Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 29-29)
Tafsir: al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقَالُوۤاْ } هل هذه الجملة مَعْطُوفة على جواب " لو " والتقدير ولو رُدُّوا لعادوا [ ولقالوا ] ، أو هي مُسْتأنَفَةٌ ليس دَاخِلَةٌ في خبر ، أو هي معطوفة على قوله : { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون } [ الأنعام : 28 ] ثلاثة أوجه : ذكر الزمخشري الوجهين الأوَّل والأخير ، فإنه قال : " وقالوا " عطف على " لعادوا " ، أي لو رُدُّوا لكفروا ، ولقالوا : إن هي إلاَّ حياتنا الدنيا ، كما كانوا يقولون قبل مُعايَنةِ القيامة ، ويجوز أن يُعْطَفَ على قوله : " وإنهم لكاذبون " [ على معنى : وإنهم لَقَوْمٌ كاذبون ] في كل شيء . والوجه الأول منقول عن ابن زيد ، إلاَّ أن ابن عَطِيَّة ردَّهُ فقال : وتوقِيفُ الله - تعالى - لهم في الآية بَعدها فيه دلالةٌ على البَعْثِ والإشارة إليه بقوله : " أليس هذا بالحقِّ " يردُّ على هذا التأويل ، وقد يُجَابُ عن هذا باختلاف حالين : فإنَّ إقرارهم بالبعث حقيقة ، إنما هو في الآخرة ، وإنكارهم ذلك إنما هو في الدنيا بتقدير عَوْدهمْ إلى الدنيا ، فاعترافهم به في الدار الأخرة غَيْرُ مُنَافٍ لإنكارهم إيَّاهُ في الدينا . قوله : { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } " إن " نافية ، و " هي " مبتدأ و " حَيَاتُنَا " خبرها ، ولم يكتفوا بمجرد الإخبار بذلك حتى أبرزوها محصورةً في نفي وإثباتٍ ، و " هي " ضمير مُبْهَمٌ يفسِّره خبره ، أي : ولا نعلم ما يُرَادُ به إلاَّ بذكر خبره ، وهو من الضمائر التي يفسِّرها ما بعدها لفظاً ورتبة وقد تقدم ذلك عند قوله : { فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } [ البقرة : 29 ] وكون هذا مما يفسره ما بعده لفظاً ورتبةً فيه نظر ، إذ لقائل أن يقول : " هي " تعود على شيء دلَّ على سياقِ الكلام ، كأنهم قالوا : إنَّ العادة المستمرة ، أو إن حَالَتَنَا وما عَهِدْنَا إلاِّ حياتنا الدنيا ، واستند هذا القائل إلى قول الزَّمخشري : " هذا ضميرٌ لا يُعْلَمُ ما يُرَادُ به إلاَّ بذكر ما بعده " . ومثَّل الزمخشري بقول العرب " هِيَ النَّفْسُ تَتَحَمَّلُ ما حُمَّلَتْ " و " هي العرب تقول ما شاءت " . وليس فيما قاله الزمخشري دَلِيلٌ على أن الخبر مُفَسِّرٌ للضمير . ويجوز أن يكون المعنى : إن الحَيَاة إلا حياتنا الدُّنْيَا ، فقوله " إلا حياتنا الدنيا " دالٌّ على ما يُفَسِّرُ الضمير ، وهو الحَيَاةُ مُطْلقاً ، فصدق عليه أنه لا يعلم ما يُرَادُ به إلاَّ بذكر ما بعده من هذه الحَيْثِيَة لا من حيثيَّة التفسير ، ويَدُلُّ على ما قلنا قول أبي البقاء - رحمه الله تعالى - : هي كِنَايَةٌ عن الحياة ، ويجوز أن يكون ضمير القِصَّة . قال شهاب الدين - رحمه الله تعالى - : أمَّا أوَّل كلامه فصحيح ، وأمَّا آخره وهو قوله : " إن هي ضمير القصّة " فليس بشيء ؛ لأن ضمير القصِّة لا يفسَّرُ إلاَّ بجملةٍ مُصَرَّحٍِ بجزْأيْهَا . فإن قيل : الكوفي يجوزُ تفسيره بالمفرد ، فيكون نَحَا نَحْوهُمْ ؟ فالجواب أنَّ الكوفيَّ إنما يُجَوِّزهُ بمفرد عامل عمل الفعل ، نحو : " إنه قائم زيد " و " ظَنَنْتُهُ قائماً زيدٌ " لأنه في صورة الجملة إذ في الكلام مُسْنَدٌ ومُسْنَدٌ إليه . أما نحو " هو زيد " فلا يجيزه أحدٌ ، على أن يكون " هو " ضمير شأن لا قصّة ، والدنيا صفة الحياة ، وليست صِفَةً مزيلةً اشتراكاً عارضاً ، يعني : أن ثَمَّ حياةً غير دنيا يُقرُّون بها ؛ لأنها لا يعرفون إلاَّ هذه ، فيه صَفَةٌ لمجرد التوكيد ، كذا قيل ، ويعنون بذلك أنها لا مَفْهُومَ لها ، وإلاَّ قحقيقةُ التوكيد غَيْرُ ظاهرةٍ بخلاف { نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } [ الحاقة : 13 ] . و " الباء " في قوله : " بمبعوثين " زائدةٌ لتأكيد الخبر المفني ، ويحتمل مجرورها أن يكون مَنْصُوبَ المَحَلِّ على أنَّ " ما " هاهنا حجازيةٌ ، أو مرفوعةٌ على أنها تميمية .