Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 11-16)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي يخلقهم ابتداء ثم يعيدهم بعد الموت أحياء ولم يقل : " يُعِيدُهُمْ " رد على الخلق ، ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ؛ فيجزيهم بأعمالهم ، قرأ أبو بكر ، وأبو عمرو " يَرْجِعُونَ " - بالياء - والآخرون بالتاء . قوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ } قرأ العامة " يُبْلِسُ " ببنائه للفاعل وهو المعروف يقال : أَبْلَسَ الرجل أي انقطعت حجته فسكت وهو قاصر لا يتعدى ، قال العجاج : @ 4036 - يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمـاً مُكْرَسَـا قَـالَ : نَعَـمْ أَعْرِفُـهُ وَأَبْلَسَـا @@ وقرأ السُّلَمِيُّ : " يُبْلَسُ " مبنيّاً للمفعول ، وفيه بعدٌ ، لأن أبْلَسَ يتعدى ، وقد خُرِّجَتْ هذه القراءة على أن القائم مقام الفاعل مصدر الفعل ، ثم حذف ( المضافُ ، وأقيم ) المضاف إليه مُقَامَهُ ، إذ الأصل يُبْلَسُ إبْلاَس المجرمين ، و " يبلس " هو الناصب " ليَوْمَ تَقُومُ " و " يَوْمَئِذٍ " مضاف لجملة تقديرها يَوْمَئِذٍ يقوم وهذا كأنه تأكيد لفظي ، إذ يصير التقدير يبلس المجرمون ( يوم تقوم الساعة ) . فصل قال قتادةُ والكَلْبِيُّ : المعنى يبلس المشركون من كل خير ؛ وقال الفراء : ينقطع كلامهم وحججهم . وقال مجاهد : يفتضحون . ولم يكن لهم شركائهم أصنامهم التي عبدوها ليشفعوا لهم شفعاء ، { وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ } يتبرأون منها وتتبرأُ منهم . قوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } أي بين أهل الجنة من أهل النار ، قال مقاتل : يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار فلا يجتمعون أبداً كما قال تعالى : { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } [ الشورى : 7 ] . قوله : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ } وهي البستان الذي في غاية النضارة ، وقوله : " يُحْبَرُونَ " قال ابن عباس يكرمون . وقال قتادة ومجاهد : يُنَعمون ، وقال مجاهد وأبو عبيدة : يسرون ، والحَبْر والحُبُور السرور . وقيل الحَبْرة في اللغة كل نعمة حسنة والتَّحْبير التَّحْسِينُ يقال هو حسن الحِبرَ والسِّبر بكسر الحاء والسين وفتحهما وفي الحديث : " حَبْرْتُهُ لَكَ تَحْبِيراً " أي حسنت لك صوتي والقرآن تحسيناً ، وجاء في الحديث " يَخْرُجُ من النَّارِ رَجُلٌ ذَهَبَ حَبْرُهُ وسَبْرُهُ " فالمفتوح مصدر والمكسور اسم ، والروضة الجنة ، قيل : ولا تكون روضة إلا وفيها نبت ، وقيل : إلا وفيها ماء ، وقيل : ما كانت منخفضة ، والمرتفعة يقال لها : تُرعة ، وقيل : لا يقال لها روضة إلا وهي في مكان غليظ مرتفع . قال الأعشى : @ 4037 - ما رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الحَـزْنِ مُعْشِبَـةً خَضْـرَاءَ جَـادَ عَلَيْهَـا مُسْبِـلٌ هَطِـلُ @@ وأصل رياضٍ رَواضٌ ، فقلبت الواو ياء على حدِّ حَوْضٍ وحِيَاضٍ ونكر الروضة للتعظيم ، وقال ههنا : " يُحْبَرُونَ " بصيغة الفعل ولم يقل " مَحْبُورُونَ " وقال في الأخرى " ( مُحْضَرُونَ ) " بصيغة الاسم ولم يقل " يُحْضَرُونَ " لأن الفعل يدل على التجديد ، والاسم لا يدل عليه ، فقوله " يحبرون " يعني كل ساعة يأتيهم ما يسرون به ، وقوله " محضرون " أي الكفار في العذاب يبقون ( فيه ) مُحْضَرُونَ .