Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 160-162)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - تعالى - : { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } الآية لمَّا ذكر قَبَائِح أفْعَالِ اليَهُودِ ، ذكر عَقِيبَهُ تشديدَهُ - تعالى - عليْهِم في الدُّنْيَا والآخِرَةِ ، أما تَشْدِيدُه في الدُّنْيَا ، فهو تَحْرِيمُ الطَّيِّبَاتِ عليهم وكانتْ مُحَلَّلَةً لهم قَبْل ذلك ؛ لقوله - تعالى - : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } [ الأنعام : 146 ] إلى قوله [ - تعالى - ] : { ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ } [ الأنعام : 146 ] وقيل : لمحمد عليه السلام . قوله سبحانه : " فَبِظُلمٍ " : هذا الجارُّ متعلِّق بـ " حَرَّمْنَا " والباء سببية ، وإنما قُدِّم على عاملِه ؛ تنبيهاً على قبح سبب التحريمِ ، وقد تقدَّم أنَّ قوله : " فَبِظُلْمٍ " بدلٌ من قوله : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ } ، وتقدَّم الردُّ على قائله أيضاً فأغْنَى عن إعادته ، و " مِنَ الذِينَ " صفة لـ " ظُلْم " أي : ظُلْمٍ صادر عن الذين هادُوا ، وقيل : ثَمَّ صفةٌ للظلم محذوفةٌ للعلْمِ بها ، أي : فبظُلْمٍ أيِّ ظُلْمٍ ، أو فبِظُلْمٍ عَظِيمٍ ؛ كقوله : [ الطويل ] @ 1900 - فَلاَ وَأبِي الطَّيْرِ المُرِبَّةِ بِالضُّحَى عَلَى خَالِدٍ لَقَدْ وَقَعْتِ عَلَى لَحْمِ @@ أي : لَحْمٍ عظيمٍ . قوله جلَّ وعلا : " أُحِلَّتْ لَهُمْ " هذه الجملةُ صفةٌ لـ " طَيِّبَات " فمحلُّها نصبٌ ، ومعنى وصفها بذلك ، أي : بما كانَتْ عليه مِنَ الحِلِّ ، ويوضِّحه قراءة ابن عباس : " كانَتْ أُحِلَّتْ لَهُم " والمُرَادُ من ظُلْمِهِم : ما تقدَّم ذِكْرُه من نَقْضِ الميثاقِ ، وكُفْرِهِم بآيَاتِ اللَّهِ ، وبُهْتَانِهِم على مَرْيَمَ ، وقولهم : " إنا قتلنا المسيح " { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ } وهو ما ذُكِرَ في سُورَةِ الأنْعَامِ [ الأنعام : 146 ] " وبصَدِّهِمْ " وبصرْفِهِم أنْفُسهم وغيرهم { عَن سَبِيلِ اللَّهِ } عن دين اللَّهِ . قوله : " كثيراً " فيه ثلاثة أوجه : أظهرها : أنه مفعول به ، أي : بصدِّهم ناساً ، أو فريقاً ، أو جمعاً كثيراً ، وقيل : نصبُه على المصدرية ، أي : صَدّاً كثيراً ، وقيل : على ظرفية الزمان ، أي : زماناً كثيراً ، والأوَّل أوْلَى ؛ لأنَّ المصادر بَعْدها ناصبةٌ لمفاعليها ، فيجري البابُ على سَنَنٍ واحدٍ ، وإنما أعيدتِ الباءُ في قوله : " وَبِصَدِّهِمْ " ولم تَعُدْ في قوله : " وأخْذِهِمْ " وما بعده ؛ لأنه قد فُصِلَ بين المعطوف والمعطوف عليه بما ليس معمولاً للمعطوف عليه ، بل بالعامل فيه وهو " حَرَّمْنَا " وما تعلَّق به ، فلمَّا بَعُد المعطوف من المعطوف عليه بالفصْلِ بما ليس معمولاً للمعطُوف عليه ، أعيدت الباءُ لذلك ، وأمَّا ما بعده ، فلم يُفْصَلْ فيه إلا بما هو معمولٌ للمعطُوفِ عليه وهو " الرِّبَا " . { وَأَخْذِهِمُ ٱلرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ } في التوراة . والجملةُ من قوله تعالى : { وَقَدْ نُهُواْ عَنْه } : في محلِّ نصب ؛ لأنها حاليةٌ ، ونظيرُ ذلك في إعادة الحرفِ وعدمِ إعادته ما تقدَّم في قوله : { فَبِمَا نَقْضِهِم مَّيثَاقَهُمْ } [ النساء : 155 ] الآية . " وبِالبَاطِلِ " يجوز أن يتعلق بـ " أكْلِهِم " على أنها سببيةٌ أو بمحذوفٍ على أنها حال من " همْ " في " أكْلِهِمْ " ، أي : ملتبسين بالباطل . وأمَّا التَّشْدِيدُ في الآخِرَة ، وهو قوله : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } لما وصَفَ طَريقَةَ الكُفَّارِ والجُهَّال من اليَهُودِ ، وصَفَ طَريقَة المُؤمِنِين المُحِقِّين مِنْهُم ، فقال : { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } جيء هنا بـ " لَكِنْ " لأنها بين نقيضين ، وهما الكفارُ والمؤمنون ، و " الرَّاسِخُونَ " مبتدأ ، وفي الخبر احتمالان : أظهرهما : أنه " يُؤمِنُونَ " . والثاني : أنه الجملة من قوله : " أولَئِكَ سنؤتيهم " ، و " فِي العِلْمِ " متعلقٌ بـ " الرَّاسِخُونَ " . و " منْهُمْ " متعلِّق بمحذوفٍ ؛ لأنه حالٌ من الضميرِ المستكنِّ في " الرَّاسِخُونَ " . فصل مَعْنَى الكلام : لَيْس أهْلُ الكِتَابِ كُلُّهُم بهذه الصِّفَةِ ، لكنِ الرَّاسِخُونَ المُبَالِغُون في العِلْم مِنْهُم أولُو البَصَائِر ، وأراد به : الذين أسْلَمُوا ؛ كعَبْد الله بن سلام وأصْحَابه . قوله تعالى : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ } عطفٌ على " الرَّاسِخُونَ " ، وفي خبره الوجهان المذكوران في خبر " الرَّاسِخُونَ " ولكن إذا جَعَلْنا الخبرَ " أولَئِكَ سَنُؤتِيهِمْ " ، فيكون يؤمنون ما محلُّه ؟ والذي يَظْهر أنه جملة اعتراض ؛ لأنَّ فيه تأكيداً وتسديداً للكلام ، ويكون الضَّمير في " يُؤمِنُونَ " يعود على " الرَّاسِخُونَ " و " المُؤمِنُونَ " جميعاً ، ويجوز أن تكون حالاً منهما ؛ وحينئذٍ لا يُقال : إنها حال مؤكِّدة لتقدُّم عاملٍ مشاركٍ لها لفظاً ؛ لأنَّ الإيمانَ فيها مقيَّدٌ ، والإيمانُ الأولُ مُطْلَقٌ ، فصار فيها فائدةٌ ، لم تكُنْ في عاملها ، وقد يُقَالُ : إنها مؤكِّدة بالنسبةِ لقوله : " يُؤمِنُونَ " ، وغيرُ مؤكِّدة بالنسبة لقوله : " الرَّاسِخُونَ " ، والمراد بـ " المُؤمِنُونَ " المهاجُرونَ والأنْصار . قوله سبحانه : " والمُقِيمينَ الصَّلاةَ " قرأ الجمهورِ بالياء ، وقرأ جماعة كثيرة : " والمُقِيمُونَ " بالواو ؛ منهم ابن جُبَيْر وأبو عَمْرو بن العلاء في رواية يونُسَ وهارُونَ عنه ، ومالك بن دينار وعصمة عن الأعمش ، وعمرو بن عبيد ، والجَحْدَرِي وعيسى بن عُمَر وخلائق . فأما قراءةُ الياء ، فقد اضطربَتْ فيها أقوالُ النحاة ، وفيها ستةُ أقوال : أظهرها - وعزاه مكيٌّ لسيبويه ، وأبو البقاء ، للبصريين - : أنه منصوبٌ على القَطْع ، يعني المفيد للمدْحِ ؛ كما في قطع النعوتِ ، وهذا القطعُ مفيدٌ لبيان فضْل الصلاة ، فَكَثُر الكلامُ في الوصفِ بأنْ جُعل في جملة أخرَى ، وكذلك القطعُ في قوله " والمُؤتُونَ الزَّكَاةَ " على ما سيأتي هو لبيانِ فَضْلِها أيضاً ، لكنْ على هذا الوجه يجبُ أن يكونَ الخبرُ قوله : " يُؤمِنُونَ " ، ولا يجوز قوله " أولَئِكَ سَنُؤتِيهِمْ " ، لأن القطع إنما يكون بعد تمامِ الكلام ، قال مكي : " ومَنْ جَعَلَ نَصْبَ " المُقِيمِينَ " على المدحِ جعل خبرَ " الرَّاسِخِينَ " : " يُؤمِنُونَ " ، فإنْ جَعَل الخبر " أولَئِكَ سنُؤتِيهِمْ " لم يجز نصب " المُقِيمِينَ " على المدح ، لأنه لا يكون إلا بعد تمام الكلام " . وقال أبو حيان : " ومن جَعَلَ الخبرَ : أولَئِكَ سَنُؤتيهِمْ فقوله ضعيفٌ " قال شهاب الدين : وهذا غيرُ لازمٍ ؛ لأن هذا القائل لا يَجْعَلُ نصب " المُقِيمينَ " حينئذٍ منصوباً على القطع ، لكنه ضعيفٌ بالنسبةِ إلى أنه ارْتَكَبَ وجْهاً ضعيفاً في تخريج " المقيمين " كما سيأتي . وحكى ابنُ عطية عن قومٍ مَنْعَ نصبه على القَطْع من أجلِ حرف العطف ، والقطعُ لا يكونُ في العطف ، إنما ذلك في النعوت ، ولما استدلَّ الناسُ بقول الخرنِقِ : [ الكامل ] @ 1901 - لا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الذينَ هُمُ سُمُّ العُدَاةِ وآفَةُ الْجُزْرِ النَّازِلِينَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ والطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأزْرِ @@ على جواز القَطْع ، فرَّق هذا القَائِلُ بأنَّ البيت لا عَطْفَ فيه ؛ لأنها قطعت " النَّازِلِينَ " فنصبته ، و " الطَّيِّبُونَ " فرفعتْه عن قولِها " قَوْمِي " ، وهذا الفرقُ لا أثرَ له ؛ لأنه في غير هذا البيت ثَبَت القَطْع مع حرف العطف ، أنشد سيبويه : [ المتقارب ] @ 1902 - وَيَأوي إلَى نِسْوَةٍ عُطَّلٍ وَشُعْثاً مَرَاضِيعَ مِثْلَ السَّعَالِي @@ فنصب " شُعْثاً " وهو معطوف . الثاني : أن يكون معطوفاً على الضمير في " مِنْهُمْ " ، أي : لكن الراسخُونَ في العلْمِ منهم ، ومن المقيمين الصلاة . الثالث : أن يكون معطوفاً على الكاف في " إلَيْكَ " ، أي : يؤمنون بما أُنزل إليك ، وإلى المقيمين الصَّلاة ، وهم الأنبياء . الرابع : أن يكون معطوفاً على " مَا " في " بِمَا أُنْزِلَ " ، أي : يؤمنون بما أُنْزِلَ إلى محمَّد صلى الله عليه وسلم وبالمقِيمينَ ، ويُعْزَى هذا للكسائيِّ ، واختلفت عبارة هؤلاء في " المُقِيمينَ " ، فقيل : هم الملائكةُ ، قال مكي : ويؤمنون بالملائكة الذين صفتُهم إقامةُ الصلاة ؛ كقوله : { يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } [ الأنبياء : 20 ] ، وقيل : هم الأنبياء ، وقيل : هم المسلِمُون ، ويكون على حَذْفِ مضافٍ ، أي : وبدين المقيمين : الخامس : أن يكون معطوفاً على الكاف في " قَبْلِك " أي : ومِنْ قَبْلِ المُقيمينَ ، ويعني بهم الأنبياءَ أيضاً . السادس : أن يكون معطوفاً على نفسِ الظَّرْفِ ، ويكون على حَذْفِ مضاف ، أي : ومن قبل المقيمين ، فحُذِف المضافُ ، وأُقيمَ المضافُ إليه مُقَامَهُ ، فهذا نهايةُ القولِ في تخريجِ هذه القراءةِ . وقد زَعَمَ قومٌ أنها لَحْنٌ ، ونقلوا عن عائشة وأبَانِ بْنِ عثمانَ أنها خطأٌ من جهةِ غلَطِ كاتبِ المصْحَفِ . قالوا : وحُكِيَ عن عَائِشَةَ وأبان بن عُثْمَان ؛ أنه من غَلَط الكَاتِب ، وهذا يعني أنْ يَكْتُبَ : " والمُقِيمُون الصَّلاة " ، وكذلك في سُورة " المائِدة " : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ } [ المائدة : 69 ] ، وقوله : { إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ } [ طه : 63 ] ، قالوا : هذا خطأ من الكَاتِبِ . وقال عُثْمَان : " إن في المُصْحَفِ لَحْناً سَتُقِيمُه العَرَب بألْسِنَتِها " فقيل له : إلا تُغَيِّرُه ، فقال : دَعُوه ؛ فإنَّه لا يُحِلُّ حَرَاماً ، ولا يُحَرِّم حلالاً . وقالوا : وأيضاً فهي في مصحْفِ ابن مسعودٍ بالواو فقط نقله الفراء ، وفي مصحفِ أبَيٍّ كذلك وهي قراءة مالك بن دينار والجَحْدَرِي وعيسى الثقفيِّ ، وهذا لا يَصِحُّ عن عائشة ولا أبَانَ ، وما أحْسَنَ قول الزمخشريِّ رحمه الله : " ولا يُلتفتُ إلى ما زعموا من وقوعه لَحْناً في خط المصْحَف ، وربما التفت إليه مَنْ لم ينظر في الكتاب ، ومَنْ لم يعرف مذاهبَ العَرَبِ وما لهم في النصْبِ على الاختصاص من الافتنانِ ، وغَبِيَ عليه أنَّ السابقين الأولين الذين مَثَلهُم في التوراة ومثلُهم في الإنجيل ، كانوا أبعدَ همةً في الغَيْرَةِ عن الإسلام وذَبِّ المَطَاعِن عنه من أن يقولوا ثُلْمَةً في كتاب الله ؛ ليسُدَّها من بَعْدَهم ، وخَرْقاً يَرْفُوهُ مَنْ يلحَقُ بهم " . وأمَّا قراءةُ الرفْعِ ، فواضحةٌ . قوله تعالى : { وَٱلْمُؤْتُونَ } فيه سبعةُ أوجهٍ أيضاً : أظهرها : أنه على إضمار مبتدأ ، ويكون من باب المدحِ المذكورِ في النصب وهذا أوَّل الأوجه . الثاني : أنه معطوفٌ على " الرَّاسِخُون " ، وفي هذا ضَعْفٌ ؛ لأنه إذا قُطِعَ التابعُ عن متبوعه ، لم يَجُزْ أن يعود ما بعده إلى إعراب المتبوعِ ، فلا يُقالُ : " مَرَرْتُ بِزَيْدٍ العَاقِلَ الفَاضلِ " بنصب " العَاقِل " ، وجر " الفاضل " ، فكذلك هذا . الثالث : أنه عطفٌ على الضمير المستكنِّ في " الرَّاسِخُونَ " ، وجاز ذلك للفصل . الرابع : أنه معطوفٌ على الضمير في " المُؤمِنُونَ " . الخامس : أنه معطوفٌ على الضمير في " يُؤمِنُون " . السادس : أنه معطوفٌ على " المُؤمِنُونَ " . السابع : أنه مبتدأ وخبره " أولئك سَنُؤتيهمْ " ، فيكون " أولئك " مبتدأ ، و " سُنؤتِيهِمْ " خبره ، والجملةُ خبرُ الأوَّلِ ، ويجوزُ في " أولَئِكَ " أن ينتصِبَ بفعلٍ محذوفٍ يفسِّرهُ ما بعده ، فيكون من باب الاشتغال ، إلا أنَّ هذا الوجه مرجوحٌ من جهةِ أنَّ " زَيْدٌ ضَرَبْتُهُ " بالرفع أجودُ من نصبه ؛ لأنه لا يُحْوِجُ إلى إضمار ؛ ولأنَّ لنا خلافاً في تقديم معمول الفعل المقترن بحرف التنْفِيسِ في نحو " سأضْرِبُ زَيْداً " منع بعضهم " زَيْداً سَأضْرِبُ " ، وشرطُ الاشتغالِ جوازُ تسلُّط العامل على ما قبله ، فالأولى أن نَحْمِلَهُ على ما لا خلاف فيه ، وقرأ حمزة : " سَيُؤتيهِمْ " بالياء ؛ مراعاةً للظاهر في قوله : " والمُؤمِنُونَ بالله " ، والباقون بالنون على الالتفات تعظيماً ، ولمناسبةِ قوله : " وأعْتَدْنَا " . فصل والعُلَمَاءُ على ثلاثةِ أقسام : [ الأوَّل ] : علماءٌ بأحْكَام اللَّهِ فقط . [ الثاني ] : عُلماءٌ بِذاتِ اللَّه وصفاته فقط . [ الثالث ] : عُلَمَاء بأحْكام اللَّه ، وبِذاتِ اللَّهِ . والله [ - تعالى - ] وصف العُلَمَاءَ أوَّلاً : بِكَوْنِهِم رَاسخين في العِلْمِ ، ثم شَرَح ذلك مُبيِّناً : أولاً : كَوْنهم عالِمِين بأحْكَامِ الله ، وعَامِلِين بِهَا . أما عِلْمُهُم بأحْكَامِ الله ، فهو قوله [ - تعالى - ] : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } . وأما عَمَلُهُم بِهَا ، فهو قوله : { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } وخصَّهُمَا بالذِّكْر ؛ لِكونهما أشْرَف الطَّاعَاتِ البَدَنيَّة والماليَّة . ولمَّا شرح كَوْنَهُم عالِمِينَ بالأحْكَامِ وعَامِلِين بها ، شَرَح بَعْدَهُ كونَهُم عالمين بالله . وأشرف المعارف العلم بالمبدأ ، والمعاد ؛ فالعلم بالمَبْدَأ قوله - تعالى - : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } ، والعلم بالمعاد قوله : { وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ } .