Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 71-76)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم إنه تعالى أعاد الوحدانية والدلائل عليها فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ } أي من جملة ما عملت أيدينا أي ما عملناهُ من غير معين ولا ظهير بل عملناه بقدرتنا وإرادتنا { أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ } ضابطون قاهرون أي لم يخلق الأنعام وحشيةً نافرةً من بني آدم لا يقدرون على ضبطها بل هي مسخرة لهم كقوله : " وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ " ، " سَخَّرْنَاهَا لهم " . " فمِنْهَا رَكُوبُهُمْ " أي ما يركبون وهي الإبل " وَمِنْهَا يَأكُلُونَ " من لحمانِها . قوله : " رَكُوبُهُمْ " أي مركوبهم كالحَلُوب والحَصُور بمعنى المفعول وهو لا ينقاس . وقرأ أبيّ وعائشةٌ " رَكُوبَتُهمْ " بالتاء وقد عد بعضهم دخول التاء على هذه الزِّنة شاذاً وجعلها الزمخشري في قول بعضهم جمعاً يعني اسم جمع وإلا فلمْ يرد في أبنية التكسير هذه الزنة . وقد عد ابن مالك أيضاً أبنية أسماء الجموع فلم يذكر فيها فَعُولَةً ، وقرأ الحسنُ وأبو البَرَهسم والأعمش رُكُوبهم بضم الراء ، ولا بدّ من حذف مضاف إما من الأول أي فمن منافعها ركوبهم وإما من الثاني أي ذو ركوبهم . قال ابن خالويه العرب تقول : نَاقَةٌ حَلُوبٌ رَكُوبٌ وَركُوبةٌ حَلُوبَةٌ ورَكْبَاةٌ حَلْبَاةٌ وَرَكَبُوتٌ حَلَبُوتٌ وَرَكَبَى حَلَبَى وَرَكَبُوتَا ( حَلَبُوتَا ) وَركبَانَةٌ حَلْبَانَةٌ وأنشد : @ 4188 - رَكْبَانَةٌ حَلْبَانَةٌ زَفُوفْ تَخْلِطُ بَيْنَ وَبَرٍ وَصُوفْ @@ فصل لما بين الركوب والأكل ذكر غير ذلك فقال : { وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ } فالمراد بالمنافع أصوافها وأوبارها وأشعراها ونسلها وبالمشارب ألبانها ، والمَشَارِب جمع مَشْرب بالفتح مصدراً ومكاناً . ثم قال : " أَفَلاَ يَشْكُرُونَ " ربَّ هذه النعم " وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً " إشارة إلى بيان زياة ضلالهم لأنه كان الواجب عليهم عبادة الله شكراً لأنْعُمِهِ فتركوها ، وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع " لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ " أي ليمنعهم من عذاب الله ولا يكون ذلك ، والضمير في قوله : " لاَ يَسْتَطِيعُونَ " إما للآلهة وإما لعابديها وكذلك الضمائر بعده . قال ابن عباس : لا تَقْدر الأصنام على نصرهم ومَنْعِهم من العذاب { وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ } أي الكفار جند للأصنام فيغضبون لها ويحضرونها في الدنيا وهي لا تسوق لهم خيراً ولا تستطيع لهم نصراً ، وقيل : هذا في الآخرة يؤتى بكل معبود من دون الله ومعه أبتاعه الذين عبدوه كأنه جند ( ه ) يحضرون في النار . وهذا إشارة إلى الحَشْر بعد تقرير التوحيد . وهذا كقوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] وقوله : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 22 - 23 ] . قوله : " فَلاَ يَحْزُنكَ " قد تقدم قراءة " يَحْزُن " و " يُحْزِن " . " قَوْلُهُمْ " يعني قول الكفار في تكذيبك وهذا إشارة إلى الرسالة لأن الخطاب معه بما يوجب تسلية قلبه { إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } ما يسرون في ضمائرهم وما يعلنون من عبادة الأصنام أو ما يعلنون بألسنتهم من الأذى .