Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 131-131)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مُبْتَدأ مَحْذُوف الخَبَر ، أي : ذَلِك الأمر . الثاني : عكس ذلك الأمر . الثالث : أنه مَنْصُوب بإضمَار فِعْل ، أي : فَعَلْنَا ذلك ، وإنما يَظْهَر المَعْنَى إذا عُرِف المُشَارُ إليه ، وهو يُحْتَمل أن يكُون إتْيَات الرُّسُل قَاصِّين الآياتِ , ومُنْذِرين بالحَشْرِ والجزاء , وأن يكون ذلك الَّذِي قَصَصْنَا من أمْر الرُّسُل وأمْر من كذَّب ، ويحتمل أن يكون إشَارَةً إلى السُّؤال المَفْهُوم من قوله : " ألَمْ يَأتِكُمْ " وقوله : " أنْ لَمْ يَكُنْ " يَجُوز فيه وجهان : أحدهما : أنه على حَذْفِ لام العِلَّة أي : ذلك الأمر الَّذي قَصًَصْنا ، أو ذلك الإتْيان ، أو ذلك السُّؤال لأجْل " أنْ لَمْ يَكُن " فلما حُذِفَت اللاَّم احتمل مَوْضِعُها الجَرّ والنَّصْب كما عُرِف مِرَاراً . والثاني : أن يكُونَ بدلاً من ذلك . قال الزَّمَخْشَري : ولك أن تَجْعَله بَدَلاً من ذلك ؛ كقوله : { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } [ الحجر : 66 ] انتهى . فيجوز أن يَكُون في محلِّ رفع أو نصب على ما تقدَّم في ذلك ، إلاَّ أنَّ الزَّمَخْشَرِي القائل بالبَدليَّة لم يَذْكُر لأجْل ذلك إلاَّ الرَّفْع على خَبَر مُبْتَدأ مُضْمَر ، و " أنْ " يجوز أن تكثون النَّاصِبَة للمُضَارع ، وأن تكُون مُخَفَّفَة ، واسْمُهَا ضَمِير الشَّأن ، و " لَمْ يَكُنْ " في محلِّ رفع خبرها ، وهو نظير قوله : { أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ } [ طه : 89 ] . وقوله : [ البسيط ] @ 2315 - في فِتْيَةٍ كَسُيُوفِ الهِنْدِ قََدْ عَلَمُوا أنْ هَالِكٌُ كُلُّ مَنْ يَحْفَى ويَنْتَعِلُ @@ و " بِظُلَم " يجُوز فيه وجهان : أظهرهما : أنه مُتعلِّق بِمَحْذُوف على أنَّه حالٌ من " ربُّكَ " أو من الضَّمير في " مُهْلِكَ " أي : لم يَكُون مُهْلِك القُرى مُلْتِبِساً بِظُلْمٍ ، ويجُوز أن يكُون حالاً من القُرَى ، أي : مُلْتَبِسَة بذُنُوبها ، والمعْنَيَان منْقُولان في التَّفْسِير . والثاني : أن يتعلَّق بـ " مُهْلِكَ " على أنَّه مَفْعُول وهو بَعِيد ، وقد ذكرَهُ أبو البقاء . وقوله : " وأهْلُهَا غَافِلُون " جُمْلَة حالية أي : لم يُنْذَرُوا حتى يَبْعَث إليهم رُسُلاً تُنْذِرهُم ، وقال الكَلْبِي : يُهْلِكُهم بذُنُوبِهم من قَبْل أنْ يَأتيهمُ الرُّسُل . وقيل : مَعْنَاه لم يَكُون لِيُهْلِكَهُم دون التَّنْبيه والتَّذْكِير بالرُّسُل ، فيكون قد ظَلَمَهُم ؛ لأن الله - تبارك وتعالى - أجْرى السُّنَّة ألا يَأخذ أحداً إلا بعد وُجُود الذَّنْبِ ، وإنما يَكُون مُذْنِباً إذا أمِر فَلَمْ يأتَمِر ، ونُهِيَ فلم يَنْتَهِ ، وذلك إنما يكون بعد إنْذَار الرُّسُل ، وهذه الآية تدلُّ على أنَّه لا وُجُوب ولا تَكْلِيف قِبْلَ ورود الشَّرْع .