Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 39-40)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً } ، قرأ ابن كثير أَتَيْتُمْ مقصوراً ، وقرأ الآخرون بالمد أي أعْطَيْتُم ومن قصر فمعناه جِئْتم من رباً ومجيئهم ذلك على وجه الإعطاء كما تقول : أتيت خطأ ، وأتيت صواباً وهو يؤول في المعنى إِلى قول من مَدَّ . قوله : " لِيَرْبُو " العامة على الياء تحت مفتوحة ، أسند الفعل لضمير " الرِّبَا " أي لِيَزْدادَ ، ونافعٌ ويعقوبٌ بتاءٍ من فوق مضمومةً خطاباً للجماعة ، قَالُوا وعلى الأول لامُ الكلمة ، وعلى الثاني كلمةٌ ، وعلى الثاني كلمةٌ ، ضميرُ الغائبينَ . فصل ذكر هذا تحريضاً يعني أنكم إذا طلب منكم واحد باثنين ( تَرْ ) غَبُونَ فيه وتُؤْثِرُونَهُ ، وذلك لا يربو عند الله فاختطاف أموال الناس والزكاة تنمُو عند الله كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقعُ في يَدِ الرَّحْمنِ فَتَرْبُوا حَتَّى تَصِيرَ مِثْلَ الجَبَلِ " فينبغي أَن يكون إقْدَامكُمْ على الزكاة أكثرَ واختلفوا في معنى الآية قال سعيد بين جبير ، ومجاهد وطاوس وقتادة والضحاك وأكثر المفسرين : هو الرجل يعطي عبده العطيَّة لِيُثيبَ أكثر منها ، فهذا جائز حلالاً ، ولكن لا يثاب عليه في الفقه فهو معنى قوله تعالى : { فَلاَ يَرْبُو عِندَ ٱللَّهِ } وكان هذا حراماً على النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة لقوله تعالى : { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } [ المدثر : 9 ] أي لا تعطِ وتطلب أكثر مما أعطيتَ ، وقال النخعي : هو الرجل يعطي صديقة وقريبه ليكثر ماله ، ولا يريد به وجه الله . وقال الشعبي : هو الرجل يَلْتَزِقُ بالرجل فيجزيه ويسافر معه فيحصل له ربح ماله التماس عونه لا لوجه الله فَلاَ يَرْبُو عند الله ؛ لأنه لم يُردْ به وَجْهَ الله { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍَ } أعطيتم من صدقة تريدون وجه الله . قوله : { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } أي أصحاب الأضعاف ، قال الفراء : نحو مُسْمِن ومُعْطِشٍ أي ذي إبل سِمَانٍ وعِطَاشٍ ، وتقول العرب : القوم مُهْزِلُونَ ومُسْمِنُونَ ، إذا هَزِلَتْ وسَمِنَتْ ، فالمُضْعِفُ ذو الأضْعَافِ من الحسنات وقرأ " أبيّ " بفتح العين ، وجعله اسم مفعول . وقوله : ( " فَأُولَئِكَ هُمْ " قال الزمخشري : " التفات حسن كأنه قال لملائكته وخواص خلقه ) فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم " هم المُضْعِفُون " والمعنى هم المُضْعِفُونَ به لأنه من ضمير يرجع إلى ( " مَا انتهى " ) يعني أن اسم الشرط مَتَى كان غير ظرف وَجَبَ عودُ ضميرٍ من الجواب عليه . وقد تقدم ذلك في البقرة عند : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ } [ البقرة : 97 ] ثم قال : " ووجه آخر : وهو أن يكون تقديره فمُؤْتُوه فأولئك هم المضعفون ، والحذف لباقي الكلام من الدليل عليه " ، وهذا أسهل مأخذاً ، والأول أملأ بالفائدة . قوله : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } يجوز في خبر الجلالة وجهان : أظهرهما : أنه الموصول بعدها . والثاني : أنه الجملة من قوله : { هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ } والموصول ( صفة ) للجلالة ، وقدر الزمخشري الرابط المبتدأ ، والجملة الرافعة ( خبراً ) فقال : " من ذلكم " هو الذي ربط الجملة بالمبتدأ ، لأن معناه من أفعاله . قال أبو حيان : والذي ذكره النحويون أن اسم الإشارة يكون رابطاً إذا أشير به إلى المبتدأ ، وأما ذلك هنا فليس بإشارة إلى المبتدأ لكنه شبيه بما أجازه الفراء من الرَّبْطِ بالمعنى وذلك في قوله : { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ } [ البقرة : 234 ] قال : التقدير يَتَرَبَّصْنَ أزواجُهُمْ ، فقدر الرابط بمضاف إلى ضمير " الذين " فحصل به الربط كذلك قدر الزمخشري " من ذلكم " من أفعاله بمضاف إلى الضمير العائد إلى المبتدأ . قوله : " الَّذِي خَلَقَكُمْ " أوجدكم { رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ } جمع في هذه الآية بين الحشر والتوحيد ، أما الحشر فقوله : " يُحْيِيكُمْ " ، وأما الدليل فقدرته على الخلْق ابتداءً وأما التوحيد ، فقوله : { هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَيْءٍ } ثم قال : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي سبحوه تسبيحاً ونزهوه ولا تصفوه بالإشراك " . وقوله : " تَعَالَى " أي لا يجوز ذلك عليه . قوله : " مِنْ شُرَكَائِكُمْ " خبر مقدم و " مِنْ " لِلتَّبْعيض و " مَنْ يَفْعَلُ " هو المبتدأ ، و " ذلِكُمْ " متعلق بمحذوف ، لأنه حال من " شَيء " بعده فإنه في الأصل صفة له و " مِنْ " الثانية مزيدة في المفعول به ؛ لأنه في حَيِّز النفي المستفاد من الاستفهام والتقدير ما الذي يفعل شيئاً مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شركائكم ؟ . وقال الزمخشري : " ومن الأولى والثانية كل واحدة مستقلة تأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم " . وقال أبو حيان : ولا أدري ما أراد بهذا الكلام ؟ وقرأ الأعمش " تشركون " بتاء الخطاب .