Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 43-45)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ } قد تقدم الكلام على قوله : " إنَّا نَحْنُ " في سورة يس . وأما قوله " نُحْيِِي ونُمِيْتُ " فالمراد من الإحياء الإحياء أولاً ، وقوله : " وَنُمِيتُ " إشارة إلى الموتة الأولى و " إلَيْنَا المَصِيرُ " بيان للحشر . وهذا إشارة إلى قدرته على الحشر . قوله : " يَوْمَ تَشَقَّق " يجوز أن يكون بدلاً من " يَوْم " قبله . وقال أبو البقاء : إنه بدل من " يَوْم " الأَوَّل . وفيه نظر من حيث تعدد البدل والمبدل منه واحدٌ . وقد تقدم أنَّ الزَّمخشريَّ مَنَعَهُ . ويجوز أن يكون " الْيَوْمَ " ظرفاً للمَصِيرِ أي يصيرون إلينا يوم تَشَقَّق الأَرْض . وقيل ظرف للخروج . وقيل منصوب بـ " يَخرجُونَ " مقدراً . وتقدم الخلاف في " تَشَقَّقُ " في الفُرْقَان . وقرأ زيد بن علي : " تتشقّق " بفك الإدْغَام . قوله : " سِرَاعاً " حال من الضمير في " عَنْهُمْ " والعامل فيها " تَشَقَّقُ " . وقيل : عاملها هو العاقل في " يَوْمَ تَشَقَّقُ " المقدّر أي يَخْرُجُون سراعاً يوم تشقق ؛ لأن قوله تعالى : { عَنْهُمْ } يفيد كونهم مفعولين بالتشقق ، فكأن التشقق عُدِّي بحرف الجر ، كما يقال : " كَشَفْتُ عَنْهُ فَهُوَ مَكْشُوفٌ " ، فيصير " سراعاً " هيئة المفعول كأنه قال : مُسْرِعِينَ . والسراع جمع سريع ، كالكِرَام جمع كَرِيم . وقوله : " ذَلِكَ " يحتمل أن يكون إشارة إلى التَّشقُّق عَنْهُمْ وإشارة إلى الإخراج المدلول عليه بقوله : " سِرَاعاً " ، ويحتمل أن يكون معناه ذلك الحشر حشر يسير . والحَشْر الجمع . قوله : " عَلَيْنَا " متعلق بـ " يَسِيرٌ " ففصل بمعمول الصّفة بينها وبين موصوفها . ولا يضرّ ذلك . ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال منه ؛ لأنه في الأصل يجوز أن يكون نعتاً . وقال الزمخشري : التقديم للاختصاص ، أي لا يَتيَسَّر ذلك إلا على الله وحده أي هو علينا هيِّن لا على غيرنا وهو إعادة جواب لهم . قوله تعالى : { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } يعني كفار مكة في تكذيبك ، وهذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويحتمل أن يكون تهديداً وتخويفاً لأن قوله : " وَإلَيْنَا الْمَصِيرُ " ظاهر في التهديد ، وبالعلم يكمل . ونظيره قوله تعالى : { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُـمْ فَيُنَبِّئُكُـم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ الزمر : 7 ] . ويحتمل أن يكون تقريراً لأمر الحشر بالعلم ؛ لأنه لما بين أن الحشر يسير لكمال قدرته ونفوذ إرادته ، ولكن تمام ذلك بالعلم الشامل حتى يبين جزء زيد وجزء بدن عمرو ، فقال : { ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } لكمال قدرتنا ، ولا يخفى عَليْنا الأجْزاء لكمال علمنا . وقوله : " أَعْلَمُ " إما ليست للمشاركة في أصل الفعل كقوله : { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] أو معناه نَحْن أَعْلَمُ به من كل عالم بما يعلمه . قوله : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } أي بمسلِّط تجبر على الإسلام ، وهذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - أي أنك لست حفيظاً عليهم ، ومكلفاً بأن يؤمنوا ، إنما أنت منذر ، وقد فعلت ما أُمِرْتَ بِهِ . قال المفسرون : هي منسوخة بآية القتال . قوله : { فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } تقدّم الخلاف في ياء { وَعِيدِ } [ ق : 14 ] إثباتاً وحذفاً . والمعنى دُم على الإنذار ولا تترك الهداية بالكلية ، بل ذكِّر المؤمنين فإن الذكرى تنفَعُ المؤمنين . وقوله : " بِالْقُرْآنِ " أي اتل عليهم القرآن ليحصل لهم المنفعة بسبب ما فيه أو فَذكِّر بالقُرْآنَ بين به أنك رسول الله لكونه معجزاً ، أو يكون المراد فذكر بمقتضى ما في القرآن من الأوامر الواردة بالتبليغ والتذكير . وفي قوله : فذكر إشارة إلى أنه مُرْسَل مأمور بالتذكير بالقرآن المنزل عليه ، وقوله " وَعِيدِ " إشارة إلى اليوم الآخر وقوله : ( وَعيدِ ) إشارة إلى الوحدانية ، إذ لو قال : وعيد الله لذهب الوَهْمُ إلى كل صَوْب . وضمير المتكلم أعرفُ المعارف ، وأبعد عن الاشتراك . وقد تقدم أن أول السورة وآخرها مشتركان في المعنى حيث قال في الأول : { قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } [ ق : 1 ] ، وقال في آخرها : " فَذَكِّرْ بِالقُرْآنِ " . روى أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ قَرَأَ سُورَة ق هَوَّنَ الله عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ " .