Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 51-51)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال المفسِّرُون : خرج كَعْبُ بنُ الأشْرَفِ ، وحُيَيّ بن أخْطَبَ ، فِي سَبْعِينَ رَاكِباً من اليَهُودِ إلى مَكَّةَ بعد وَقْعَةِ أحُد ؛ ليُحالفُوا قُرَيْشاً ، على مُحَارَبَةِ الرَّسُولِ - عليه الصَّلاة والسلام - ويَنقُضُوا العهدَ الذي كان بينَهُم وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فنزل كَعْبٌ علَى أبِي سُفْيانَ ؛ فأحْسنَ مَثْوَاهُ ، ونزلت اليهودُ في دُورِ قُرَيْشٍ ، فقال أهْلُ " مكةَ " : إنكم أهل كتاب ، ومُحَمَّدٌ صاحبُ كِتابٍ ، ولا نأمَنُ أن يكُونَ هذا مَكْراً مِنكم ، فإن أرَدْتَ أن نخرجَ مَعَكَ ، فاسْجُدْ لهذين الصَّنَميْنِ وآمنوا بهما ، فَفَعلُوا ذلك ؛ فذلك قوله تعالى : { يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّاغُوتِ } . ثم قال كَعْبٌ لأهْلِ مَكَّةَ : ليجيء منكم [ الآن ] ثلاثُونَ ومِنَّا ثلاثُونَ فنلْزقَ أكْبَادنا بالكعبةِ ؛ فنعاهد رَبَّ هذا البيتِ ، لنجهدنَّ على قِتَالِ مُحَمَّدٍ ؛ فَفَعلُوا ، ثُمَّ قال أبُو سُفْيانَ لِكَعْبٍ : إنَّك امرؤٌ تَقْرَأُ الكِتَابَ ، وتَعْلَمُ ، ونحنُ أُمُّيُّون ، ولا نَعلَمُ ، فَأيُّنَا أهْدَى طَريقاً : نَحْنُ أم مُحَمَّدٌ ؟ فقال كَعْبٌ لأبي سُفْيان : اعرضُوا عليَّ دينكم ، فقال أبُو سُفْيَانَ : نحن نَنْحَرُ للحَجِيج الكُومَاء ، ونَسْقيهمُ [ الماء ] ونَقْري الضَّيْفَ ، ونُقِلُّ العَانِي ، ونَصِلُ الرَّحِمَ ، ونعَمِّرُ بين رَبِّنَا ، ونطوفُ به ، ونحنُ أهْلُ الحَرَم ، ومحمدٌ فارق دينَ آبَائِهِ ، وقطعَ الرَّحمَ ، وفارقَ الحَرَمَ ، ودينُنَا القَديمُ ، ودينُ محمدٍ الحديثُ ، فقال كَعْبٌ : أنْتُمْ واللَّهِ أهْدَى سَبِيلاً مَمَّا عليه محمدٌ ؛ فنزلتْ هذه الآيةُ . قوله : { يُؤْمِنُونَ } فيه وجهانِ : أحدُهُمَا : أنه حَالٌ إمَّا من : " الذين " وإمَّا مِنْ واوِ " أوتوا " ، و " بالجبت " مُتعلِّقٌ به ، و " يقولون " عطفٌ عليه ، و " الذين " مُتعلِّقٌ بـ " يقولون " ، واللامُ ؛ إمَّا للتبيلغِ ، وإمَّا لِلْعلةِ ؛ كنظائرها ، و " هؤلاء أهدى " مُبْتَدأٌ وخَبَرٌ في محل نَصْبٍ بالقول و " سبيلاً " تَميِيزٌ . والثَّانِي : أنَّ " يؤمنون " مُستأنَفٌ ، وكأنَّه تعجَّبَ مِنْ حَالِهم ؛ إذْ كَانَ يَنْبَغِي لِمَنْ أوتِيَ نَصيباً من الكتاب ؛ ألاَّ يَفْعَلَ شَيْئاً مِمَّا ذُكِرَ ، فَيكُونُ جواباً لِسُؤالٍ مُقَدَّرٍ ؛ كأنَّهُ قيلَ : ألاَ تَعْجَبُ مِنْ حَالِ الذِين أوتُوا نَصِيباً من الكتاب ؟ فقيل : وما حَالُهم ؟ فقالَ : يؤمِنُون [ ويقولُونَ ، وهذان ] منافيان لحالهم . والجِبْتُ : حَكَى القَفَّالُ ، وغيرهُ ، عَن بَعْضِ أهلِ اللُّغَةِ : وهو الجِبْسُُ ، بِالسِّينِ المُهْمَلَةِ ، أُبدلتْ تاءً ، كالنَّات ، والأكْيَاتِ ، وست ؛ في النَّاسِ ، والأكياسِ ، وسدس ، قال [ الرجز المشطور ] @ 1809 - … شِرَارَ النَّاتِ لَيْسُوا بِأجْوَادٍ ولاَ أكْيَاتِ @@ والجبس : هو الذي لا خير عنده . يُقالُ رَجِلٌ جِبس ، وجِبتٌ ، أيْ : رَذْلٌ ، قِيلَ : وإنما ادَّعَى قلبَ السِّين تاءً ؛ لأنَّ مَادَةَ ( ج ب ت ) مُهْمَلَةٌ . قَالَ قُطْرُبٌ : وغيرهُ يَجْعَلُها مَادَّةً مُسْتَقِلَّةً ، وقِيل : الجِبْتُ : السَّاحِرُ بلُغَةِ الحَبَشَةِ ، والطَّاغُوتُ : الكَاهِنُ ، قالهُ سعيدُ بنُ جُبَيْر ، وأبُو العَالِيَةِ ، وقال عِكْرمَةُ : هما صَنَمانِ ، وقال أبُو عُبَيْدَةَ : هُما كُلُّ مَعْبُودٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ . وقال عُمَر : الجِبْتُ : السِّحْرُ ، والطاغُوتُ : الشَّيْطَانُ ؛ وهو قَوْلُ الشَّعْبِيِّ ، ومُجاهِدٍ ، وقال مُحمدُ بنُ سيرينََ ، ومَكْحُولٌ : الجِبْتُ : الكاهِنُ ، والطَّاغُوتُ : السَّاحِرُ ، ورُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ : الجِبْتُ : - بلسانِ الحبَشَةِ - : شَيْطَانٌ ، وقال الضَّحَّاكُ : الجبتُ : حُيَيُّ بنُ أخْطب ، والطَّاغُوتُ : كَعْبُ بنُ الأشْرَف ، وقِيل : الجبتُ كُلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ، والطاغوتُ : كُلُّ ما يُطْغي الإنْسانَ . ورَوى قَبيصةُ : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : العِيافَةُ : والطَّرْقُ ، والطِّيرةُ : مِنَ الجِبْتِ . الطَّرْقُ : الزَّجْرُ ، والعِيَافَة : الحط .