : وتقول : ما كان فيها أحد خير منك ، وما كان أحد مثلك فيها ، وليس أحد فيها خير منك ، إذا جعلت " فيها " مستقراً , ولم تجعله على قولك : فيها زيد قائم ، ثم أجريت الصفة على الاسم , فإن جعلته على قولك : فيها زيد قائم , نصبت ، تقول : ما كان فيها أحد خيراً منك ، وما كان أحد خيراً منك فيها ، إلا أنك إذا أردت الإلغاء ، فكلما أخرت الذي تلغيه كان أحسن ، وإذا أردت أن يكون مستقراً ، تكتفي به ، فكلما قدمته كان أحسن ، والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير ، قال تعالى : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } . وقال الشاعر : [ الرجز ] @ 5357 - مَـا دَامَ فيهِـنَّ فَصِيـلٌ حَيَّـا @@ انتهى كلام سيبويه . قال أبو حيَّان : فأنت ترى كلامه ، وتمثيله بالظرف الذي لا يصلح أن يكون خبراً ، ومعنى قوله : " مستقرَّا " أي : خبراً للمبتدأ ، ولـ " كان " . فإن قلت : قد مثل بالآية الكريمة . قلت : هذا الذي أوقع مكياً والزمخشري وغيرهما فيما وقعوا فيه ، وإنما أراد سيبويه أن الظرف التام ، وهو في قوله : [ الرجز ] @ 5358 - مَـا دَامَ فيهِـنَّ فَصِيـلٌ حَيَّـا @@ أجري فضلة ، لا خبراً ، كما أن " لهُ " في الآية أجري فضلة ، فجعل الظرف القابل أن يكون خبراً كالظرف الناقص في كونه لم يستعمل خبراً ، ولا يشك من له ذهن صحيح أنه لا ينعقد كلام من قوله : " ولم يكن له أحد " بل لو تأخر " كُفُواًُ " وارتفع على الصفة وجعل " لهُ " خبراً لم ينعقد منه كلام ، بل أنت ترى أن النفي لم يتسلط إلا على الخبر الذي هو " كُفُواً " و " لَهُ " متعلق به ، والمعنى : لم يكن أحد مكافئه انتهى ما قاله ابن حيَّان . قال شهاب الدين : قوله : " ولا يشك " إلى آخره ، تهويل على الناظر ، وإلا فقوله : " هذا الظرف ناقص " ممنوع ، لأن الظرف الناقص عبارة عما لم يكن في الإخبار به فائدة كالمقطوع عن الإضافة ونحوه ، وقد نقل سيبويه الأمثلة المتقدمة ، نحو : " ما كان فيها أحد خيراً منك " وما الفرق بين هذا ، وبين الآية الكريمة ، وكيف يقول هذا ، وقد قال سيبويه في آخر كلامه : " والتقديم والتأخير ، والإلغاء ، والاستقرار عربي جيد كثير " . فصل قرأ العامة : " كُفُواً " بضم الكاف والفاء ، وقد سهل الهمزة الأعرج ونافع في رواية ، وسكن الفاء حمزة وأبدل الهمزة واواً وقفاً خاصة ، وأبدلها حفص واواً مطلقاً ، والباقون بالهمزة مطلقاً . قال القرطبي : وتقدم في البقرة أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم ، فإنه يجوز في عينه الضم والإسكان إلا قوله تعالى " أتتّخذنا هزواً " . وقرأ سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم " كفاء " بالكسر والمد أي لا مثل له ، وأنشد للنابغة : [ البسيط ] @ 5359 - لاَ تَقْذفنِّـي برُكـنٍ لا كِفـاءَ لَـهُ … … @@ وقرأ نافع في رواية : كِفَا بالكسر وفتح الفاء من غير مد كأنه نقل حركة الهمزة وحذفها . والكفو النظير كقوله : هذا كفؤ لك : أي نظيرك ، والاسم الكفاءة بالفتح . قال ابن الخطيب : والتحقيق أنه تعالى لما أثبت الأحديَّة ، والصمديّة ، ونفى الوالدية ، والمولودية ختم السورة بأن شيئاً من الموجودات يمتنع أن يساويه في شيء من صفات الجلال ، والعظمة لانفراده سبحانه ، وتعالى بوجوب الوجود لذاته . فصل روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يَقُول الله تعالى : كذَّبنِي ابنُ آدمَ ولمْ يكُنْ لهُ ذلِكَ ، وشَتمنِي ولمْ يكُنْ لهُ ذلِكَ ، فأما تَكْذيبهُ فقوله : لن يُعِيدنِي كَمَا بَدأنِي ، وليْسَ بأوَّل الخَلقِ وليس بأهْونَ عليَّ مِنْ إعَادَتِهِ ، وأمَّا شتمهُ إيَّاي ، فقوله : اتخذ الله ولداً ، وأنا الأحدُ الصَّمَدُ ، لم ألدْ ولم أولَدْ ولم يكن لي كفواً أحد " . فصل في فضائل هذه السورة روى البخاري عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - " أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } يرددها ، فلما أصبح جاء النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والَّذي نَفْسِي بيدهِ ، إنَّها لتعْدِلُ ثُلثَ القُرآنِ " " لأن القرآن أنزل ثلاثاً ؛ ثلثاً : أحكام . وثلثاً : وعد ووعيد . وثلثاً : أسماء وصفات ، وجمعت هذه السورة أحد الأثلاث ، وهو الأسماء والصفات . وروى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - " أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم بـ { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } ، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " سلُوه لأيِّ شيءٍ يصْنَعُ ذلِكَ " ؟ فسألوه : فقال : لأنَّها صفةُ الرَّحمنِ ، فأنا أحبُّ أن أقرأ بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخبرُوهُ أنَّ الله تعالى يُحِبُّهُ " " . وروى الترمذي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وَجَبَتْ " ، قلتُ : ومَا وَجبَتْ ؟ قال : " الجَنَّةُ " " . وروى أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَنْ قَرَأ : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } خمسِينَ مرَّة غُفِرَتْ ذُنوبهُ " . وروى سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " مَنْ قَرَأ : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } أحَدَ عشرة مرَّة بَنَى اللهُ لهُ قصْراً في الجنَّةِ ، ومن قَرَأهَا عِشْرينَ مَرَّةً بَنى اللهُ لهُ قَصرينِ في الجنَّة ، ومن قَرأهَا ثلاثين مرَّةً ، بَنَى له بِهَا ثلاثة قُصُورٍ في الجنَّة " فقال عمرُ بن الخطاب : والله يا رسول الله إذاً لنُكثِّرنَّ قُصُورنَا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " اللهُ أوسعُ مِنْ ذلِكَ " " . وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرَأ : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } في مَرَضِه الَّذي يَمُوتُ فِيهِ لمْ يُفْتَنْ في قَبْرِهِ ، وأمِنَ من ضغطهِ القبْرِ ، وحمَلتهُ الملائِكةُ يومَ القِيامةِ بأكُفِّها ، حتَّى يُجيزَ الصِّراطَ إلى الجنَّةِ " . فصل في أسماء هذه السورة في أسمائها : قال ابن الخطيب : سورة التفريد ، وسورة التجريد ، وسورة التوحيد ، وسورة الإخلاص ، وسورة النجاة ، وسورة الولاية ، وسورة النسبة ، لقولهم : انسبْ لنا ربَّك ، وسورة المعرفة ، وسورة الجمال ، وسورة البراءة ؛ لأنها تبرئ من النفاق ، وسورة الأساس ، وسورة المحضر ؛ لأن الملائكة تحضر لسماعها ، وسورة المانعة ، والمنفرة ، لأنها تنفر الشيطان ، وسورة النور ، لأنها تنور القلب ، والله نور السموات والأرض . والله أعلم .