Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 86-87)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما كان للتعميم بعد التخصيص والتفصيل بعد الإجمال من الموقع في النفوس ما لا يخفى ، وكان النهي عن الإفساد بالصد عن سبيل الله هو المقصود بالذات لأنه ينهى عن كل فساد ، خصه بالذكر إشارة إلى أنه زبدة المراد بعد التعميم فقال : { ولا تقعدوا } أي تفعلوا فعل المترصد المقبل بكليته { بكل صراط } أي طريق من طرق الدنيا والدين من الحلال والحرام والأوامر والنواهي والمحكم والمتشابه والأمثال { توعدون } أي تتهددون من يسلكه بكل شر إن لم يوافقكم على ما تريدون . ولما كان طريق الدين أهم ، خصه بالذكر فقال : { وتصدون } أي توقعون الصد على سبيل الاستمرار { عن سبيل الله } أي طريق من له الأمر كله ؛ ولما ذكر الصدود عنه ، ذكر المصدود فقال : { من آمن به } آي بالله فسلك سبيله التي لا أقوم منها ؛ ولما كانوا لا يقنعون بمطلق الصد بالتهديد ونحوه ، بل يبدون للمصدود شبهاً توهمه أنه على ضلال ، قال عاطفاً : { وتبغونها عوجاً } أي وتطلبون السبيل حال كونها ذات عوج ، أي تطلبون اعوجاجها بإلقاء الشبهات والشكوك كما تقول : أريد فلاناً ملكاً ، أي أريد ملكه ، وقد تقدم في آل عمران أن نصبه على الحال أرجح ، وأن قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح " ابغني أحجاراً أستنفض بها " يرجح نصبه على المفعولية - والله اعلم . ولما كانت أفعالهم نقص الناس إما في الأموال بالبخس وإما في الإيمان والنصرة بالصد ، ذكرهم أن الله تعالى فعل معهم ضد ذلك من التكثير بعد القلة في سياق منذر باجتثاثهم عن وجه الأرض وخصهم فضلاً عن تقليلهم ونقصهم ، فقال عطفاً على قوله { اعبدوا الله } وما بعده من الأوامر والنواهي : { واذكروا إذ } أي حين { كنتم قليلاً } أي في العدد والمدد { فكثركم } أي كثر عددكم وأموالكم وكل شيء ينسب إليكم ، فلا تقابلوا النعمة بضدها ، فإن ذكر النعمة مرغب في الشكر . ولما رغبهم بالتذكير بالنعمة ، حذرهم بالتذكير بأهل النقمة فقال : { وانظروا كيف كان عاقبة } أي آخر أمر { المفسدين * } أي في عموم الإهلاك بأنواع العذاب لتحذروا من أن يصيبكم مثل ما أصابهم كما صرح به في سورة هود لكون الحال هناك مقتضياً للبسط كما سيأتي إن شاء الله تعالى . ولما حذرهم وخامة الفساد الذي نهاهم عنه ، وعلق انتهاءهم عنه بوصف الإيمان ، رجع إلى قسم ما شرط به الانتهاء عن الإفساد فقال : { وإن كان طائفة منكم } أي جماعة فيهم كثرة بحيث يتحلقون بمن يريدون { آمنوا بالذي أرسلت به } وبناه للمفعول إشارة إلى أن الفاعل معروف بما تقدم من السياق ، وأنه صار بحيث لا يتطرق إليه شك لما نصب من الدلالات { وطائفة } أي منكم { لم يؤمنوا } أي بالذي أرسلني به من أيدني بما عملتم من البينات ، وحذرهم سطوته بقوله : { فاصبروا } أي أيها الفريقان { حتى يحكم الله } أي الذي له جميع العظمة { بيننا } أي بين فريقنا بإعزاز المصلح وإهلاك المفسد كما أجرى بذلك عادته { وهو } أي الحال أنه { خير الحاكمين * } لأنه يفصل النزاع على أتم وجه وأحكمه .