Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 123-123)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما تضمن هذا التهديد العلم والقدرة ، قال عاطفاً على ما تقديره : فلله كل ما شوهد من أمرنا وأمركم وأمر عالم الغيب والشهادة كله ما كان من ابتداء أمورنا { ولله } أي المحيط وحده بكل شيء مع ذلك { غيب السماوات والأرض } أي جميع ما غاب علمه عن العباد فهو تام العلم ، ومنه ما ينهى عنه وإن ظن الجهلة أنه خارج عن قدرته لما أظهر من الزجر عنه ومن كراهيته . ولما كان السياق هنا لأنه سبحانه خلق الخلق ذواتهم ومعانيهم للاختلاف ، وكان تهديدهم على المعاصي ربما أوهم أنه بغير إرادته ، فكان ربما قال جاهل : أنا بريء من المخالفين لأوليائه كثيراً جداً ، وعادة الخلق أن من خالفهم خارج عن أمرهم ، كان الجواب على تقدير التسليم لهذا الأمر الظاهر : فله كان الأمر كله ظاهراً وباطناً { وإليه } أي وحده { يرجع } بعد أن كان ظهر للجاهل أن خرج عنه ؛ والرجوع : ذهاب الشيء إلى حيث ابتدأ منه { الأمر كله } في الحال على لبس وخفاء ، وفي المال على ظهور واتضاح وجلاء ، فهو شامل القدرة كما هو شامل العلم ، فلا بد من أن يرجع إليه أمرك وأمر أعدائك ، أي يعمل فيه عمل من يرجع إليه الأمر فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، ولذلك سبب عن إسناد الأمور كلها إليه قوله : { فاعبده } أي وحده عبادة لا شوب فيها { وتوكل } معتمداً في أمورك كلها { عليه } فإنه القوي المتين ، وفي تقديم الأمر بالعبادة على التوكل تنبيه على أنه إنما ينفع العابد . ولما كانت العادة جارية بأن العالم قد يغفل ، نزه عن ذلك سبحانه نفسه فقال مرغباً مرهباً : { وما ربك } أي المحسن إليك بما يعمله بإحاطة عمله إحساناً ، وأغرق في النفي فقال : { بغافل عما تعملون * } ولا تهديد أبلغ من العلم ، وهذا بعينه مضمون قوله تعالى { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير الا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير } [ هود 1 - 2 ] .