Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 40-48)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { واتخذ من الملائكة إناثاً } قالت اليهود : الملائكة بنات الحق ! وفي قوله : { قل لو كان معه آلهة } الآية . يقول : { لو كان معه آلهة } إذاً لعرفوا فضله ومزيته عليهم ، فابتغوا ما يقربهم إليه ، إنهم ليس كما يقولون . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : { إذاً لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً } قال : على أين تنزلوا ملكه . قوله تعالى : { تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن } . وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن عبد الرحمن بن قرط رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به إلى المسجد الأقصى - كان جبريل عليه السلام عن يمينه ، وميكائيل عليه السلام عن يساره ، فطارا به حتى بلغ السموات العلى ، فلما رجع قال : " سمعت تسبيحاً في السموات العلى مع تسبيح كثير ، سبحت السموات العلى من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى " . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن لوط بن أبي لوط قال : بلغني أن تسبيح سماء الدنيا ، سبحان ربنا الأعلى ، والثانية سبحانه وتعالى ، والثالثة سبحانه وبحمده ، والرابعة سبحانه لا حول ولا قوة إلا به ، والخامسة سبحان محيي الموتى وهو على كل شيء قدير ، والسادسة سبحان الملك القدوس ، والسابعة سبحان الذي ملأ السموات السبع والأرضين السبع عزة ووقاراً . وأخرج ابن مردويه ، عن أنس رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهو جالس مع أصحابه إذ سمع هزة فقال : " أطت السماء وحق لها أن تئط " قالوا : وما الأطيط ؟ قال : " تناقضت السماء ويحقها أن تنقض ، والذي نفس محمد بيده ما فيها موضع شبر إلا فيه جبهة ملك ساجد يسبح الله بحمده " " . وأخرج ابن مردويه ، عن علي رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ { تسبح له السموات السبع والأرض } بالتاء . قوله تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } . أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه ، إن نوحاً قال لابنه يا بني ؛ آمرك أن تقول : سبحان الله ، فإنها صلاة الخلق ، وتسبيح الخلق ، وبها يرزق الخلق " قال الله تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } . وأخرج أحمد وابن مردويه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن نوحاً لما حضرته الوفاة قال لابنيه : آمركما بسبحان الله وبحمده ، فإنها صلاة كل شيء ، وبها يرزق كل شيء " . وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الذكر ، عن عائشة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صوت الديك صلاته ، وضربه بجناحيه سجوده وركوعه " ثم تلا هذه الآية : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد من السماء ، اذكروا الله يذكركم ، فلا يسمعها أول من الديك ، فيصيح فذلك تسبيحه . وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تضربوا وجوه الدواب ، فإن كل شيء يسبح بحمده " . وأخرج أبو الشيخ ، عن عمر رضي الله عنه قال : لا تلطموا وجوه الدواب ، فإن كل شيء يسبح بحمده . وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه ، " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - إنه مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل - فقال لهم : اركبوها سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق ، فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكراً للهِ منه " . وأخرج ابن مردويه ، عن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما تستقل الشمس فيبقى شيء من خلق الله تعالى إلا سبح الله بحمده إلا ما كان من الشيطان وأغنياء بني آدم " . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : ما من عبد يسبح الله تسبيحة ، إلا سبح ما خلق الله من شيء . قال الله تعالى : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } . وأخرج ابن مردويه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن النمل يسبحن " . وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قرصت نملة نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت ، فأوحى الله إليه من أجل نملة واحدة أحرقت أمة من الأمم تسبح " . وأخرج النسائي وأبو الشيخ وابن مردويه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع ، وقال : نعيقها تسبيح " . وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : الزرع يسبح بحمده ، وأجره لصاحبه ، والثوب يسبح . ويقول الوسخ : إن كنت مؤمناً فاغسلني إذاً . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي قبيل رضي الله عنه قال : الزرع يسبح وثوابه للذي زرع . وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كل شيء يسبح بحمده إلا الحمار والكلب . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة في قوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : الاسطوانة تسبح ، والشجرة تسبح . وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم ، عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا يعيبن أحدكم دابته ، ولا ثوبه ، فإن كل شيء يسبح بحمده . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والخطيب ، عن أبي صالح رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن صرير الباب تسبيحه . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي غالب الشيباني رضي الله عنه قال : صوت البحر تسبيحه ، وأمواجه صلاته . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن النخعي رضي الله عنه قال : الطعام تسبيح . وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو الشيخ ، عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين ، فجعل ينشر جناحه ويقول : ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح . وأخرج ابن راهويه في مسنده من طريق الزهري رضي الله عنه قال : أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول : " ما صيد من صيد ولا عضدت عضاة ولا قطعت وشيجة إلا بقلة التسبيح " . وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن مردويه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما صيد من صيد ولا وشج من وشج إلا بتضييعه التسبيح " . وأخرج عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما صيد من طير في السماء ولا سمك في الماء حتى يدع ما افترض الله عليه من التسبيح " . وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أخذ طائر ولا حوت إلا بتضييع التسبيح " . وأخرج أبو الشيخ ، عن مرثد بن أبي مرثد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يصطاد شيء من الطير والحيتان إلا بما يضيع من تسبيح الله " . وأخرج ابن عساكر من طريق يزيد بن مرثد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما اصطيد طير في بر ولا بحر إلا بتضييعه التسبيح " . وأخرج العقيلي في الضعفاء وأبو الشيخ والديلمي ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آجال البهائم كلها وخشاش الأرض والنمل والبراغيث والجراد والخيل والبغال والدواب كلها وغير ذلك آجالها في التسبيح ، فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها ، وليس إلى ملك الموت منها شيء " . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : ما من شيء في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي في قوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : ما من شيء في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن شوذب قال : جلس الحسن مع أصحابه على مائدة فقال بعضهم : هذه المائدة تسبح الآن فقال الحسن : كلا إنما ذاك كل شيء على أصله . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن إبراهيم قال الطعام تسبيح . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقتلوا الضفادع فإن أصواتها تسبيح . وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ظن داود عليه السلام أن أحداً لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه ، وأن ملكاً نزل وهو قاعد في المحراب والبركة إلى جانبه فقال : يا داود افهم إلى ما تصوّت به الضفدع ، فأنصت داود عليه السلام فإذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بها داود عليه السلام فقال له الملك : كيف تراه يا داود ؟ قال : أفهمت ما قالت ؟ قال : نعم . قال : ماذا قالت ؟ قال : قالت : سبحانك وبحمدك منتهى علمك يا رب . قال داود عليه السلام : والذي جعلني نبيه ، إني لم أمدحه بهذا . وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عن صدقة بن يسار رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام في محرابه ، فأبصر درة صغيرة ففكر في خلقها وقال : ما يعبأ الله بخلق هذه ؟ فأنطقها الله فقالت : يا داود أتعجبك نفسك ؟ لأنا على قدر ما آتاني الله ، أذكر لله وأشكر له منك ، على ما آتاك الله . قال الله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } . وأخرج ابن المنذر ، عن الحسن رضي الله عنه قال : هذه الآية في التوراة ، كقدر ألف آية { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال في التوراة : تسبح له الجبال ويسبح له الشجر ويسبح له كذا ويسبح له كذا . وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ ، عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يسمَّى النوّاح في كتاب الله عز وجل ، وانه انطلق حتى أتى البحر فقال : أيها البحر ، إني هارب . قال : من الطالب الذي لا ينأى طلبه . قال : فاجعلني قطرة من مائك ، أو دابة مما فيك ، أو تربة من تربتك ، أو صخرة من صخرك . قال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه ، ارجع من حيث جئت ، فإنه ليس مني شيء إلا بارز ، ينظر الله عز وجل إليه قد أحصاه وعده عداً فلست أستطيع ذلك ، ثم انطلق حتى أتى الجبل ، فقال : أيها الجبل ، اجعلني حجراً من حجارتك أو تربة من تربتك أو صخرة من صخرك أو شيئاً مما في جوفك . فقال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه ، إنه ليس مني شيء إلا يراه الله وينظر إليه وقد أحصاه وعده عداً ، فلست أستطيع ذلك . ثم انطلق حتى أتى على الأرض يعني الرمل فقال : أيها الرمل ، اجعلني تربة من تربك أو صخرة من صخرك أو شيئاً مما في جوفك . فأوحى الله إليه أجبه . فقال : أيها العبد الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه ، ارجع من حيث جئت فاجعل عملك لقمسين : لرغبة أو لرهبة ، فعلى أيهما أخذك ربك لم تبال ، وخرج فأتى البحر في ساعة فصلى فيه ، فنادته ضفدعة فقالت : يا داود ، إنك حدثت نفسك أنك قد سبحت في ساعة ليس يذكر الله فيها غيرك ، وإني في سبعين ألف ضفدعة كلها قائمة على رجل تسبح الله تعالى وتقدسه . وأخرج أحمد وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صلى داود عليه السلام ليلة حتى أصبح ، فلما أن أصبح وجد في نفسه غروراً ، فنادته ضفدعة يا داود ، كنت أدأب منك قد أغفيت إغفاءة . وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى رضي الله عنه قال : بلغني أنه ليس شيء أكثر تسبيحاً من هذه الدودة الحمراء . وأخرج أبو الشيخ ، عن الحسن رضي الله عنه قال : التراب يسبح فإذا بني فيه الحائط سبح . وأخرج أبو الشيخ ، عن عكرمة رضي الله عنه قال : إذا سمعت تغيضاً من البيت أو من الخشب والجدر فهو تسبيح . وأخرج أبو الشيخ ، عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان أبو الدرداء يطبخ قدراً فوقعت على وجهها فعلت تسبح . وأخرج أبو الشيخ ، عن سليمان بن المغيرة قال : كان مطرف رضي الله عنه إذا دخل بيته فسبح سبحت معه آنية بيته . وأخرج أبو الشيخ ، عن الحسن رضي الله عنه قال : لولا ما غمي عليكم من تسبيح ما معكم في البيوت ما تقاررتم . وأخرج أبو الشيخ ، عن مسعر رضي الله عنه قال : لولا ما غمى الله عليكم من تسبيح خلقه ما تقاررتم . وأخرج أبو الشيخ ، عن الحسن رضي الله عنه في قوله : { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : كل شيء فيه الروح يسبح . وأخرج أبو الشيخ ، عن مجاهد رضي الله عنه { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } قال : صلاة الخلق تسبيحهم ، سبحان الله وبحمده . وأخرج النسائي وابن مردويه ، " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - نعد الآيات بركة ، وأنتم تعدونها تخويفاً . بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - ليس معنا ماء فقال لنا : اطلبوا من معه فضل ماء فأتي بماء فوضعه في إناء ثم وضع يده فيه ، فجعل الماء يخرج من بين أصابعه . ثم قال : حي على الطهور المبارك والبركة من الله فشربنا منه " قال عبد الله : كنا نسمع صوت الماء وتسبيحه وهو يشرب . وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل . وأخرج أبو الشيخ ، عن أنس قال : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام ثريد ، فقال : " إن هذا الطعام يسبح " قالوا : يا رسول الله ، وتفقه تسبيحه ؟ قال : نعم . ثم قال لرجل : " أدن هذه القصعة من هذا الرجل " فأدناها منه فقال : نعم يا رسول الله ، هذا الطعام يسبح ! فقال : " أدْنِها من آخر " وأدناها منه فقال : هذا الطعام يسبح . ثم قال : ردها فقال رجل : يا رسول الله ، لو أمرت على القوم جميعاً ، فقال : لا " إنها لو سكتت عند رجل لقالوا من ذنب ردها فردها " " . وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه وسمع عصافير يصحن قال : تدري ما يقلن ؟ قلت : لا . قال : يسبحن ربهن عز وجل ويسألن قوت يومهن . وأخرج الخطيب ، عن أبي حمزة قال : كنا مع علي بن الحسين رضي الله عنه فمر بنا عصافير يصحن فقال : أتدرون ما تقول هذه العصافير ؟ فقلنا : لا . قال : أما إني ما أقول إنا نعلم الغيب ، ولكني سمعت أبي يقول : سمعت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول : إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها ، وسألته قوت يومها ، وإن هذه تسبح ربها ، وتسأله قوت يومها . وأخرج الخطيب في تاريخه ، " عن عائشة قالت : دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " يا عائشة ، اغسلي هذين البردين " فقلت : يا رسول الله ، بالأمس غسلتهما ، فقال لي : " أما علمت أن الثوب يسبح ، فإذا اتسخ انقطع تسبيحه " " . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { إنه كان حليماً غفوراً } قال : حليماً عن خلقه ، فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض ، غفوراً لهم إذا ثابوا . وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل ، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : " لما نزلت { تبت يدا أبي لهب } [ المسد : 1 ] أقبلت العوراء أم جميل ، ولها ولولة ، وفي يدها فهر وهي تقول : * مذمماً أبينا * ودينه قلينا * وأمره عصينا * ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، وأبو بكر رضي الله عنه إلى جنبه ، فقال أبو بكر : لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك ، فقال : إنها لن تراني وقرأ قرآنا اعتصم به " كما قال تعالى : { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } فجاءت حتى قامت على أبي بكر رضي الله عنه : فلم تَرَ النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا أبا بكر ، بلغني أن صاحبك هجاني ؟ فقال أبو بكر - رضي الله عنه - لا ورب هذا البيت ، ما هجاك ، فانصرفت وهي تقول : قد علمت قريش أني بنت سيدها . وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل من وجه آخر ، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : " أن أم جميل دخلت على أبي بكر وعنده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا ابن أبي قحافة ، ما شأن صاحبك ينشد في الشعر ؟ فقال : والله ما صاحبي بشاعر ، وما يدري ما الشعر . فقالت : أليس قد قال : { في جيدها حبل من مسد } [ المسد : 5 ] فما يدريه ما في جيدي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قل لها : هل ترين عندي أحداً ؟ فإنها لن تراني جعل بيني وبينها حجاب فقال لها أبو بكر رضي الله عنه : فقالت : أتهزأ بي ؟ والله ما أرى عندك أحداً " وأخرج ابن مردويه ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : كنت جالساً عند المقام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم - في ظل الكعبة بين يدي - إذ " جاءت أم جميل بنت حرب بن أمية زوجة أبي لهب ، ومعها فهران ، فقالت : أين الذي هجاني وهجا زوجي ؟ والله لئن رأيته لارضن أنثييه بهذين الفهرين . وذلك عند نزول { تبت يدا أبي لهب } قال أبو بكر رضي الله عنه : فقلت لها : يا أم جميل ، ما هجاك ولا هجا زوجك . قالت : والله ما أنت بكذاب وإن الناس ليقولون ذلك ، ثم ولت ذاهبة . فقلت : يا رسول الله ، إنها لم ترك ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حال بيني وبينها جبريل " . وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الأفراد وأبو نعيم في الدلائل ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لما نزلت { تبت يدا أبي لهب } جاءت امرأة أبي لهب فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ، لو تنحيت عنها ، فإنها امرأة بذية ، فقال : " إنه سيحال بيني وبينها فلا تراني " فقالت : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك ؟ قال : والله ما ينطق بالشعر ، ولا يقوله . فقالت : إنك لمصدق ، فاندفعت راجعة . فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ، ما رأتك ؟ قال : " كان بيني وبينها ملك يسترني بجناحه حتى ذهبت " " . وأخرج ابن إسحق وابن المنذر ، عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ودعاهم إلى الله قالوا : يهزؤون به { وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فٱعمل إننا عاملون } [ فصلت : 5 ] فأنزل الله في ذلك من قولهم { وإذا قرأت القرآن } الآيات . وأخرج ابن عساكر وولده القاسم في كتاب آيات الحرز ، عن العباس بن محمد المنقري رضي الله عنه قال : قدم حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المدينة حاجّاً ، فاحتجنا إلى أن نوجه رسولاً ، وكان في الخوف ، فأبى الرسول أن يخرج ، وخاف على نفسه من الطريق ، فقال الحسين رضي الله عنه : أنا أكتب لك رقعة فيها حرز لن يضرك شيء إن شاء الله تعالى ، فكتب له رقعة وجعلها الرسول في صورته ، فذهب الرسول فلم يلبث أن جاء سالماً ، فقال : مررت بالأعراب يميناً وشمالاً فما هيجني منهم أحد ، والحرز عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ، وأن هذا الحرز كان الأنبياء يتحرزون به من الفراعنة : { بسم الله الرحمن الرحيم } { قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون } [ المؤمنون : 109 ] { إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً } [ مريم : 18 ] أخذت بسمع الله وبصره وقوّته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يا معشر الجن والإنس والشياطين والأعراب والسباع والهوام واللصوص ، مما يخاف ويحذر فلان ابن فلان ، سترت بينه وبينكم بستر النبوّة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة ، جبريل ، عن أيمانكم ، وميكائيل ، عن شمائلكم ، ومحمد صلى الله عليه وسلم أمامكم ، والله سبحانه وتعالى من فوقكم يمنعكم من فلان ابن فلان في نفسه وولده وأهله وشعره وبشره وماله وما عليه وما معه وما تحته وما فوقه . { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } { وجعلنا على قلوبهم أكنة } إلى قوله { نفوراً } وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله : { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً } قال : الحجاب المستور أكنة على قلوبهم أن يفقهوه ، وأن ينتفعوا به ، أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم . وأخرج ابن أبي حاتم ، عن زهير بن محمد وإذا قرأت القرآن الآية قال : ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن على المشركين بمكة سمعوا صوته ولا يرونه . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً } قال : بغضاً لما تتكلم به لئلا يسمعوه ، كما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم ، لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتوبة . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً } قال : الشياطين . وأخرج البخاري في تاريخه ، عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال : لم كتمتم { بسم الله الرحمن الرحيم } فنعم الاسم والله كتموا ! فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل منزله ، اجتمعت عليه قريش ، فيجهر ( ببسم الله الرحمن الرحيم ) ويرفع صوته بها ، فتولي قريش فراراً ، فأنزل الله { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفوراً } . وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { إذ يستمعون إليك } قال : عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { إذ يستمعون إليك } قال : هي في مثل قول الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة وفي قوله : { فلا يستطيعون سبيلاً } قال : مخرجاً يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك ، الوليد بن المغيرة ، وأصحابه . وأخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل ، عن الزهري رضي الله عنه قال : حدثت أن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالليل في بيته ، فأخذ كل رجل منهم مجلساً يستمع فيه ، وكل لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعتهم الطريق فتلاوموا ، فقال بعضهم لبعض : لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئاً ، ثم انصرفوا حتى إذا كان الليلة الثانية ، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا ، فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : مثل ما قالوا أول مرة ، ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة ، أخذ كل رجل منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعتهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود ، فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا ، فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال : أخبرني عن رأيك فيما سمعت من محمد . قال : والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها . قال الأخنس : وأنا والذي حلفت به . ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل ، فقال : ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : ماذا سمعت ! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف في الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا على الركب ، وكنا كفرسي رهان ؛ قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء ، فمتى ندرك هذه ، والله لا نؤمن به أبداً ، ولا نصدقه فقام عنه الأخنس وتركه والله أعلم .