Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 24-24)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما ذكر مضارة الجمع أتبعه مضارة الإغارة على الحق والأول جمع بين المنكوحين وهذا جمع بين الناكحين فقال - عاطفاً على النائب عن فاعل { حرمت } : { والمحصنات } أي الحرائر المزوجات لأنهن منعت فروجهن بالنكاح عن غير الأزواج { من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } أي من أزواج أهل الحرب ، فإن الملك بالأسر يقطع النكاح . ولما أتم ذلك قال مؤكداً له ومبيناً عظمته : { كتاب الله } أي خذوا فرض الملك الأعظم الذي أوجبه عليكم إيجاب ما هو موصول في الشيء بقطعه منه ، والزموه غير ملتفتين إلى غيره ، وزاد في تأكيده بأداة الوجوب فقال : { عليكم } ولما أفهم ذلك حل ما سواه أفصح به احتياطاً للإيضاح وتعظيماً لحرمتها في قوله : { وأحل لكم } وبين عظمة هذا التحريم بأداة البعد فقال : { ما وراء ذلكم } أي الذي ذكر لكم من المحرمات العظيمة . ولما كان الكلام في المنع لمن يصرح بالفاعل بل قال ؛ " حرمت " - ترفقاً في الخطاب حثاً على الآداب ، فلما وصل الأمر إلى الحل أظهره تطييباً للقلوب وتأنيساً للنفوس في قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر بفتح الهمزة والحاء ، وأبهمه في قراءة الباقين على نسق { حرمت } لأن فاعل الحل والحرمة عند أهل هذا الكتاب معروف أنه الملك الأعلى الذي لا أمر لأحد معه أصلاً ، ثم أتبع التحليل علته فقال : { أن } أي إرادة أن { تبتغوا } أي تطلبوا متبعين من شئتم مما أحل لكم { بأموالكم } اللاتي تدفعونها مهوراً حال كونكم { محصنين } أي قاصدين بذلك العفة لأنفسكم ولهن { غير مسافحين } أي قاصدين قضاء الشهوة وصب الماء الدافق لذلك فقط ، وهو على هذا الوجه لا يكون إلا زنًى سراً وجهراً ، فيكون فيه حينئذ إضاعة المال وإهلاك الدين ، ولا مفسدة أعظم مما يجمع هذين الخسرانين . ولما تقدم أول السورة وأثناءهها الأمر بدفع الصداق والنهي عن أخذ شيء مما دفع إلى المرأة ، وكان ذلك أعم من أن يكون بعد الدخول أو قبله ، مسمى أو لا قال هنا مسبباً عن الابتغاء المذكور : { فما استمتعتم } أي أوجدتم المتاع وهو الانتفاع { به منهن } بالبناء بها ، متطلبين لذلك من وجوهه الصحيحة راغبين فيه { فآتوهن أجورهن } أي عليه كاملة ، وهي المهور { فريضة } أي حال كونها واجبة من الله ومسماة مقدرة قدرتموها على أنفسكم ، ويجوز كونه تأكيداً لآتوا بمصدر من معناه { ولا جناح } أي حرج وميل { عليكم فيما تراضيتم به } أي أنتم والأزواج { من بعد الفريضة } أي من طلاق أو فراق أو زيادة أو نقص إن كانت موجودة مقدرة ، أو من مهر المثل من بعد تقديره إن لم تكن مسماة فيمن عقد عليها من غير تسمية صداق . ولما ذكر في هذه الآيات أنواعاً من التكاليف هي في غاية الحكمة ، والتعبير عنها في الذروة العليا من العظمة ، وختمها بإسقاط الجناح عند الرضى وكان الرضى أمراً باطناً لا يطلع عليه حقيقة إلا الله تعالى ، حث على الورع في شأنه بنوط الحكم بغلبة الظن فقال مرغباً في امتثال أوامره ونواهيه : { إن الله } أي الذي له الإحاطة التامة علماً وقدرة { كان عليماً } أي بمن يقدم متحرياً لرضى صاحبه أو غير متحرٍّ لذلك { حكيماَ * } أي يضع الأشياء في أمكن مواضعها من الجزاء على الذنوب وغيره .