Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 30-31)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما كان هذا الفعل من لا عقل له ، بينه بقوله : { وجعلوا لله } الذي يعلمون أنه لا شريك له في خلقهم ولا في رزقهم لان له الكمال كله { أنداداً } وقال : { ليضلوا } أي بأنفسهم على قراءة ابن كثير وأبي عمرو ، ويعموا غيرهم على قراءة الباقين { عن سبيله } لأنهم إن كانوا عقلاء فإنهم يعلمون أن هذا لازم لفعلهم فهم قاصدون له ، وإلا فلا عقول لهم ، لأنه لا يقدم على ما لا يعلم عاقبته إلا أبله ، وهم يقولون : إنهم أبصر الناس قوباً ، وأصفاهم عقولاً . وأنفذهم أفكاراً ، وأمتنهم آراء ، فمن ألزم منهم بطريق النجاة ومن أحذر منهم لطرق الهلاك ؟ مع ما أوقعوا أنفسهم فيه من هذا الداء العضال . ولما تقرر أنهم على الضد من جميع ما يدعونه فكانوا بذلك أهلاً للإعراض عنهم ، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمعرض أن يقول : فماذا أفعل بهم وقد أمرتني بإخراجهم إلى صراطك ؟ أمره أن يدق أعناقهم بإخبارهم أن ما أضلهم من النعم إنما هو استدراج ، فقال : { قل } أي تهديداً لهم فإنهم لا يشكون في قولك وإن عاندوا : { تمتعوا } وبالغوا في فعل البهائم مهما قدرتم ، فإن ذلك ضائركم غير نافعكم { فإن مصيركم } أي صيرورتكم { إلى النار * } بسبب تمتعكم على هذا الوجه . ولما ذكر كفرهم وضلالهم عن السبيل وما أمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن يقول لهم ، وكان ذلك محركاً لنفس السامع إلى الوقوف على ما يقال لمن خلع الأنداد وكان أوثق عرى السبيل بعد الإيمان وأعمها الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر ، والنفقة الشاملة لوجوه البر ، أمره تعالى أن يندب أولياءه إلى الإقبال إلى ما أعرض عنه أعداؤه ، والإعراض عما أقبلوا بالتمتع عليه من ذلك ، فقال { قل لعبادي } فوصفهم بأشرف أوصافهم ، وأضافهم إلى ضميره الشريف تحبيباً لهم فيه ، ثم أتبع هذا الوصف ما يناسبه من إذعانهم لسيدهم فقال : { الذين آمنوا } أي أوجدوا هذا الوصف . ولما كان قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحسن قول ، فهو جالٍ لصدأ القلوب ، وموجب لتهذيب النفوس ، قال جازماً : { يقيموا الصلاة } التي هي زكاة القوة وصلة العبد بربه { وينفقوا } وخفف عنهم بقوله : { مما رزقناهم } أي بعظمتنا ، فهو لنا دونهم ، من أنواع النفقات المقيمة لشرائعه من الصدقات وغيرها ، إتقاناً لما بينهم وبينه من الأسباب لينقذوا أنفسهم من النار ، واقتصر على هاتين الخلتين لأنه لم يكن فرض في مكة غيرهما مع ما تقدم من فضلهما وعمومهما ، ولعله سيق سياق الشرط تنبيهاً لهم على أن مجرد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقوى الأسباب فيجب عليهم ألا يتخلفوا عنه أصلاً ؛ ثم أشار إلى المداومة على هاتين الخصلتين بقوله : { سراً وعلانية } ويجوز أن يراد بالسر النافلة ، وبالعلانية الفرض ؛ ثم رهب من تهاون في خدمته من اليوم الذي كان الإعراض عنه سبب الضلال ، فقال مشيراً بالجار إلى قصر مدة أعمالهم : { من قبل أن يأتي يوم } أي عظيم جداً ليس هو كشيء من الأيام التي تعرفونها { إلا بيع فيه } لأسير بفداء { ولا خلال * } أي مخالات وموادات يكون عنها شفاعة أو نصر ، جمع خلة كقلة وقلال ، أو هو مصدر ، وذلك إشارة إلى أنه لا يكون شيء منهما سبباً لخلاص هالك .