Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 45-49)

Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ } " يومهم " مفعول به لا ظرف . وقرأ أبو حيوة : يَلْقُوا مضارع لَقِيَ ويُضْعِفُ أن يكون المفعول محذوفاً و " يَوْمَهم " ظرف أي يلاقوا أو يلقوا جزاء أعمالهم في يَوْمِهِمْ . فصل قوله : " فذرهم " كقوله : { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } [ الأنعام : 68 ] ، { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ } [ الصافات : 178 ] إلى غير ذلك . فقيل : كلها منسوخة بآيات القتال . وهو ضعيف . وإنما المراد التهديد كقول السيد لعبده الجاني لمن ينصحه : دَعْهُ فإنه سَيَنَالُ جِنَايَتَهُ . قوله : { ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ } قرأ ابنُ عامر وعاصم بضم ياء يصعقون مبنياً للمجهول . وباقي السبعة بفتحها مبنياً للفاعل . وقرأ أبو عبد الرَّحْمَنِ : بضم الياء وكسر العين . فأما الأولى : فيحتمل أن تكون من صُعِقَ فهو مَصْعُوق مبنياً للمفعول . وهو ثلاثي حكاه الأخفش ، فيكون مثل سُعِدُوا وأن يكون من أَصْعَقَ رُبَاعِيًّا ، يقال : أُصْعِقَ فهو مُصْعَقٌ . قاله الفارسي . والمعنى أن غيرَهم أَصْعَقَهُمْ . وقراءة السلمي تؤذن أن أفْعَلَ بمعنى فَعِلَ . ومعنى يصعقون أي يموتون أي حتى يعاينوا الموت . وقوله : { يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ } يوم بدل من " يَوْمَهُمْ " . وقيل : ظرف " يُلاَقُوا " . فإن قيل : يلزم منه أن يكون اليومُ في يوم فيكون اليومُ ظرفَ الْيَوْمِ ؟ فالجواب : هو على حدّ قولك : يأتي يَوْمُ قتل فلان يَوْمَ تَبين جَرائِمُهُ . قاله ابن الخطيب . وقوله { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي لا ينفعهم كيدهم يوم الموت ولا يمنعهم من العذاب مانعٌ . قوله : { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يجوز أن يكون من إتباع الظاهر موقع المضمر وأن لا يكون كما تقدم . والمعنى وإن للذين ظلموا أي كفروا { عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ } أي عذاباً في الدنيا قبل عذاب الآخرة . قال ابن عباس - ( رَضِيَ الله عنهما ) - يعني القتل يوم بدر . وقال الضحاك : هو الجوع والقحط سَبْعَ سنين . وقال البراءُ بن عازب : عذاب القبر . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن العذاب نازل بهم . والمراد بالظلم هنا هو كيدهم نَبِيَّهم - عليه الصلاة والسلام - وهم أهل مكة . وقيل : ظلموا بعبادة غير الله فيكون عاماً في كل ظالم . والإشارة بقوله : " ذَلِكَ " إلى اليوم الذي فيه يُصْعَقُونَ . ومقعول " يعلمون " يجوز أن يكون ما تقدم ، ويجوز أن يكونَ لا مفعولَ له أي أكثرهم غافِلونَ جَاهِلُون . قوله تعالى { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } . أي إلى أن يقع بهم العذاب الذي حكمت عليهم " فَإنَّكَ بِأَعْيُنِنَا " قراءة العامة بالفك ، وأبو السَّمَّال بإدغام النون فيما بعدها . وناسب جمع الضمير هنا جمع العين ألا تراه أفرد حَيْثُ أفردها في قوله : { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } [ طه : 39 ] . قاله الزمخشري . والمعنى : فَإنك بِمرأًى مِنَّا . قال ابن عباس : نَرَى ما يُعْمَلُ بك . وقال الزجاج : إنك بحيث نراك ونحفظك فلا يصلون إلى مَكْرُوهِكَ . قال ابن الخطيب : اللام في قوله " لِحُكْمِ رَبِّكَ " تحتمل وجوهاً : أحدها : هي بمعنى " إلى " أي اصبر إلى أن يحكم الله . الثاني : أن الصبر فيه معنى الثبات أي تَثَبَّت لحكم ربك واحْتَمِلْهُ . الثالث : هي اللام التي للسبب ، يقال : لِم خرجت ؟ فتقول : لحكم فلان عليَّ بالخروج ، فقال : فَاصْبِرْ واجعل سبب الصبر امتثال الأمر ، أي فاصبر لهذا الحكم عليك لا لشيءٍ آخر . قوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } تقدم الكلام على نظيره وقوله : " حِينَ تَقُومُ " قال سعيد بن جبير وعطاء : أي قل حين تقوم من مجلسك : سُبْحَانك اللهم وبحمدك ، فإن كان المجلس خيراً ازددتَ إحساناً وإن كان غير ذلك كان كفارةً له . وروى أبو هريرة قال : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً وكَثُر فيه لَغَطُهُ فقال قبل أن يقوم : سُبْحَانَكَ اللَّهُ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلهَ إلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ إلاَّ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا " وقال ابن عباس ( - رضي الله عنهما - ) : معناه : صَلِّ لله حين تقوم من مقامك . وقال الضحاك والربيع : إذا قمت إلى الصلاة فقل : سبحانَك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جَدُّك ولا إله غيرك . وقال الكلبي : هو ذكر الله باللسان " حِينَ تَقُومُ " من الفراش إلى أن تدخل في الصلاة ، لِمَا رَوَى عاصمُ بنُ حُمَيْدٍ قال : " سألتُ عائشةَ بأيِّ شيءٍ كان يَفْتَتِحُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قيامَ الليل ؟ فقالت : كان إذا قَامَ كَبَّر عَشْراً ، وحَمِدَ الله عشراً وهَلَّلَ عَشْراً واسْتَغْفَر عَشْراً وقال : اللهم اغْفِرْ لي واهْدِنِي وارْزُقْنِي وعَافِنِي ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة " وقيل : حين تقوم لأمر ما ولا سيما إذا كنت تَنْتَصِبُ لمُجَاهَدةِ قومك ومُعَادَاتِهِم والدعاء عليهم " فسبح بحمد ربك " وبدل قيامك بالمناداة ، وانتصابك للانتقام بقيامك بذكر الله وتسبيحه . قوله : { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } أي صَلِّ له ، قال مقاتل : حتَّى صلاة المغربِ والعشاءِ " وإدْبَارَ النُّجُومِ " يعني الركعتين قبل صلاة الفجر وذلك حين تُدْبِرُ النجوم أي تغيب بضوء الصبح . هذا قول أكثر المفسرين . وقال الضحاك : هي فريضة صلاة الصبح . قوله : " وإدْبَارَ النّجُومِ " العامة على كسر الهمزة مصدراً ، بخلاف التي في آخر " ق " كما تقدم ، فإنَّ الفتح هناك لائق لأنه يراد به الجمع لدَبْر السجود أي أعْقَابِهِ . على أنه قرأ سالم الجَعديُّ ويعقوب ، والمِنْهَالُ بن عمرو بفتحها هنا ؛ أي أعقاب النجوم وآثارها إذا غَرُبَتْ . فصل هذه الآية نظير قوله : { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } [ الروم : 17 ] وقد تقدم الكلام عليها . قال ابن الخطيب : قال ههنا : " وإدبار النجوم " وقال في " ق " " وأَدْبَار السُّجُّودِ " فيحتمل أن يكون المعنى واحداً ، والمراد من السجود جمع ساجد ، والنُّجُوم سجود قال تعالى : { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [ الرحمن : 6 ] . وقيل : المراد من النجوم نجوم السماء . وقيل : النجم : ما لا ساق له من النبات قال تعالى : { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } [ الرعد : 15 ] . والمراد من النجوم الوظائف وكل وظيفة نَجْمٌ في اللغة إذا فرغت من وظائف الصلاة فقل : سبحان الله كما تقدم . روى أبيّ بن كعب - ( رضي الله عنه وأَرْضَاهُ ) - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ قَرَأَ سُورَة " والطُّورِ " كان حَقًّا على اللَّه - عزَّ وَجَلَّ - أن يُؤمِّنَهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر وَأَنْ يُدْخِلَهُ بِنِعْمَتِهِ فِي جَنَّتِهِ " . ( والله - سبحانه وتعالى - ) أعْلَمُ .