Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 54-54)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما أشار إلى بعد الإيمان منهم عند إرادتهم تناوله عند فوات أمره وعلوه عنهم عند طعنهم فيه في دار العمل ، ترجم حالتيهم في ذلك على وجه يعم ثمرات الإيمان من دخول الجنان ورضى الرحمن بقوله : { وحيل } معبراً بصيغة المجهول مشيراً إلى أن حصول الحيلولة بأسهل ما يكون ولأن المنكي لهم نفس الحيلولة لا كونها من شخص معين : { بينهم وبين ما يشتهون } أي يميلون إليه ميلاً عظيماً من تأثير طعنهم وقبول إيمانهم عند رؤية ، البأس ومن حصول شيء من ثمراته لهم من حسن الثواب كما يرى الإنسان منهم - وهو في غمرات النار - مقعده في الجنة ، الذي كان يكون له لو آمن ولا يقدر على الوصول إليه بوجه ، وإن خيل إليه الوصول فقصده فمنع منه كان أنكى { كما فعل } أي بأيسر وجه { بأشياعهم } أي الذين كفروا مثلهم { من قبل } أي قبل زمانهم فإن حالهم كان كحالهم في الكفران والإيمان ، والسعادة والخسران ، ولم يختل أمرنا في أمة من الأمم ، بل كان كلما كذبت أمة رسولها أخذناها ، فإن أذقناهم بأسنا أذعنوا وخضعوا ، فلم نقبل منهم ذلك ، ولا نفعهم شيئاً لا بالكف عن إهلاكهم ولا بإدراكهم لشيء من الخير بعد إهلاكهم { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } [ ق : 37 ] . ثم علل عدم الوصول إلى قصد في كل من الحالتين بقوله مؤكداً لإنكارهم أن يكون عندهم شيء من شك في شيء من أمرهم : { إنهم كانوا } أي في دار القبول كوناً هو كالجبلة لهم { في شك } أي في جميع ما يخبرهم به رسلنا عنا من الجزاء أو غير ذلك { مريب * } أي موقع في الريبة ، فهو بليغ في بابه كما يقال : عجب عجيب ، أو هو واقع في الريب كما يقال : شعر شاعر ، أي - ذو شعر ، فكيف يقبلون أو ينفذ طعنهم أو تحصل لهم تمرة طيبة وهو على غير بصيرة في شيء من أمرهم بل كانوا يشكون في قدرتنا وعظمتنا ، فاللائق بالحكمة أن نبين لهم العظمة بالعذاب لهم والثواب لأحبابنا الذين عادوهم فينا فتبين أنهم يؤمنون به عند ظهور الحمد أتم الظهور إما في الآخرة أو في مقدماتها ، فظهر سر الإفصاح بقوله " وله الحمد في الآخرة " وأنه حال سبحانه بينهم وبين ما يريدون فتبين أنه مالك كل شيء فصح أن له الحمد في الأولى وفي كل حالة - وقد تعانق آخرها مع أولها ، والتحم مقطعها بموصلها - والله سبحانه وتعالى هو المستعان إليه والمرجع والمآب .