Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 17-18)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ … } الآية وهذا من باب الزواجر ، أي : يعظكم الله بهذه المواعظ التي بها تعرفون عظم هذا الذنب ، ولأن فيه الحد والنكال في الدنيا والعذاب في الآخرة ، لكي لا تعودوا إلى مثل هذا الفعل أبداً . قوله : " أَنْ تَعُودُوا " فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مفعول من أجله ، أي : يعظكم كراهة أن تعودوا . الثاني : أنه على حذف " في " أي : في أن تعودوا ، نحو : وعطف فلاناً في كذا ، فتركه . الثالث : أنه ضمن معنى فعل يتعدى بـ " عَنْ " ثم حذفت ، أي : يَزْجُرُكُمْ بالوعظ عن العود . وعلى هذين القولين يجيء القولان في محل " أنْ " بعد نزع الخافض . قال ابن عباس : " يحرم الله عليكم " . وقال مجاهد : " يَنْهَاكم اللَّهَ أنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أبداً إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم الآيَات " في الأمر والنهي " وَاللَّهُ عَلِيمٌ " بأمر عائشة وصفوان " حَكِيمٌ " ببراءتهما . واعلم أن العليم الحكيم هو الذي لا يأمر إلا بما ينبغي ، ولا يهمل جزاء المستحقين فلهذا ذكر هاتين الصفتين وخصهما بالذكر . فصل استدلت المعتزلة بقوله : { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } على أن ترك القذف من الإيمان ، لأن المعلق على الشرط يعدم عند عدم الشرط . وأجيبوا بأن هذا معارض بقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ } [ النور : 11 ] أي : منكم أيها المؤمنون ، فدل ذلك على أن القذف لا يوجب الخروج عن الإيمان ، وإذا ثبت التعارض حملنا هذه الآية على التهيج في الاتعاظ والانزجار . فصل قالت المعتزلة : دلت هذه الآية على أنه تعالى أراد مَنْ جميع من وعظه مجانبة ذلك في المستقبل وإن كان فيهم من لا يطيع ، فمن هذا الوجه يدل على أنه يريد منهم كلهم الطاعة وإن عصوا ، ولأن قوله : { يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ } ، أي : لكي لا تعودوا لمثله ، وذلك يدل على الإرادة ، وتقدم الجواب عنه مراراً . فإن قيل : هل يجوز أن يسمى الله واعظاً لقوله : " يَعِظُكُم اللَّهُ " ؟ فالأظهر أنه لا يجوز ، كما لا يجوز أن يسمى الله معلماً لقوله : { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَّمَ ٱلْقُرْآنَ } [ الرحمن : 1 ، 2 ] .