Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 33-36)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما كان التقدير : فلم يؤمنوا ولم يتقوا دأب قوم نوح ، عطف عليه قوله : { وقال الملأ } أي الأشراف الذين تملأ رؤيتهم الصدور ، فكأن ما اقترن بالواو أعظم في التسلية مما خلا منها على تقدير سؤال لدلالة هذا على ما عطف عليه . ولما كانت القبائل قد تفرغت بتفرق الألسن ، قدم قوله : { من قومه } اهتماماً وتخصيصاً للإبلاغ في التسلية ولأنه لو أخر لكان بعد تمام الصلة وهي طويلة ؛ ثم بين الملأ بقوله : { الذين كفروا } أي غطوا ما يعرفون من أدلة التوحيد والانتقام من المشركين { وكذبوا بلقاء الآخرة } لتكذيبهم بالبعث . ولما كان من لازم الشرف الترف ، صرح به إشارة إلى أنه - لظن كونه سعادة في الدنيا - قاطع في الغالب عن سعادة الآخرة ، لكونه حاملاً على الأشر والبطر والتكبر حتى على المنعم ، فقال : { وأترفناهم } أي والحال أنا - بما لنا وعلى ما لنا من العظمة - نعمناهم { في الحياة الدنيا } أي الدانية الدنيئة ، بالأموال والأولاد وكثرة السرور ، يخاطبون أتباعهم : { ما هذا } أشاروا إليه تحقيراً له عند المخاطبين { إلا بشر مثلكم } أي في الخلق والحال ؛ ثم وصفوه بما يوهم المساواة في كل وصف فقالوا : { يأكل مما تأكلون منه } من طعام الدنيا { ويشرب مما تشربون * } أي منه من شرابها فكيف يكون رسولاً دونكم ! ولما كان التقدير : فلئن اتبعتموه إنكم لضالون ، عطف عليه : { ولئن أطعتم بشراً مثلكم } في جميع ما ترون { إنكم إذاً } أي إذا أطعتموه { لخاسرون * } أي مغبونون لكونكم فضلتم مثلكم عليكم بما يدعيه مما نحن له منكرون ؛ ثم بينوا إنكارهم بقولهم : { أيعدكم أنكم إذا متم } ففارقت أرواحكم أجسادكم { وكنتم } أي وكانت أجسادكم { تراباً } باستيلاء التراب على ما دون عظامها { وعظاماً } مجردة ؛ ثم بين الموعود به بعد أن حرك النفوس إليه ، وبعث بما قدمه أتم بعث عليه ، فقال مبدلاً من { أنكم } الأولى إيضاحاً للمعنى : { أنكم مخرجون * } أي من تلك الحالة التي صرتم إليها ، فراجعون إلى ما كنتم عليه من الحياة على ما كان لكم من الأجسام ؛ ثم استأنفوا التصريح بما دل عليه الكلام من استبعادهم ذلك فقالوا : { هيهات هيهات } أي بعد بعد جداً بحيث صار ممتنعاً ، ولم يرفع ما بعده به بل قطع عنه تفخيماً له ، فكان كأنه قيل : لأيّ شيء هذا الاستبعاد ؟ فقيل : { لما توعدون * } .