Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 11-16)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما حقق العذاب وبين يومه ، بين أهله بقوله مسبباً عن ذلك : { فويل } هي كلمة يقولونها لمن وقع في الهلاك ، ومعناه حلول شر فاضح يكون فيه ندبة وتفجع { يومئذ } أي يوم إذ يكون ما تقدم ذكره { للمكذبين * } أي العريقين في التكذيب وهم من مات على نسبة الصادقين إلى الكذب . ولما كان التكذيب قد يكون في محله ، بين أن المراد تكذيب ما محله الصدق فقال : { الذين هم } أي من بين الناس بظواهرهم وبواطنهم { في خوض } أي أعمالهم وأقوالهم أعمال الخائض في ماء ، فهو لا يدري أين يضع رجله . ولما كان ذلك قد يكون من دهشة بهم أو غم ، نفى ذلك بقوله : { يلعبون * } فاجتمع عليهم أمران موجبان للباطل : الخوض واللعب ، فهم بحيث لا يكاد يقع لهم قول ولا فعل في موضعه ، فلا يؤسس على بيان أو حجة . ولما صور تكذيبهم بأشنع صورة ، بين ويلهم ببيان ظرفه وما يفعل فيه فقال : { يوم يدّعون } أي يدفعون دفعاً عنيفاً بجفوة وغلظة من كل ما يقيمه الله لذلك ، ذاهبين ومنتهين { إلى نار جهنم } وهي الطبقة التي تلقاهم بالعبوسة والكراهة والغليظ والزفير ، وأكد المعنى وحققه بقوله : { دعاً * } قال البغوي : وذلك أن خزنه جهنم يعلون أيديهم إلى أعناقهم ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم فم يدفعون دفعاً على وجوههم وزجاً في أقفيتهم ، مقولاً لهم تبكيتاً وتوبيخاً : { هذه النار } أي الجسم المحرق المفسد لما أتى عليه ، الشاغل عن اللعب { التي كنتم } بجبلاتكم الفاسدة . ولما كان تكذيبهم بها في أقصى درجات التكذيب ، وكان سبباً لكل تكذيب ، كان كأنه مقصور عليه فقال مقدماً للظرف إشارة إلى ذلك ، { بها تكذبون * } أي في الدنيا على التجديد والاستمرار . ولما كانوا يقولون عناداً : إن القرآن بما فيه من الوعيد سحر ، سبب عن ذلك الوعيد قوله مبكتاً موبخاً متهكماً : { أفسحر هذا } أي الذي أنتم فيه من العذاب مع هذا الإحراق الذي تصلون منه { أم أنتم } في منام ونحوه { لا تبصرون * } بالقلوب كما كنتم تقولون في الدنيا { قلوبنا في أكنة } [ فصلت : 5 ] ولا بالأعين كما كنتم تقولون للمذرين { من بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون } [ فصلت : 5 ] أي أنتم عمي عن المخبر عنه مع إحراقه لهم كما كنتم عمياً عن الخبر أي هل تستطيعون أن تقولوا إنكم لا تبصرون المخبر عنه كما كنتم تقولون في الخبر كذباً وفجوراً ، ثم يقال لهم بعد هذا التبكيت الذي يقطع بأن جوابهم يكون بأن يقولوا : لا وعزة ربنا ما هو بسحر ولا خيال ، بل هو حقيقة ، ونحن في غاية الإبصار على سبيل الإخزاء ، والامتهان والإذلال : { اصلوها } أي باشروا حرها وقاسوه وواصلوه كما كنتم تواصلون أذى عبادي بما يحرق قلوبهم { فاصبروا } أي فيتسبب عن تكذيبكم في الدنيا ومباشرتكم لها الآن أن يقال لكم : اصبروا على هذا الذي لا طاقة لكم به { أو لا تصبروا } فإنه لا محيص لكم عنها { سواء عليكم } أي الصبر والجزع . ولما كان المعهود أن الصبر له مزية على الجزع ، بين أن ذلك حيث لا تكون المصيبة إلا على وجه الجزاء الواجب وقوعه فقال معللاً : { إنما تجزون } أي يقع جزاؤكم الآن وفيما يأتي على الدوام { ما كنتم } أي دائماً بما هو لكم كالجبلة { تعملون * } مع الأولياء غير مبالين بهم ، فكان هذا ثمرة فعلكم بهم .