Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 165-171)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما سلب عن الكل كل شيء من القدرة إلا ما وهبهم ، وكان الكفار يدعون أنهم يعبدون الله تعالى وينزهونه وأن الإشراك لا يقدح في ذلك ، بين أن المخلصين خصواً دونهم بمواقف الصفاء ، ومقامات الصدق والوفاء ، لأن طاعتهم أبطلها إشراكهم ، فقال مؤكداً ومخصصاً : { وإنا } أي يا معشر المخلصين { لنحن } أي دونكم { الصافون * } أي أنفسنا في الصلاة والجهاد وأجنحتنا في الهواء فيما أرسلنا به وغير ذلك لاجتماع قلوبنا على الطاعة { وإنا لنحن المسبحون * } أي المنزهون له سبحانه عن كل نقص مما ادعيتموه من البنات وبجوز أن يكون المعنى : لنا هذا الفعل ، وهو الصف والتسبيح ، ولا ينوي له مفعول البتة . ولما بين ضلالهم وهداه صلى الله عليه وسلم وهدى من اتبعه - بما أشار إليه بصفة الربوبية التي أضافها إليه في قوله " ألربك " أعلم بأنهم زادوا على عيب الضلال في نفسه عيب الإخلاف للوعد والنقض لما أكدوه من العهد ، فقال مؤكداً إشارة إلى أنه لا يكاد يصدق أن عاقلاً يؤكد على نفسه في أمر ثم يخلفه جواباً لمن يقول : هل نزهوه كما نزهه المخلصون : { وإن } أي فعلوا ذلك من الضلال بالشبه التي افتضحت بما كشفناه من ستورها ولم ينزهوا كما نزه المخلصون والحال أنهم { كانوا } قبل هذا { ليقولون } أي قولاً لا يزالون يجددونه مع ما فيه من التأكيد { لو أن عندنا ذكراً } أي على أيّ حال كان من أحواله من كتاب أو غيره { من الأولين } أي من الرسل الماضين { لكنا عباد الله } أي بحيث أنا نصير أهلاً للإضافة إلى المحيط بصفات الكمال { المخلصين * } أي في العبادة له بلا شائبة من شرك أصلاً . ولما كان هذا الذكر - الذي أتاهم مع كونه أعظم ذكر أتى مصدقاً لكتب الأولين وكان الرسول الآتي به أعظم الرسل ، فكان لذلك هو عين ما عقدوا عليه مع زيادة الشرف - سبباً لكفرهم قال : { فكفروا به } أي فتسبب عما عاهدوا عليه أنهم كفروا بذلك الذكر مع زيادته في الشرف على ما طلبوا بالإعجاز وغيره فتسبب عن ذلك تهديدهم ممن أخلفوا وعده ، ونقضوا مع التأكيد عهده ، فقال : { فسوف يعلمون * } أي بوعيد ليس هو من جنس كلامهم ، بل هو مما لا خلف فيه بوجه . ولما كان التقدير كما أرشد إليه سياق التهديد : فلقد سبقت كلمتنا على من خالف رسلنا بالخذلان المهين ، عطف عليه قوله : { ولقد سبقت } أي في الأزل { كلمتنا } أي على ما لنا من العظمة { لعبادنا } أي الذين أخلصوا لنا العبادة في كل حركة وسكون { المرسلين * } الذين زدناهم على شرف الإخلاص في العبودية شرف الرسالة .