Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 64-64)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في هذه الحكاية قولان : أحدهما : أنه خبر محض ، وزعم بعضهم أنه على تقدير همزة استفهام ، تقديره : " أيد الله مغلُولة " ؟ قالوا ذلك لمَّا قَتَّر عليهم معيشتهم ، ولا يحتاج إلى هذا التقدير . قال ابنُ الخطيب : في هذا الموْضِع إشكَالٌ ، وهُو أنَّ اللَّه تعالى حكى عن اليَهُودِ أنَّهُمْ قالوا ذَلِك ، ولا شَكَّ في أنَّ اللَّهَ تعالى صَادِقٌ في كُلِّ ما أخْبَر عنه ، ونرى [ اليهُود ] مُطبقِين مُتَّفِقِين على أنَّا لا نَقُولُ ذلكَ ولا نعْتَقدهُ ، والقولُ : بأنَّ { يَدُ اللَّهِ مغْلُولَةٌ } باطل بِبَديهَةِ العَقْل ؛ لأنَّ قَوْلَنَا : اللَّهَ اسمٌ لموْجُودٍ قديم ، قادرٍ على خَلقِ العَالم وإيجَادِه وتكوينه ، وهذا الموجُود يَمْتَنِعُ أن تكون يدُهُ مَغْلُولة مُقيَّدة قَاصِرَة ، وإلاَّ فَكَيْفَ يُمْكِنُه ذلك مع قُدْرته النَّاقِصَة حِفْظ العَالم وتدبيره . إذا ثَبَتَ هذا فقد حَصَل الإشْكال في كَيْفِيَّة تَصْحيح هذا النَّقْل وهذه الرِّواية فَنَقُول فيه وُجُوهٌ : الأوَّل : لَعَلَّ القَوْم إنَّما قالوا هذا القَوْل على سَبِيلِ الالتزام ؛ فإنَّهُم لمَّا سَمِعُوا قوله تعالى : { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ البقرة : 245 ] قالوا : لو احْتَاج إلى القَرْضِ لكَانَ فَقِيراً عاجِزاً [ فلما حكموا بأنَّ الذي يسْتَقْرِضُ من عبادهَ شَيْئاً فقيرٌ مُحْتَاج مَغْلُولُ اليديْن ، لا جرم حكى اللَّهُ عَنْهُم هذا الكلام ] . الثاني : لعَلَّ القوم لمَّا رأوا أصْحَاب الرَّسُول عليه الصلاة والسلام في غَايَةِ الشِّدَّةِ والفَقْرِ والحَاجَةِ ، قالُوا ذلك على ذلك سَبيلِ السُخْرِيَةِ والاسْتِهزاء . قالوا : إنَّ إله مُحَمَّدٍ فَقِير مَغْلُولُ اليَدِ ، فَلما قالوا ذلك حَكَى اللَّه تعالى عَنْهُمْ هذا الكلام . الثالث : قال المُفَسِّرُون - رحمهم الله - : كانُوا أكثر النَّاسِ مالاً وثَرْوَة ، فلما بَعَثَ اللَّهُ محمداً - صلَّى اللَّه عليه وعلى آله وسلم - فكذبَّوُه ضَيَّقَ اللَّهُ عليهم المَعيشَةَ ، فعند ذلك قالت اليَهُود : { يَدُ اللَّه مَغْلُولَةٌ } أي : مَقْبُوضَةٌ من العَطَاءِ على جِهَةِ الصِّفَةِ بالبُخْل ، والجاهلُ إذا وقع في البلاءِ والشِّدَّة والمِحْنَة يقول مثل هَذِه الألْفَاظ . الرابع : لعلَّه كان فيهم مِمَّن كان على مَذْهَبِ الفَلْسَفَة ، وهو أنَّهُ مُوجِبٌ لذاتِه ، وأنَّ حدوث الحوادث عنه لا يمكن إلا على نَهْجٍ واحدٍ وهو أنَّهُ تعالى غير قادر على إحْداثِ الحوادِثِ على غير الوُجُوه الَّتِي عليها تقع ، فَعَبَّرُوا عن عَدَمِ الاقْتِدَار على التَّغْيِير والتبْدِيل بغلِّ اليَد . الخامس : قال بعضهم : المراد منه - هو قَوْلَ اليَهُود أنَّ اللَّه تعالى لا يعذِّبُنَا إلا قدْرَ الأيَّامِ التي عَبدْنَا فيها العِجْلَ - إلاَّ أنهم عبَّروا على كونه تعالى غير مُعَذِّبٍ لهم إلاَّ هذا القدر من الزمان بهذه العبارة الفاسدة ، واسَتْوجَبُوا اللَّعن بِسَبَبِ فساد العِبَادَة ، وعدم رِعَايَة الأدَب ، وهذا قول الحسن . قال البغوي بعد أن حَكَى قولَ المُفَسِّرين ، ثم بعده قول الحَسَن : والأوَّلُ أوْلَى لمعنى قول المفسرين لِقَوْله تعالى بَعْدَ ذلك : { يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } . وقوله : { غُلَّتْ أيدِيهِمْ وَلُعِنُوا } يحتمل الخبرَ المَحْضَ ، ويحتمل أن يُرادَ به الدعَاءُ عليهم أي : أمْسَكَتْ أيْديهم عن الخَيْرَات ، والمعنى : أنَّه - تعالى - يُعَلِّمُنَا الدُّعَاءَ عليهم ، كما عَلَّمَنَا الدُّعَاءَ على المُنافقين في قوله تعالى : { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } [ البقرة : 10 ] فإن قيل : كان يَنْبَغي أن يُقَال : " فَغُلَّتْ أيديهم " . فالجَوَاب : أنَّ حَرْفَ العَطْف وإنْ كان مُضْمَراً إلا أنَّهُ حُذِفَ لفائدة ، وهي أنَّه لما حُذِفَ كان قوله " غُلَّتْ أيْدِيهم " كالكلام المبتدأ به ففيه [ زيادة ] قُوَّة ؛ لأنَّ الابْتِدَاء بالشَّيْء يَدلُّ على شِدَّةِ الاهْتِمَام به وقُوَّة الاعْتِنَاء ، ونَظِيرُه في الحَذْفِ والتَّعْقِيب قوله تعالى { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً } [ البقرة : 67 ] ولَمْ يَقُل : فقالوا أتَتَّخِذنَا . وقيل : هو من الغلِّ يوم القِيَامَةِ في النَّار كقوله تعالى : { إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ } [ غافر : 71 ] . " ولُعِنُوا " عُذِّبوا " بما قالوا " فَمِنْ لَعْنِهم - أنَّهُ مَسَخَهُمْ قردة وخَنَازِير ، وضُرِبَت عليهمُ الذِّلَّة والمَسْكَنَة في الدُّنْيا ، وفي الآخِرَة بالنَّار . قوله تعالى : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } . وفي مصحف عبد الله : " بُسُطَانِ " يقال : " يَدٌ بُسُطٌ " على زنة " نَاقَةٌ سُرُحٌ " ، و " أحُدٌ " و " مِشْيَةٌ سُجُحٌ " ، أي : مبسوطة بالمعروف ، وقرأ عبد الله : " بَسِيطَتَانِ " ، يقال : يَدٌ بسيطةٌ ، أي : مُطْلَقَةٌ بالمَعْرُوف . [ وغَلُّ ] اليدِ وبَسْطُهَا هنا استعارةٌ للبُخْل والجودِ ، وإن كان ليس ثَمَّ يدٌ ولا جارحة ، وكلامُ العربِ ملآنُ من ذلك ، قالتِ العربُ : " فلانٌ يُنْفِقُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ " ؛ قال : [ الطويل ] @ 2003 - يَدَاكَ يَدَا مَجْدٍ ، فَكَفٌّ مُفِيدَةٌ ، وَكَفٌّ إذَا مَا ضُنَّ بِالْمَالِ تُنْفِقُ @@ وقال أبو تمام : [ الطويل ] @ 2004 - تَعَوَّدَ بَسْطَ الكَفِّ حَتَّى لَوَ أنَّهُ دَعَاهَا لقَبْضٍ لَمْ تُطِعْهُ أنَامِلُهْ @@ وقد استعارت العربُ ذلك حيثُ لا يدَ ألبتة ، ومنه قولُ لبيدٍ : [ الكامل ] @ 2005 - … إذْ أصْبَحَتَ بِيَدِ الشَّمَالِ زِمامُهَا @@ وقال آخر : [ الكامل ] @ 2006 - جَادَ الحِمَى بَسْطُ اليَدَيْنِ بوابِلٍ شَكَرَتْ نَدَاهُ تِلاعُهُ ووِهَادُهُ @@ وقالوا : " بَسَطَ اليأسُ كفَّيْهِ في صَدْرِي " ، واليأسُ معنًى ، لا عينٌ ، وقد جعلوا له كفَّيْنِ مجازاً ، قال الزمخشريُّ : " فإن قلتَ : لِم ثُنِّيَتِ اليدُ في { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } ، وهي في { يدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ } مفردةٌ ؟ قلتُ : ليكونَ ردُّ قولهم وإنكارُه أبْلَغ وأدلَّ على إثبات غايةِ السَّخَاءِ له ، ونَفْيِ البُخْلِ عنه ، وذلك أنَّ غايةَ ما يبذله السَّخِيُّ مِنْ ماله بنفسِه : أن يعطيَه بيديه جميعاً ، فبنى المجازَ على ذلك " . فصل اعلم أنه قد وَرَدَ في القرآن آياتٌ كثيرة ناطِقَةٌ بإثْبَات اليد ، فتارَةً ذكر اليد من غير بيان عددٍ كقوله تعالى : { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [ الفتح : 10 ] ، وتارةً ذكر اليدين كما في هذه الآية ، وفي قوله تعالى لإبليس عليه اللعنة { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ ص : 75 ] ، وتارة أثْبَت الأيْدي قال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعَاماً } [ يس : 71 ] ، وإذا عرف هذا فَنَقُولُ : اختفت الأمَّةُ في تَفْسِير يد اللَّه تعالى . فقالت المُجَسِّمَةُ : إنَّها عُضْو جُسْمَانيٌّ كما في حقِّ كُلِّ أحدٍ ، واحتَجُّوا بقوله تعالى : { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } [ الأعراف : 195 ] ذكر ذلك قد جاء في إلاهيَّةِ الأصنامِ ، لأجل أنَّهُ ليْسَ لَهَا شيءٌ من هذه الأعْضَاء ، فلو لم يَحْصُل لِلَّهِ هذه لزمَ القَدْحُ في كونه إلهاً ، فلما بَطُل ذلك ، وَجَبَ إثْبَات هذه الأعْضَاء له ، قالوا : واسمُ اليد موضوع لِهَذا العُضْو ، فَحَمْلُه على شيء آخر ترك للُّغَة ، وإنَّه لا يجُوزُ . والجوابُ عنه : أنَّه تعالى ليس بِجِسْمٍ ؛ لأنَّ الجسم لا ينفَكُّ عن الحَرَكَةِ والسُّكُون وهما مُحْدَثَانِ ، وما لا يَنْفَكُّ عن المُحْدَثِ فَهُو مُحْدَثٌ ، ولأنَّ كُلَّ جسم فهو مُتَنَاهٍ في المِقْدَار ، وكلّ ما كان متناهياً في المقدار فهو محدثٌ ، ولأنَّ كلَّ جسم فهو مؤلَّفٌ من الأجزاء ، وكلّ ما كان كذلك افتقر إلى ما يؤلِّفُهُ ويُركِّبُهُ ، وكلّ ما كان كذلك فهو مُحْدَثٌ ، فَثَبت بهذه الوجوه أنَّه يمتنع كونه تعالى جِسْماً ، فيمتَنِعُ أنْ يكون عُضْواً جُسْمَانِياً . وأما جمهور المُوَحِّدين فلهُمْ في لَفْظِ اليَدِ قولان : أحدهما : قول من يقول : إنَّ القرآن لمَّا دلَّ على إثْبَات اليد للَّه آمنَّا باللَّه ، والعقْل دلَّ على أنَّه يمتنع أن يكون يدُ الله عبارة عن جِسْم مخْصُوصٍ وعضو مُرَكَّب من الأجزاء والأبْعَاض آمنَّا به ، فأمَّا أنَّ اليد ما هي وما حَقِيقَتُهَا ، فقد فَوَّضْنَا مَعْرِفَتَها إلى الله تعالى ، وهذه طَرِيقَةُ السَّلَفِ . [ وثانيهما : قَوْلٌ المُتكَلِّمِين فقالوا : اليدُ تذكر في اللُّغَة على وُجُوهٍ : أحدُها : الجَارِحَة ] . وثانيها : النِّعْمَةُ : نقول : لفلان يد أشكُرُه عليها . وثالثها : القُوَّةُ : قال تعالى : { أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } [ ص : 45 ] فسَّرُوهُ بِذِي القُوَّةِ والعُقُول . وحكى سيَبَويْه أنَّهُم قالوا : " لا يَدَ لَكَ بِهَذا " والمعنى : سلب كمال القُدْرَة . رابعها : المِلْك فقال في هذه الصِّفَة : في يَدِ فُلان ، أي : في مِلْكِه قال تعالى : { ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ } [ البقرة : 237 ] أي : يملِكُ ذلك . وخامسها : شِدَّةُ العِنَايَة والاخْتِصَاص ، قال : { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ ص : 75 ] ، والمراد : تخصيص آدم - عليه الصلاة والسلام - بهذا التَّشْرِيف ، فإنَّه تعالى الخالق لجميع المخلوقات ، ويُقَال : " يدي رَهْنٌ لك بالوَفَاء " إذا ضمنت له شَيْئاً . وإذا عُرِفَ هذا فَنَقُول : اليد في حقِّ اللَّه تعالى مُمْتَنِعٌ أن تكون الجارِحَة ، وأما سائر المعاني فكُلُّهَا حَاصِلَة . وها هنا قَوْلٌ آخر : وهو أنَّ أبا الحسن الأشْعَرِي زعم في بَعْضِ أقواله : أنَّ اليد صِفَةٌ قائِمَةٌ بِذَاتِ اللَّه تعالى ، وهي صِفَةٌ سِوى القُدْرَة ، ومنْ شَأنِها التَّكْوِين على سَبِيل الاصْطِفَاءِ . قال : ويدلُّ عليه أنَّه تعالى جعل وقوع خلق آدم بيده عِلة الكَرَامة لآدم واصْطِفَائه ، فلو كانت اليدُ [ عبارة ] عن القُدْرَةِ لامْتَنَع كونُه - عليه الصلاة والسلام - اصطُفِيَ ؛ لأنَّ ذلِكَ في جَميعِ المخْلُوقَات ، فلا بُدَّ من إثْبَاتِ صِفَةٍ أخْرى وراءَ القُدْرة يقع بها الخَلْقُ والتَّكْوين على سبيلِ الاصْطِفَاء ، وأكْثَرُ العُلَمَاء زَعَمُوا : أنَّ اليد في حقِّ اللَّه تعالى عِبَارَة عنِ القُدْرة وهذا مُشْكِلٌ ؛ لأنَّ قُدْرةَ اللَّه واحِدَةٌ ، ونصُّ القُرْآن نَاطِقٌ بإثْبَات اليدين تارَةً وبإثْبَاتِ الأيْدي تارةً أخْرَى ، وإن فَسَّرْتُمُوها بالنِّعْمة ، فَنَصُّ القُرْآن ناطِقٌ بإثبات اليديْن ، ونعم الله غير محدُودَةٍ ، لقوله تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ } [ النحل : 18 ] . والجوابُ : إن اخْتَرْنَا تفسير اليد بالقُدْرَة ، كان الجوابُ عن الإشْكَال المذكُور : أنَّ القوْم جعلوا قولهم : { يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ } كناية عن البُخْلِ ، فأجيبوا على وِفْقِ كلامهم ، فقيل : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطتانِ } ، أي : ليس الأمْرُ على ما وَصَفْتُمُوه من البُخْلِ ، بل هو جوادٌ على سَبيلِ الكمال ، وأنَّ من أعْطَى بيده فَقَدْ أعْطَى عطاءً على أكْمَل الوُجُوهِ . وأمَّا إن اخترنَا تفسير اليد بالنِّعْمَةِ ، كان الجوابُ عن الإشْكَال المذْكُور من وجهين : الأول : أنَّ التَّثْنِيَةَ بحسَبِ الجِنْسِ يُدخِلُ تحت كُلِّ واحدٍ من الجِنْسَيْنِ أنْوَاع لا نِهَايَة لها ، نِعْمَة الدنيا ونعمة الدين ، ونعمة الظاهر ونعمة الباطن ، ونعمة النفع ونعمة الدفع ، ونعمة الشدة ونعمة الرخاء . الثاني : أنَّ المُرادَ بالتَّثْنِيَةِ المُبَالَغَةُ في وَصْفِ النِّعْمة ، ألا ترى قولك " لَبَّيْكَ " ، معناه : مُساعدةٌ بعد مُسَاعَدة ، وليس المراد [ منه طاعتين ] ولا مُساعدتَيْن ، فكذلك الآيَة معناها : أنَّ النِّعْمَة مُتَظَاهِرَةٌ مُتَتَابِعَةٌ ، ليْسَت كما ادَّعَى اليَهُودُ أنَّهَا مَقْبُوضَةٌ مُمْتَنِعَةٌ . قوله : { يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } في هذه الجملة خمسةُ أوجه : أحدها - وهو الظاهر - : أنْ لا محلَّ لها من الإعراب ؛ لأنها مستأنفة . والثاني : أنها في محلِّ رفع ؛ لأنها خبر ثان لـ " يَدَاهُ " . والثالث : أنها في محلِّ نصبٍ على الحال من الضميرِ المستكنِّ في " مَبْسُوطَتَانِ " ؛ وعلى هذين الوجهين ؛ فلا بُدَّ من ضمير مقدَّرٍ عائدٍ على المبتدأ ، أو على ذي الحال ، أي : ينفقُ بهما ، وحذفُ مثل ذلك قليلٌ ، وقال أبو البقاء : { يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ } مستأنفٌ ، ولا يجوزُ أن يكون حالاً من الهاء - يعني في " يَدَاهُ " - ؛ لشيئين : أحدهما : أنَّ الهاءَ مضاف إليها . والثاني : أنَّ الخبر يفْصِل بينهما ، ولا يجوز أن تكون حالاً من اليدين ؛ إذ ليس فيها ضمير يعود إليهما . [ قال شهاب الدين ] : قوله : " أحدهما : أنَّ الهاء مضاف إليها " ليس ذلك بمانع ؛ لأن الممنوع إنما هو مجيءُ الحَالِ من المضافِ إليه ، إذا لم يكن المضافُ جزءاً من المُضافِ إليه ، أو كجزئه أو عاملاً فيه ، وهذا من النوع الأول ، فلا مانع فيه ، وقوله : " والثاني : أن الخبر يفصلُ بينهما " هذا أيضاً ليس بمانعٍ ، ومنه : { وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } [ هود : 72 ] إذا قلنا : إن " شَيْخاً " حالٌ من اسم الإشارة ، والعامل فيه التنبيه . وقوله : " إذْ ليسَ فيها ضميرٌ " قد تقدَّم أن العائِدَ يُقَدَّر ، أي : ينفق بهما . الرابع : أنها حالٌ من " يدَاهُ " وفيه خلافٌ - أعني مجيءَ الحالِ من المبتدأ - ووجه المنع : أنَّ العامل في الحالِ هو العالمُ في صاحبهَا ، والعاملُ في صاحبها أمرٌ مَعْنَوِيٌّ لا لفظيٌّ ، وهو الابتداء ، وهذا على أحد الأقوال في العاملِ في الابتداء . الخامس : أنها حالٌ من الهاء في " يَدَاهُ " ، ولا اعتبارَ بما منعه أبو البقاءِ ؛ لما تقدَّم من تَصْحيح ذلك . و " كَيْفَ " في مثل هذا التركيب شرطيةٌ ؛ نحو : " كيْفَ تكُونُ أكُونُ " ومفعولُ المشيئة محذوفٌ ، وكذلك جوابُ هذا الشرط أيضاً محذوفٌ مدلولٌ عليه بالفعل السابق لـ " كَيْفَ " ، والمعنى : يُنْفِقُ كما يشاءُ أنْ يُنْفِقَ يُنْفِقُ ، ويبسطُ في السَّماء ، كَيْفَ يشاء أنْ يَبْسُطَهُ يَبْسُطُهُ ، فحذف مفعول " يَشَاءُ " وهو " أنْ " وما بعدها ، وقد تقدَّم أن مفعول " يشَاء " و " يُريد " لا يُذْكران إلا لغرابتهما ، وحذفَ أيضاً جواب " كَيْفَ " وهو " يُنْفِقُ " المتأخرُ و " يَبْسُط " المتأخرُ ؛ لدلالة " يُنْفِقُ ويَبْسُطُ " الأولين ، وهو نظيرُ قولك : " أقومُ إنْ يَقُمْ زَيْدٌ " ، ولا جائزٌ أن يكون " يُنْفِق " المتقدمُ عاملاً في " كَيْفَ " ، لأنَّ لها صدر الكلامِ ، وما له صدرُ الكلام لا يعمل فيه إلا حرفُ الجر أو المضاف . وقال الحوفيُّ : " كَيْفَ " سؤالٌ عن حال ، وهي نصبٌ بـ " يَشَاء " ، قال أبو حيان : " ولا يُعْقَلُ هنا كونُها سُؤالاً عن حال " ، وقد تقدم الكلامُ عليها مشبعاً عِنْدَ قوله : { يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ } [ آل عمران : 6 ] . فصل ومعنى { يُنفِقُ كَيفَ يَشَاءُ } أي : يَرْزُق كيف يُريد وكيف يشاءُ ، إن شاء قَتَّر ، وإن شاء وَسَّعَ . وقال تعالى : { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ } [ الشورى : 27 ] . وقال تعالى : { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ } [ الرعد : 26 ] . وقال عزَّ وجلَّ : { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ } [ آل عمران : 26 ] ، وهذه الآية ردّ على المعتزلة ؛ لأنَّهُم قالوا : يَجِبُ على اللَّه إعْطَاء الثَّوَاب للمُطِيع ، ويجبُ عليه ألاَّ يُعاقِبَهُ ، فَهَذَا المَنْعُ والقَيْدُ يَجْري مُجْرَى الغلّ ، فهم في الحقيقة [ قائلون بأنَّ يَدَ الله مَغْلُولة ] . وأمَّا أهْلُ السُّنَّةِ - رضي الله عنهم - [ فهُمُ ] القَائِلُونَ : بأنَّ المُلْكَ مُلْكُهُ ، وليس لأحدٍ عليه اسْتِحْقَاقٌ ولا اعتِرَاضٌ ، كما قال تعالى : { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } [ المائدة : 17 ] فقوله تعالى : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } لا يسْتَقِيم إلا على هذا المَذْهَبِ . قوله تعالى : { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً } والمراد بالكثير : علماء اليهود ، يعني : ازدَادُوا عند نُزُولِ ما أنْزِل إليك من رَبِّكَ من القرآنِ والحُجَجِ غُلُواً في الكُفْرِ والإنكَار ، كما يُقال : " ما زادَتْكَ الموْعِظَةُ إلا شَرّاً " ، وهم كُلَّما نزلت آيةٌ كَفَرُوا بها فازْدَادُوا طُغْيَاناً وكُفْراً . وقيل : إقامَتُهُمْ [ على الكُفْر ] زِيَادَةٌ مِنْهُمْ في الكُفْر . قوله تعالى : " ما أنْزِلَ " " مَا " هنا موصولةٌ اسميَّة في محلِّ رفع ؛ لأنها فاعل بقوله : " ليزِيدَنَّ " ، ولا يجوزُ أن تكون " مَا " مصدريةً ، و " إلَيْكَ " قائمٌ مقام الفاعل لـ " أُنْزِلَ " ، ويكون التقديرُ : " وليَزِيدَنَّ كَثِيراً الإنْزَالُ إلَيْكَ " ؛ لأنه لم يُعْلَمْ نفسُ المُنَزَّلِ ، والذي يزيدهُمْ إنما هو المُنَزَّلُ ، لا نفسُ الإنزال ، وقوله : " مِنْهُمْ " صفةٌ لـ " كَثِيراً " فيتعلَّقُ بمحذوفٍ ، و " طًغْيَاناً " مفعولٌ ثان لـ " يَزيد " . فصل دلّ هذا الكلامُ على أنَّه تعالى لا يُرَاعى مصالح الدِّين والدُّنيا ؛ لأنَّه تعالى عَلِمَ أنَّهم يَزْدَادُون عند إنْزالِ تِلْك الآيَاتِ ، [ كفراً وضلالاً ، فلو كانَتْ أفعَالُه مُعَلَّلَة برعاية المصالِحِ للعباد ، لامْتَنَع عليه إنْزَال تلك الآيات ] فلما أنْزَلَهَا عَلِمْنَا أنَّهُ تعالى ما يُرَاعي مصالح العِبَادِ ، ونظيرُه قوله تعالى : { فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 125 ] ، فإن قالوا : عَلِمَ اللَّه تعالى من حَالِهِم سواءً أنْزَلَهَا أو لم يُنْزِلْها ، فإنَّهُم يأتون بتلكِ الزِّيَادة من الكُفْرِ ، فلهذَا حَسُن منه تعالى إنْزَالُها . قلنا : فَعلى هذا التَّقْدير لم يكن ذلك الازْديَادُ لأجل تِلكَ الآيات ، وهذا يقتضي أن تكون إضافة ازدِيَاد الكفر إلى إنْزال تِلْكَ الآياتِ بَاطِلاً ، وذلِكَ تكذيبٌ لنَصِّ القُرْآن . قوله تعالى : { وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ } الضمير في " بَيْنَهُم " يجوز أن يعود على اليَهُود والنَّصَارى ؛ لتقديم ذكرهم ، ولاندراج الصِنْفَيْن في قوله تعالى : { يا أهْلَ الكِتَابِ } ، ويجُوزُ أن يعُودَ على اليَهُود وحْدَهُم ، لأنَّهُم فِرَقٌ مُخْتَلِفَةٌ ، فعلى هذين قال الحسن ومجاهد : يعني بين اليَهُود والنَّصارى ، لأنَّ ذكرهم جرى في قوله : { لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى } ، وقيل : بين فِرَق اليهُود ، فإنَّ بعضهم جَبْرِيَّةٌ ، وبعضَهم قَدَرِيَّةٌ ، وبعضهم [ مُوَحِّدَة ] وبعضهم مُشَبِّهَة ، وكذلك بين فرقِ النَّصَارى كالمَلْكَانِيَّة والنَّسْطُوريَّةِ واليَعْقُوبِيَّةِ . فإن قيل : فهذا المعنى حَاصِلٌ بين فرقِ المُسْلمين ، فكيف يمكن جعلهُ عَيْباً في اليَهُودِ والنَّصَارى ؟ فالجواب : أنَّ هذه البدَعَ إنَّما حدثَتْ بعدَ عصر الصَّحَابةِ والتَّابعين ، أما في ذلك الزَّمَانِ فلم يكن شَيءٌ من ذَلِك ، فلا جَرَمَ حَسُنَ جَعْل ذلك عَيْباً في اليَهُود والنَّصَارى . ووجْهُ اتِّصَال هذا الكلام بما قَبْلَهُ : أنَّه تعالى بيَّن أنَّهُم إنَّما يُنْكِرُون نُبُوَّتَه بعد ظُهُور الدَّلائِلِ على صِحَّتِها لأجل الحَسَدِ ، ولأجل حُبِّ الجَاه والمال والسَّعادة ، فلمَّا رجَّحُوا الدُّنْيَا على الآخِرَة لا جَرَم حَرَمهم سعادَة الدِّين ، فلذلك حَرمَهم سَعَادةَ الدُّنْيَا ؛ لأنَّ كُلَّ فَرِيقٍ مِنْهُم مُصِرٌّ على مذهبه ، ومُبَالِغٌ في نصرته ، ويَطْعَنُ في كل ما سِوَاه من المذاهِب تَعْظِيماً لِنَفْسِه وتَرْويجاً لمذهَبِهِ ، فصار ذلك سَبَباً لوقوع الخُصُومَة الشَّدِيدَة بين فرقِهم ، انْتَهى الأمر فيه إلى أنَّ بَعْضَهُم يُكَفِّر بَعْضاً . وقوله تعالى : { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } متعلِّقٌ بـ " ألقَيْنَا " ، ويجوز أن يتعلَّق بقوله : " والبغْضَاءَ " ، أي : إنَّ التباغُضَ بينهم إلى يوم القيامة ، ولا يجوزُ أن يتعلَّقَ بالعداوةِ ؛ لئلا يَلْزَم الفصْلُ بين المصدَرِ ومعموله بالأجنبيِّ ، وهو المعطوفُ ؛ وعلى هذا : فلا يجوزُ أن تكون المسألةُ من التنازُع ؛ لأن شرطه تسلُّطُ كلٍّ من العاملَيْن ، والعاملُ الأولُ هنا لو سُلِّط على المتنازع فيه ، لم يَجُزْ للمحذورِ المذكور ، وقد نَقَل بعضُهُمْ : أنه يجوز التنازُعُ في فعلي التعجُّبِ مع التزامِ إعمال الثاني ؛ لأنه لا يُفْصَل بين فعْلِ التعجُّبِ ومعموله ، وهذا مثلُه ، أيْ : يُلْتَزَمُ إعمالُ العامل الثاني ، وهو خارجٌ عن قياسِ التنازُعِ ، وتقدَّم لك نظيره ، والفرقُ بين العداوة والبغضاء : أن العداوَةَ كلُّ شيء مشتهرٌ يكون عنه عَمَلٌ وحَرْبٌ ، والبغضاءُ لا تتجاوزُ النفُوسَ ، قاله ابن عطيَّة وقال أبو حيان : " العداوة أخَصُّ من البغضاء ؛ لأنَّ كلَّ عَدُوٍّ مُبْغَضٌ ، وقد يُبْغَضُ مَنْ لَيْس بعدُوٍّ " . قوله تعالى : { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ } ، وهذا نوْع آخر من أنْوَاع المِحَنِ في اليهُود ، وهو أنَّهُم كلّما همُّوا بأمر من الأمُور جُعِلوا فيه خَاسِرِين خَائِبِين مَقْهُورين مَغْلُوبين . قال المفسرون : يعني اليهود أفسدوا وخَالَفُوا حُكْمَ التَّوْراة ، فبعث الله عليْهم بُخْتَنَصَّرَ ثُمَّ أفْسَدُوا فَبَعَثَ عَلَيْهَم طيطوس الرُّومِي ، ثم أفْسَدُوا فَسَلَّطَ اللَّهُ عليهمُ المجُوسَ ، ثم أفسدوا فبعث الله عليهمُ المُسْلِمين . وقيل : كُلَّمَا أجْمَعُوا أمْرَهُمْ ليُفْسِدوا أمْرَ محمَّدٍ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأوْقَدُوا ناراً لِمُحاربته أطْفَأهَا اللَّهُ ، فردَّهم وقَهَرَهُم ونصر دينَهُ ونبيَّهُ ، وهذا قول الحَسَن وقال قتادة : هذا عامٌّ في كل حرب طَلَبْتَهُ اليهود ، فلا تَلْقَى اليهود في بلد إلا وجَدْتَهُم من أذَلِّ النَّاسِ . قوله تعالى : " لِلْحَرْبِ " فيه وجهان : أحدهما : أنه متعلقٌ بـ " أوْقَدُوا " ، أي : أوقدوها لأجْلِ الحرب . والثاني : أنه صفة لـ " نَاراً " فيتعلَّق بمحذوف ، وهل الإيقادُ حقيقةٌ أو مجازٌ ؟ قولان . و " أطْفَأهَا الله " جواب " كُلَّمَا " ، وهو أيضاً حقيقةٌ أو مجازٌ ؛ على حسب ما تقدَّم ، والحربُ مؤنثةٌ في الأصل مصدر وقد تقدَّم الكلام عليها في البقرة ، وقوله : " فَسَاداً " قد تقدَّم نظيره [ الآية 33 من المائدة ] ، وأنه يجوز أن يكون مصدراً من المعنى ؛ وحينئذ لك اعتباران : أحدهما : ردُّ الفعل لمعنى المصدر ، والثاني : ردُّ المصدر لمعنى الفعْلِ ، وأن يكون حالاً ، أي : يَسْعَوْن سعيَ فسادٍ ، أو : يُفْسِدُونَ بسعيهم فَسَاداً ، أو : يَسعوْن مُفْسِدين ، وأن يكون مفعولاً من أجله ، أي : يَسْعَوْنَ لأجْلِ الفساد والألف واللام في " الأرض " يجوزُ أن تكون للجنس وأن تكون للعهد . ثم قال : { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } ، وهذا يدُلُّ على أنَّ السَّاعي في الأرْضِ بالفَسَاد مَمْقُوتٌ عِنْدَ اللَّهِ .