Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 40-42)

Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولما جرت العادة بأن أهل الشدائد يتوقعون الخلاص ، أخبر أن هؤلاء ليسوا كذلك ، لأنهم أنجاس فليسوا أهلاً لمواطن الأقداس ، فقال مستأنفاً لجواب من كأنه قال : أما لهؤلاء خلاص ؟ وأظهر موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف : { إن الذين كذبوا بآياتنا } أي وهي المعروفة بالعظمة بالنسبة إلينا { واستكبروا عنها } أي وأوجدوا الكبر متجاوزين عن اتباعها { لا تفتح لهم } أي لصعود أعمالهم ولا دعائهم ولا أرواحهم ولا لنزول البركات عليهم { أبواب السماء } لأنها طاهرة عن الأرجاس الحسية والمعنوية فإذا صعدت أرواحهم الخبيثة بعد الموت مع ملائكة العذاب أغلقت الأبواب دونها ثم ألقيت من هناك إلى سجين { ولا يدخلون الجنة } أي التي هي أطهر المنازل وأشرفها { حتى } يكون ما لا يكون بأن { يلج } أي يدخل ويجوز { الجمل } على كبره { في سم } أي في خرق { الخياط } أي الإبرة اي حتى يكون ما لا يكون ، إذاً فهو تعليق على محال ، فإن الجمل مثل في عظم الجرم عند العرب ، وسم الإبرة مثل في ضيق المسلك ، يقال : أضيق من خرق الإبرة ، ومنه الماهر الخريت للدليل الذي يهتدي في المضايق المشبهة بأخراق الإبر ؛ وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الجمل فقال : زوج الناقة - استجهالاً للسائل وإشارة إلى طلب معنى آخر غير هذا الظاهر تكلف . ولما كان هذا للمكذبين المستكبرين أخبر أنه لمطلق القاطعين أيضاً فقال : { وكذلك } أي ومثل ذلك الجزاء بهذا العذاب وهو أن دخولهم الجنة محال عادة { نجزي المجرمين * } أي القاطعين لما أمر الله به أن يوصل وإن كانوا أذناباً مقلدين للمستكبرين المكذبين ؛ ثم فسر جزاء الكل فقال : { لهم من جهنم مهاد } أي فرش من تحتهم ، جمع مهد ، ولعله لم يذكره لأن المهاد كالصريخ فيه { ومن فوقهم غواش } أي أغطية - جمع غاشية - تغشيهم من جهنم ؛ وصرح في هذا بالفوقية لأن الغاشية ربما كانت عن يمين أو شمال ، أو كانت بمعنى مجرد الوصول والإدراك ، ولعله إنما حذف الأول لأن الآية من الاحتباك ، فذكر جهنم أولاً دليلاً على إرادتها ثانياً ، وذكر الفوق ثانياً دليلاً على إرادة التحت أولاً . ولما كان بعضهم ربما لا تكون له أهلية قطع ولا وصل ، قال عاماً لجميع أنواع الضلال : { وكذلك } أي ومثل ذلك الجزاء { نجزي الظالمين * } ليعرف أن المدار على الوصف ، والمجرم : المذنب ومادته ترجع إلى القطع ، والظالم : الواضع للشيء في غير موضعه كفعل من يمشي في الظلام ، يجوز أن يكون نبه سبحانه بتغاير الأوصاف على تلازمها ، فمن كان ظالماً لزمه الإجرام والتكذيب والاستكبار وبالعكس . ولما أخبر عن أحوالهم ترهيباً ، أتبعه الإخبار عن أحوال المؤمنين ترغيباً فقال { والذين آمنوا } في مقابلة { الذين كذبوا } . ولما قال : { وعملوا } أي تصديقاً لإيمانهم في مقابلة { الذين استكبروا } { الصالحات } وكان ذلك مظنة لتوهم أن عمل جميع الصالحات - لأنه جمع محلى بالألف واللام - شرط في دخول الجنة ؛ خلل ذلك بجملة اعتراضية تدل على التخفيف فقال : { لا نكلف نفساً إلا وسعها } وترغيباً في اكتساب مالا يوصف من النعيم بما هو في الوسع { أولئك } أي العالو الرتبة { أصحاب الجنة } ولما كانت الصحبة تدل على الدوام ، صرح به فقال : { هم فيها خالدون } .