Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 38-46)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ } أي طريق الهدى { يٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا مَتَاعٌ } أي متعةٌ تنتفعون بها مرة ثم تنقطع { وَإِنَّ ٱلآخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلْقَـرَارِ } التي لا تزول ، ثم قال : { مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } تقدم االخلاف في قوله : " يدخلون الجنة " في سورة النساء . وقال مقاتل : لا تبعة عليهم فيما يُعْطَوْنَ في الجنة من الخيرات . واختلفوا في تفسير قوله : " بِغَيْرِ حِسَابٍ " فقيل : لما كان لا نهاية لذلك الثواب قيل : بغير حساب ، وقيل : لأنه تعالى معطيهم ثواب آبائِهِمْ ، ويضم إلى ذلك الثواب من التفضيل ما يخرج من الحساب واقع في مقابلة : " إلاّ مثلها " يعني أن جزاء السيئة له حساب وتقدير ، لئلا يزيد على الاستحقاق فأما جزاء العمل الصالح فبغير تقدير وغير حساب ، وهذا يدل على أن جانب الرحمة والفضل راجحٌ على جانب العقاب ، فإذا عارضنا عُمُومَاتِ الوَعِيدِ بعُمُومَاتِ الوَعْد وجب أن يكون الترجيحُ لجانبِ عُمُومَاتِ الوعد ، وذلك يهدم قواعد المعتزلة . فصل احتج أهل السنة بهذه الآية ، فقالوا : قوله : { وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً } نكرة في معرض الشرط في جانب الإثبات فجَرَى مَجْرَى أن يقال : " من ذكر كلمة أو من خطا خطوة فله كذا " فإنه يدخل فيه أنّ من آمن بتلك الكلمة أو بتلك الخطوة مرة واحدة فكذلك ها هنا وجب أن يقال : كُلُّ من عمل صالحاً واحداً من الصالحات فإنه يدخل الجنة ، ويُرْزَقُ فيها بغير حساب ، والآتي بالإيمان والمواظب على التوحيد والتنزيه والتقديس مدة ثمانين سنة قد أتى بأعظم الطاعات ، وبأحسن الطاعات ، فوجب أن يدخل الجنة ، والخصم يقول : إنه يَخْلُدُ في النار أَبَدَ الآباد ، وذلك مخالف لهذا النص الصريح . قالت المعتزلة : إنه تعالى شرط فيه كونه مؤمناً ، ومرتكب الكبيرة عندنا ليس بمؤمن ، فلا يدخل في هذا الوعد والجواب ما تقدم في قوله : " يُؤْمِنُون بالغَيْبِ " فإن صاحب الكبيرة مؤمن فَسَقَطَ كلامُهُمْ . فصل دلت هذه الآية على اعتبار المماثلة في الشريعة ، وأن الزائد على المِثْلِ غير مشروع ، وليس في الآية بيان أن تلك المماثلة معتبرةٌ في أي الأمور ، فلو حملناها على رعاية المماثلة في جميع الأمور صارت الآية عامةً خاصة . وقد ثبت في أصول الفقه أن التعارض إذا وقع بين الإجمال والتخصيص كان الأول أولى ، فوجب أن تحمل هذه الآية على رعاية المماثلة من كل الوجوه إلا ما خَصّهُ الدليل وإذا ثبت ذلك بني عليه أحكامٌ كثيرة من الجنايات على النفوس والأعضاء والأموال ؛ لأنه تعالى بين أنَّ جزاءَ السيئة مقصورٌ على المِثْلِ ، وبين أن جزاء الحسنة ليس مقصوراً على المِثْلِ بل هو خارج عن الحساب . قوله تعالى : { وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } . قوله تعالى : { وَيٰقَوْمِ } قال الزمخشري : فَإن قُلْتَ : لِمَ جاء بالواو في النداء الثالث دون الثاني ؟ قلت : لأن الثانيَ داخل على كلام هو بيان للمجمل ، وتفسير له ، فأعطي الداخل عليه حكمه في امتناع دخول الواو . وأما الثالث فداخلٌ على كلام ليس بتلك المَثَابَةِ ، أي كلام مباين للأول والثاني ، فَحَسُنَ إيرادُ الواو العاطفة فيه . وكرر النداء لأن فيه زيادةَ تنبيه له وإيقاضاً من سنة الغفلة ، وأظهر أن له بهذا مزيدَ اهتمامٍ ، وعلى أُولئك الأقوام فرط شفقة . قوله : { وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } هذه الجملة مستأنفة ، أخبر عنهم بذلك بعد استفهام عن دعاء نفسه ويجوز أن يكون التقدير : وما لكم تدعونني إلى النار ، وهو الظاهر ، ويضعف أن تكون الجملة حالاً ، أي مالكم أدعوكم إلى النجاة حال دعائكم إياي إلَى النار . قوله : " تَدْعُونني " هذه الجملة بدل من " تَدْعُونَنِي " الأولى على جهة البيان لها . وأتى في قوله " تَدْعُونَنِي " بجملة فعلية ؛ ليدل على أن دعوتهم باطلة لا ثبوت لها ، وفي قوله : " وَأَنَا أَدْعُوكُمْ " بجملة إسميَّة ؛ ليدل على ثُبُوتِ دعوته وتَقْوِيَتِهَا . فصل معنى قوله : " مَالَكُمْ " كقولك : ما لي أراك حزيناً ، أي ما لك ، يقول : أخبروني عنك ، كيف هَذِهِ الحال ؟ أدعوكم إلى النجاة من النار بالإيمان بالله ، وتدعونني إلى النار بالشرك الذي يُوجِبُ النار ، ثم فسر فقال { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } . والمراد بنفي العلم نفي الإله كأنه قال : وَأُشْرك به ما ليس لي بإله ، وما ليس إله كيف يُعْقَلُ جَعْلُهُ شريكاً للإله ؟ ولما بين أنهم يدعونه إلى الكفر بيَّنَ أنه يدعوهم إلى الإيمان بالعزيز الغَفَّارِ ، " العزيز " في انتقامه ممن كفر ، " الغفار " لذنوب أهل التوحيد . فقوله : " العَزِيزِ " إشارة إلى كونه كامل القدرة ، وأما فرعون فهو في غاية العجز ، فكيف يكون إلهاً ؟ وأما الأصنام فهي حجارة منحوتة فكيف يعقل كونها آلهة ؟ قوله : " الغَفَّار " إشارة إلى أنهم يجب أن لا يَيْأَسُوا من رحمة الله بسبب إصرارهم على الكفر مُدّةً مَدِيدَة فَإنَّ إله العَالَم ، وإن كان عَزِيزاً لا يُغْلبُ ، قادراً لا يعارض ، لكنه غفار يغفر كفر سبعينَ سنة بإيمان ساعةٍ واحدةٍ . قوله : " لاَ جَرَمَ " تقدم الخلاف في " لاَ جَرَمَ " في سورة هود في قوله : { لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } [ هود : 22 ] ، وقال الزمخشري هنا : " ورُوِيَ عن بعض العرب : لا جُرْمَ أنه يفعل كذا بضم الجيم وسكون الراء بمعنى : لا بُدَّ . وَفَعَلٌ وَفُعْلٌ أخوان كَرَشَدٍ ، وَرُشْدٍ ، وعَدَمٍ ، وَعُدْمٍ " . وشأنه على مذهب البصريين أن يجعل رداً على دعاه إليه قَوْمُهُ . و " جَرَمَ " فَعَلٌ بمعنى حَق ، و " أَنَّ " مع ما في حيّزها فاعله ، أي وَجَبَ بُطْلانُ دَعْوَتِهِ ، أو بمعنى كَسَبَ من قوله تعالى : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ } [ المائدة : 2 ] أي بسبب ذلك الدعاء إليه بطلان دعوته بمعنى أنه ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته . ويجوز أن يقال إنّ " لاَ جَرَمَ " نظير " لاَ بُدَّ " فَعَلَ من الجَرْم وهو القطع كما أن " بُدًّا " فعل من التبديد وهو التفريق ، وكما أن معنى : لاَ بُدَّ أنكَ تَفْعَلُ كذا بمعنى لاَ بُدَّ لك من فِعْلِهِ ، فكذلك { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ } [ النحل : 62 ] أي لاَ قَطْعَ لذلك بمعنى أنهم أبداً يستحقون ( العقاب ) النار لا انقطاع لاسْتِحْقَاقِهِمْ ، ولا قطع لبُطْلاَن دعوة الأصنام أي لا تزال باطلةً لا ينقطع ذلك فينقلب حقًّا . فصل قال البغوي : " لاَ جَرَمَ " حقاً { أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ } أي للدين دعوة في الآخرة قال السدي ( رحمه الله ) لا يستجيب لأحد في الدنيا ولا في الآخرة يعني ليست له استجابة دعوة ، فسمى استجابة الدعوة دعوة ، إطلاقًاً لاسم أحد المضافين على الآخر ، كقوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها . وقيل : ليستْ له دعوة أي عبادة في الدنيا ؛ لأن الأوثانَ لا تَدَّعِي الربوبية ، ولا تدعو إلى عبادتها وفي الآخرة تتبرأ من عابديها . ثم قال : " وأَنَّ مَرَدَّنَا " أي مرجعنا " إلَى اللهِ " فيجازي كُلاًّ بما يَسْتَحِقُّهُ ، " وَأَنَّ المُسْرِفِينَ " المشركين { هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } . قاله قتادة . وقال مجاهد : السفاكين الدماء . ولما بالغ مؤمن آل فرعون في هذا البيان ختم كلامه بخاتِمَةٍ لطيفة فقال : { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } وهذا كلام مبهم يوجب التخويف ، وهذا يحتمل أن يكون المراد منه أن هذا الذكر يحصل في الدنيا أي عند الموت ، وأن يكون في القيامة عند مشاهدة العذاب حين لا ينفعكم الذكر . قوله : " وَأُفَوِّضُ " هذه مستأنفة . وجواز أبو البقاء أن تكون حالاً من فعال " أقولُ " . وفَتَحَ نافعٌ وأبُوا عَمْرو الياء من : أمري ، والباقون بالإسكان . فصل لما خوفهم بقوله : { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } توعدوه وخوفوه فعول في دفع تخويفهم وكيدهم ومكرهم على الله بقوله : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } وهو إنما تعلم هذه الطريقة من موسى عليه الصلاة والسلام حين خوّفة فرعون بالقتل فرجع موسى في دفع ذلك الشر إلى الله تعالى فقال : { إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ غافر : 27 ] . ثم قال : { إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ } . أي عالم بأحوالهم يعلم المحقَّ من المُبطل . قوله : { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } . قال مقاتل : لما قال هذه الكلمات قصدوا قتله فهرب منهم إلى الجبل فطلبوه ، فلم يهتدوا عليه . وقيل : المراد بقوله : فوقاه الله سيئات ما مكروا أنه قصدوا إدخاله في الكفر ، وصرفه عن الإسلام ، فوقاه الله من ذلك . والأول أولى ، لأن قوله بعد ذلك : { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } لا يليق إلا بالوجْهِ الأول . وقرأ حمزة وَحِيقَ بكسر الحاء وكذلك في كل القرآن والباقون بالفتح . قال قتادة : نجا مع مُوسَى ، وكان قِبْطِيًّا . " وَحَاقَ " نزل " بآل فرعون سواء العذاب " الغرق في الدنيا ، والنار في الآخرة . قوله : " النَّارُ " الجمهور على رفعها ، وفيه ثلاثةُ أوجهُ : أحدهما : أنه بدل من : " سوء العذاب " قاله الزجاج . الثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أي سُوء العذابِ النارُ ، لأنه جواب لسؤال مقدر ؛ و " يُعْرَضَونَ " على هذين الوجهين يجوز أن يكون حالاً من " النار " ، ويجوز أن يكون حالاً من " آل فرعون " . الثالث : أنه مبتدأ ، وخبره : " يُعْرََضُونَ " . وقُرِىءَ النَّارَ منصوباً ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه منصوب بفعل مضمر يفسره يعرضون من حيث المعنى أي يصلونَ النارَ يُعْرَضُونَ عليها كقوله : { وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ } [ الإنسان : 31 ] . الثاني : أن ينتصب على الاختصاص ، قال الزمخشري : فعلى الأول لا محل " لِيُعْرَضُونَ " ؛ لكنه مفسراً ، وعلى الثاني هو حال كما تقدم . فصل دلت هذه الآية على إثبات عذاب القبر ؛ لأن الآية تقتضي عرض النار عليهم غُدُوًّا وعَشِيًّا ، وليس المراد منه يوم القيامة ، لقوله بعده { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } ، وليس المراد منه أيضاً الدنيا ؛ لأن عرض النار عليهم غدوًّا وعشياً ما كان حاصلاً في الدنيا فثبت أن هذا العرض إنما حصل بعد الموت ، وقبل القيامة . وذلك يدل على إثبات عذاب القبر في حق هؤلاء ، وإذا ثبت في حقهم ثبت في غيرهم لأنه لا قائل بالفَرْقِ . فإن قيل : لا يجوز أن يكون المراد من عرض النار عليهم غدواً وعشياً عرض القبائح عليهم في الدنيا لأن أهل الدين إذا ذكروا لهم الترغيب والترهيب ، وخوّفهم بعذاب الله فقد عرضوا عليهم النار . ثم في الآية ما يمنع حمله على عذاب القبر وبيانه من وجهين : أحدهما : أن ذلك العذاب يجب أن يكون دائماً غير منقطع . وقوله : { يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } يقتضي أن لا يحصُلَ ذلك العذاب إلا في هذين الوقتين فثبت أن هذا لا يمكن حمله على عذاب القبر . الثاني : أن الغدوةَ والعشيةَ إنما يحصلان في الدنيا ، أما في القيامة فلا وجود لهما ، فثبت أنه لا يمكن حمل هذه الآية على عذاب القبر . والجواب على الأول : أن في الدنيا عرض عليهم الكلمات التي تذكرهم أمر النار ، ولم يعرض عليهم نفس النار ، وهذا لظاهر الآية ، وارتكاب المجاز ، وأما قولهم : الآية تدل على حصول العذاب في هذين الوقتين وذلك لا يجوز فالجواب لِمَ لا يجوز أن يكتفى في القبر بإيصال العذاب إليه في هذين الوقتين ، ثم عند قيام يُلْقَى في النار ، فيدوم عذابه حينئذٍ ، وأيضاً لا يمتنع أن يكون ذكر الغَدْوَةِ والعشية كناية عن الدوام ، كقوله تعالى : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } [ مريم : 62 ] وأما قولهم : إنه ليس في القبر والقيامة غدوة وعشية قلنا : لِمَ لا يجوز أن يقال : إن ( عند ) حصول هذين الوقتين لأهل الدنيا يعرض عليهم العذاب . فصل قال ابنُ مَسعُود رضي الله عنه أرواح آل فرعون في أجْوَاف طيرٍ سُودٍ يعرضون على النار كل يوم مرتين تغدوا وتروح إلى النار ، يقال : يا آل فرعون هذه منازلكم . وقال قتادة ، والسدي والكلبي : تعرض روح كل كافر على النار بُكْرَةً وعَشِيًّا ما دامتْ الدنيا . وروى ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحَدَكُم إذَا مَاتَ عُرِضَ عليه مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ والْعَشِيِّ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ، وإنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فيقال : هذا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ القِيَامةَ " . قوله : " وَيَوْمَ تَقُومُ " فيه ثلاثة أوجهٍ : أظهرها : أنه معمول لقول مضمر ، وذلك القول المضمر محكي به الجملة الأمرية من قوله : " أَدْخِلُوا ، والتقدير : يقال لهم يوم تقوم الساعة : أَدْخِلُوا . الثاني : أنه منصوب " بأدْخِلُوا " أي أدخلوا يوم تقوم ، وعلى هذه الوجهين ، فَالْوقَفُ تامٌّ على قوله : " وَعَشِيًّا " . الثالث : أنه معطوف على الظرفين قبله ، فيكون معمولاً ليُعْرَضَونَ ، والوقف على هذا قوله : " الساعة " . و " ادخلوا " معمول لقول مضمر ، أي يقال لهم كذا . وقرأ الكسائيُّ وحمزةٌ ونافعٌ وحفصٌ أدْخِلُوا بقط الهمزة وكسر الخاء ، أي يقال للملائكة أدخلوا ، أَمْراً من " أَدْخَلَ " " فآل فرعون " مفعولٌ أول ، و " أشد العذاب " مفعول ثانٍ ، والباقون بهمزة وصل ، من دَخَلَ يَدْخُلُ ، فآل فِرْعونَ منادَى حذف حرف النداء منه و " أَشَدّ " منصوب به ، إما ظرفاً ، وإما مفعولاً به . أي ادخلوا يا آل فِرْعَون في أشد العذاب . قال ابن عباس رضي الله عنهما يريد ألوان العذاب ، غير العذاب الذي كانوا يعذبون به منذ غرقوا .