Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 110-110)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر الوعيد أتبعه بالدعوة إلى التوبة فقال : { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً } يعني : السَّرِقَة ، { أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } بِرَمْيه البَرِيء ، وقيل : السُّوء : الشِّرْكُ ، وظلم النَّفْسِ : ما دون الشِّرْكِ ، وقيل : المراد بالسُّوء : ما يَتَعَدَّى إلى الغَيْر ، وظلم النَّفْس : ما يَخْتَصُّ به الإنْسَان ؛ كالحَلْف الكَاذِب ، وإنما خَصَّ ما يتعدى إلى الغَيْر باسم السُّوء ؛ لأنَّ ذلك يكون في الأكْثَر إيصَالاً للضَّرَر إلى الغَيْر ، والضَّرَرُ سوءٌ حَاضِرٌ . فأمَّا الذَّنْبُ الذي يَخُصُّ الإنْسَان : فذلك لا يَكُون في الأكثر ضَرَراً حَاضِراً . وقوله : { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ } أي : يَتُبْ إلى الله ويَستغفرهُ { يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } وهذه الآيَة دَلَّتْ على أنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ عن جميع الذُّنُوبِ سواءً كانت كُفْراً ، أو قَتْلاً عَمْداً ، أو غَصْباً للأمْوَال ؛ لأن السُّوء [ و ] ظلم النَّفْسِ يَعُمُّ الكلُّ ، وظاهر الآية يَقْتَضِي أنَّ مجرد الاسْتِغْفَار كَافٍ . وقال بعضهم : إنَّه مقيَّد بالتَّوْبَة ؛ لأنَّهُ لا يَنْفَع الاسْتِغْفَارُ مع الإصرار . وقوله : { غَفُوراً رَّحِيماً } معناه : غفوراً رحيماً له ، وحُذِفَ هذا القَيْد ؛ لدلالة الكَلاَم عَلَيْه . قال الضَّحَّاك : نَزَلَت هذه الآية في وَحْشي قاتلِ حمْزة ، أشْرك باللَّه ، وقتل حَمْزَة ، ثم جاء إلى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني لَنَادِمٌ ، فهل لي من تَوْبَةٍ ؟ . فنزلت هذه الآية . وروى سُفْيَانُ عن ابن مَسْعُودٍ ، قال : من قرأ هَاتَيْن الآيَتين من سُورة النِّسَاء ، ثم اسْتَغْفَرَ ، غُفِرَ له وقرأ : { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ } [ النساء : 110 ] الآية ، { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ } [ النساء : 64 ] الآية . وعن عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قال : حدَّثَنِي أبُو بكر ، وصدق أبُو بكر قال : ما من عَبْدٍ يُذْنِب ذَنْباً ، ثم يَتَوَضَّأُ ، ويُصَلِّي رَكْعَتَيْن ، ويستغفر الله ، إلا غَفَرَ له ، ثم تَلاَ هذه الآيَة [ { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه } الآية قال ابن عَطيَّة : قوله : " يَجِدِ اللَّه " أي : يجد عِنْدَه المَغْفِرة والرَّحْمَة ، فجعل المَغْفِرَة كالمورد يرده التَّائِب ] المُستْغَفِر .