Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 61-61)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في النظم وجوهٌ : أولها : أنه تعالى ، لمَّا ذكر أنَّ الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - كان في محنةٍ عظيمة من قومه ، بيَّن أنَّ حال جميع الأنبياءِ مع أهل زمانهم كذلك ؛ ألا ترى أنَّ الأول منهم آدمُ - صلوات الله وسلامه عليه - ثمَّ إنه كان في محنة من إبليس . وثانيها : أنَّ القوم ، إنَّما نازعُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاندوه ، واقترحوا عليه الاقتراحات الباطلة لأمرين : الكبر والحسد ، فبيَّن سبحانه وتعالى أنَّ هذا الكبر والحسد هما اللذان حملا إبليس على الكفر ، و الخروج من الإيمان ، فهذه بليَّةٌ عظيمةٌ قديمةٌ . وثالثها : أنَّهم لما وصفهم الله تعالى بقوله : { فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } [ الإسراء : 60 ] بيَّن ما هو السبب لحصُول هذا الطُّغيان ، وهو قول إبليس { لأحتنكنَّ ذريته إلا قليلا } فلهذا المقصود ذكر الله تعالى قصَّة آدم وإبليس . واعلم أنَّ هذه القصَّة ذكرها الله تعالى في سبع سورٍ ؛ البقرةِ ، والأعراف ، والحجر ، وهذه السورة ، والكهف ، وطه ، وص ، وقد تقدم الاستقصاء عليها في البقرة ، فليلتفت إليه . وقوله : { ءَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } استفهامٌ بمعنى الإنكار ، معناه : أنَّ أصلي أشرفُ من أصله ؛ فوجب أن أكون أشرف منه ، والأشرف لا يخدم الأدنى . قوله تعالى : " طيناً " : فيه أوجه : أحدها : أنه حال من " لِمَنْ " فالعامل فيها " أأسجدُ " أو من عائد هذا الموصول ، أي : خلقتهُ طيناً ، فالعامل فيها " خَلقْتَ " وجاز وقوع طينٍ حالاً ، وإن كان جامداً ، لدلالته على الأصالة ؛ كأنه قال : متأصِّلاً من طين . الثاني : أنه منصوبٌ على إسقاطِ الخافض ، أي : من طينٍ ، كما صرَّح به في الآية الأخرى : { وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } [ الأعراف : 12 ] . الثالث : أنه منتصبٌ على التمييز ، قاله الزَّجَّاج ، وتبعه ابن عطيَّة ، ولا يظهر ذلك ؛ إذ لم يتقدَّم إبهامُ ذاتٍ ولا نسبةٍ .