Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 24-26)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة } شهادة أن لا إله إلا الله { كشجرة طيبة } وهو المؤمن { أصلها ثابت } يقول : لا إله إلا الله { ثابت } في قول المؤمن { وفرعها في السماء } يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء { ومثل كلمة خبيثة } وهي الشرك { كشجرة خبيثة } وهي الكافر { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } يقول : الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ، ولا برهان له ولا يقبل الله مع الشرك عملاً . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً … } الآية . قال : يعني بالشجرة الطيبة ، المؤمن . ويعني بالأصل الثابت في الأرض وبالفرع في السماء ، يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم ، فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } يقول : يذكر الله كل ساعة من الليل والنهار . وفي قوله { ومثل كلمة خبيثة } قال : ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر ، يقول : إن الشجرة الخبيثة { اجتثت } من فوق الأرض { ما لها من قرار } يعني أن الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى الله تعالى ، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء ، يقول : ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة . وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله { كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت } في الأرض ، وكذلك كان يقرؤها . قال : ذلك المؤمن ضرب مثله . قال : الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له { أصلها ثابت } قال : أصل عمله ثابت في الأرض { وفرعها في السماء } قال : ذكره في السماء { تؤتي أكلها كل حين } قال : يصعد عمله أوّل النهار وآخره { ومثل كلمة خبيثة } قال : هذا الكافر ، ليس له عمل في الأرض ولا ذكر في السماء { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } قال : أعمالهم يحملون أوزارهم على ظهورهم . وأخرج ابن جرير ، عن عطية العوفي في قوله { ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال : ذلك مثل المؤمن ، لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إليه { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة } قال : ذلك مثل الكافر ، لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح . وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { كشجرة طيبة … } إلى قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال : تجتمع ثمرتها كل حين . وهذا مثل المؤمن ، يعمل كل حين وكل ساعة من النهار وكل ساعة من الليل ، وفي الشتاء وفي الصيف بطاعة الله . قال : وضرب الله مثل الكافر { كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } يقول : ليس لها أصل ولا فرع ، وليست لها ثمرة وليست فيها منفعة . كذلك الكافر ، ليس يعمل خيراً ولا يقوله ، ولم يجعل الله تعالى فيه بركة ولا منفعة له . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الربيع بن أنس - رضي الله عنه - قال : إن الله جعل طاعته نوراً ، ومعصيته ظلمة . إن الإِيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة ، ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع ، وإنه قد ضرب مثل الإِيمان فقال : { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة … } إلى قوله { وفرعها في السماء } وإنما هي الأمثال في الإِيمان والكفر . فذكر أن العبد المؤمن المخلص ، هو الشجرة . إنما ثبت أصله في الأرض وبلغ فرعه في السماء . إن الأصل الثابت ، الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له ، ثم إن الفرع ، هي الحسنة . ثم يصعد عمله أول النهار وآخره ، فهي { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } ثم هي أربعة أعمال إذا جمعها العبد : الاخلاص لله وحده ، وعبادته لا شريك له ، وخشيته وحبه وذكره . إذا جمع ذلك فلا تضره الفتن . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة - رضي الله عنه - " أن رجلاً قال : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور . فقال : أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا ، فركب بعضها إلى بعض ، أكان يبلغ السماء ؟ … أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء ؟ تقول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله عشر مرات في دبر كل صلاة . فذلك أصله في الأرض وفرعه في السماء " . وأخرج الترمذي النسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر ، فقال : " { مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة … } حتى بلغ { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } قال : هي النخلة { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة … } حتى بلغ { ما لها من قرار } قال : هي الحنظلة " . وأخرج عبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والرامهرمزي في الأمثال ، عن شعيب بن الحجاب - رضي الله عنه - قال : كنا عند أنس فأتينا بطبق عليه رطب ، فقال أنس - رضي الله عنه - لأبي العالية - رضي الله عنه - كل يا أبا العالية ، فإن هذا من الشجرة التي ذكر الله في كتابه " ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها " قال : هكذا قرأها يومئذ أنس . قال الترمذي - رضي الله عنه - : هذا الموقوف أصح . وأخرج أحمد وابن مردويه بسند جيد ، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { كشجرة طيبة } قال : " هي التي لا ينقص ورقها . هي النخلة " . وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، " عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أخبروني بشجرة مثل الرجل المسلم ، لا يتحات ورقها ولا ولا ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها . قال عبد الله - رضي الله عنه - : فوقع في نفسي أنها النخلة ، فأردت أن أقول : هي النخلة ، فإذا أنا أصغر القوم . وثم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فلما لم يتكلما بشيء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة " وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : " لما نزلت هذه الآية { ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدرون أي شجرة هذه ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : هي النخلة . قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فقلت : والذي أنزل عليك الكتاب بالحق لقد وقع في نفسي أنها النخلة ، ولكني كنت أصغر القوم ، لم أحب أن أتكلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك : ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير " . وأخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هل تدرون ما الشجرة الطيبة ؟ قال ابن عمر - رضي الله عنهما - : فأردت أن أقول هي النخلة ، فمنعني مكان عمر . فقالوا : الله ورسوله أعلم . فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة " . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر ، عن ابن مسعود في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة . وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة { تؤتي أكلها كل حين } قال : بكرة وعشية . وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة . وقوله { كشجرة خبيثة } قال : هي الحنظلة . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والرامهرمزي ، عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي النخلة ، لا يزال فيها شيء ينتفع به ، إما ثمرة وإما حطب . قال : وكذلك الكلمة الطيبة ، تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال : كل ساعة ، بالليل والنهار ، والشتاء والصيف . وذلك مثل المؤمن ، يطيع ربه بالليل والنهار والشتاء والصيف . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - { تؤتي أكلها } قال : يكون أخضر ، ثم يكون أصفر . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال جذاذ النخل . وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - { تؤتي أكلها كل حين } قال : تطعم في كل ستة أشهر . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عكرمة - رضي الله عنه - أنه سئل عن رجل حلف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين ، فقال : إن من الحين حيناً يدرك ، ومن الحين حيناً لا يدرك . فالحين الذي لا يدرك ، قوله { ولتعلمن نبأه بعد حين } [ ص : 88 ] والحين ، الذي يدرك { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } وذلك من حين تصرم النخلة إلى حين تطلع ، وذلك ستة أشهر . وأخرج ابو عبيد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر ، عن سعيد بن جبير قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني حلفت أن لا أكلم أخي حيناً . فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : أوقتَّ شيئاً . قال : لا . قال : فإن الله تعالى يقول { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } فالحين ، سنة . وأخرج البيهقي في سننه ، عن علي - رضي الله عنه - قال : الحين ستة أشهر . وأخرج البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : الحين قد يكون غدوة وعشية . وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن رجل حلف لا يكلم أخاه حيناً . قال : الحين ، ستة اشهر . ثم ذكر النخلة ما بين حملها إلى صرامها ستة أشهر . وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق عكرمة قال : قال ابن عباس - رضي الله عنهما - الحين ، حينان : حين يعرف ، وحين لا يعرف . فأما الحين الذي لا يعرف ، فقوله { ولتعلمن نبأه بعد حين } [ ص : 88 ] وأما الحين الذي يعرف ، فقوله { تؤتي أكلها كل حين } وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { كل حين } قال : كل سنة . وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : أرسل إليّ عمر بن عبد العزيز فقال : يا مولى ابن عباس ، إني حلفت أن لا أفعل كذا وكذا حيناً ، فما الحين الذي يعرف به ؟ فقلت : إن من الحين حيناً لا يدرك ، ومن الحين حين يدرك . فأما الحين الذي لا يدرك ، فقول الله { هل أتى على الإِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً } [ الإِنسان : 1 ] والله ما ندري كم أتى له إلى أن خلق ، وأما الذي يدرك ، فقوله { تؤتي أكلها كل حين } فهو ما بين العام إلى العام المقبل ، فقال : أصبت يا مولى ابن عباس ، ما أحسن ما قلت ! … وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي ، عن سعيد بن المسيب قال : الحين يكون شهرين والنخلة إنما يكون حملها شهرين . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة - رضي الله عنه - { تؤتي أكلها كل حين } قال : تؤكل ثمرتها في الشتاء والصيف . وأخرج البيهقي عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال : في كل سبعة أشهر . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال : هو شجر جوز الهند ، لا يتعطل من ثمرة ، يحمل في كل شهر . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { كشجرة طيبة } قال : هي شجرة في الجنة . وفي قوله { كشجرة خبيثة } قال : هذا مثل ضربه الله ، لم يخلق الله هذه الشجرة على وجه الأرض . وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قلب العباد ظهراً وبطناً ، فكان خير العرب قريشاً . وهي الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه { مثل كلمة طيبة } يعني القرآن { كشجرة طيبة } يعني بها قريشاً { أصلها ثابت } يقول : أصلها كبير { وفرعها في السماء } يقول : الشرف الذي شرفهم الله بالإِسلام الذي هداهم الله له وجعلهم من أهله " . وأخرج ابن مردويه من طريق حيان بن شعبة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله { كشجرة خبيثة } قال : الشريان . قلت لأنس : وما الشريان ؟ قال : الحنظل . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر حميد بن زياد الخراط في الآية قال : الشجرة الخبيثة ، التي تجعل في المسكر . وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : " قعد ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا هذه الآية { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } فقالوا : " يا رسول الله ، نراه الكمأة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكمأة من المن ، وماؤها شفاء للعين . والعجوة من الجنة ، وهي شفاء من السم " . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله { اجتثت من فوق الأرض } قال : استؤصلت من فوق الأرض . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه قال : اعقلوا عن الله الأمثال . وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه : أن رجلاً لقي رجلاً من أهل العلم فقال : ما تقول في الكلمة الخبيثة ؟ فقال : ما أعلم لها في الأرض مستقراً ولا في السماء مصعداً ، إلا أن تلزم عنق صاحبها حتى يوافي بها القيامة . وأخرج ابن جرير من طريق قتادة رضي الله عنه ، عن أبي العالية : " أن رجلاً خالجت الريح رداءه فلعنها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تلعنها ؛ فإنها مأمورة ، وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة على صاحبها " " .