Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 30-32)
Tafsir: Naẓm ad-durar fī tanāsub al-ayāt wa-s-suwar
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ولما ذكر هذا الحفظ على هذا الوجه ، ذكر ما أذن فيه في أسلوب الاستثناء إشعاراً بأنه كأنه لم يذكر فيخرج إلا بعد تقرير عموم الحفظ لا أنه مقصود ابتداء بقصد الصفة فقال : { إلا على أزواجهم } أي بعقد النكاح . ولما قدمهن لشرفهن وشرف الولد بهن أتبعه قوله : { أو ما } عبر بما هو الإغلب لغير العقلاء ندباً إلى إيساع البطان في احتمالهن { ملكت أيمانهم } أي من السراري اللاتي هن محل الحرث والنسل اللاتي هن أقل عقلاً من الرجال . ولما كان الناكح عبادة نادراً جداً ، وكان الأصل في العبادة الخروج عن العادة ، وإن لم يتجرد للعبادة كن ملوماً ، اكتفى في مدحه بنفي اللوم عنه ، وأكده لأن الأصل كان استحقاقه للملام لإقباله على تحصيل ما له من المرام فقال مسبباً عن المستثنى : { فإنهم } أي بسبب إقبالهم بالفروج عليهن وإزالة الحجاب من أجل ذلك { غير ملومين * } أي في الاستمتاع بهن من لائم ما - كما نبه عليه بالبناء للمفعول - فهم يصحبونهن قصداً للتعفف وصون النفس وابتغاء الولد للتعاون على طاعة الله . ولما أفهم ذلك تحريم غير المستثنى ووجب الحفظ للفروج عنه ، صرح به على وجه يشمل المقدمات فقال مسبباً عنه : { فمن ابتغى } أي طلب ، وعبر بصيغة الافتعال لأن ذلك لا يقع إلا عن إقبال عظيم من النفس واجتهاد في الطلب { وراء ذلك } أي شيئاً من هذا خارجاً عن هذا الأمر الذي أحله الله تعالى ، والذي هو أعلى المراتب في أمر النكاح وقضاء اللذة أحسنها وأجملها . ولما كان الوصول إلى ذلك لا يكون إلا بتسبب من الفاعل ربط بالفاء قوله : { فأولئك } أي الذين هم في الحضيض من الدناءة وغاية البعد عن مواطن الرحمة { هم } أي بضمائرهم وظواهرهم { العادون * } أي المختصون بالخروج عن الحد المأذون فيه . ولما ذكر العادي أتبعه الواقف عند الحدود فقال : { والذين هم } أي ببذل الجهد من توجيه الضمائر { لأماناتهم } أي كل ما ائتمنهم الله عليه من حقه وحق غيره . ولما كان ذلك قد يكون من غير عهد ، قال مخصصاً : { وعهدهم } أي ما كان من الأمانات بربط بالكلام وتوثيق { راعون * } أي حافظون لها معترفون بها على وجه نافع غير ضار .