Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 178-178)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإِسلام بقليل ، فكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء ، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا ، فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال ، فحلفوا أن لا يرضوا حتى بالعبد من الحر منهم ، وبالمرأة من الرجل منهم ، فنزل فيهم { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ، فأنزل الله { النفس بالنفس } [ المائدة : 45 ] فجعل الأحرار في قصاص سواء فيما بينهم من العَمْد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس ، وجعل العبيد مستوين في العمد النفس وما دون النفس رجالهم ونساؤهم . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقتل بعبدنا فلان ابن فلان ، ونقتل بأمتنا فلانة بنت فلانة . فأنزل الله { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } . وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي مالك قال : كان بين حيين من الأنصار قتال كان لأحدهما على الآخر الطول ، فكأنهم طلبوا الفضل ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليصلح بينهم ، فنزلت هذه الآية { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } قال ابن عباس : نسختها { النفس بالنفس } [ المائدة : 45 ] . وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : لم يكن لمن كان قبلنا دية إنما هو القتل والعفو ، فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم ، فكانوا إذا قتل من الكثير عبد قالوا : لا نقتل به إلا حراً ، وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلاً ، فأنزل الله { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } . وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وأبو القاسم الزجاجي في أماليه والبيهقي في سننه عن قتادة في الآية قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان ، فكان الحي منهم إذا كان فيهم عدد فقتل لهم عبداً عبد قوم آخرين فقالوا : لن نقتل به إلا حراً تعززاً وتفضلاً على غيرهم في أنفسهم ، وإذا قتلت لهم أنثى قتلتها امرأة قالوا : لن نقتل بها إلا رجلاً ، فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد إلى آخر الآية ، نهاهم عن البغي ، ثم أنزل سورة المائدة فقال { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } [ المائدة : 45 ] الآية . وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } . قال : نسختها { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } الآية . أما قوله تعالى : { فمن عفي له } الآية . أخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس { فمن عفي له } قال : هو العمد يرضى أهله بالدية { فاتباع بالمعروف } أمر به الطالب { وأداء إليه بإحسان } قال : يؤدى المطلوب بإحسان { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } مما كان على بني إسرائيل . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { فمن عفي له من أخيه شيء } بعد أخذ الدية بعد استحقاق الدم وذلك العفو { فاتباع بالمعروف } يقول : فعلى الطالب اتباع بالمعروف إذا قبل الدية { وأداء إليه بإحسان } من القاتل في غير ضرر ولا فعلة المدافعة { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } يقول : رفق . وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي عن ابن عباس قال : كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة { كتب عليكم القصاص في القتلى } إلى قوله { فمن عفي له من أخيه شيء } فالعفو أن تقبل الدية في العمد { فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } يتبع الطالب بالمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } مما كتب على من كان قبلكم { فمن اعتدى بعد ذلك } قتل بعد قبول الدية { فله عذاب أليم } . وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كانت بنو إسرائيل إذا قتل فيهم القتيل عمداً لا يحل لهم إلا القود ، وأحل الله الدية لهذه الأمة ، فأمر هذا أن يتبع بمعروف ، وأمر هذا أن يؤدي بإحسان { ذلك تخفيف من ربكم } . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان على بني إسرائيل القصاص في القتلى ، ليس بينهم دية في نفس ولا جرح ، وذلك قول الله { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس … } [ المائدة : 45 ] الآية . فخفف الله عن أمة محمد ، فجعل عليهم الدية في النفس وفي الجراحة ، وهو قوله { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } . وأخرج ابن جرير والزجاجي في أماليه عن قتادة في قوله { ورحمة } قال : هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة أطعمهم الدية وأحلها لهم ولم تحل لأحد قبلهم ، فكان في أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو ليس بينهما أرش ، فكان أهل الإِنجيل إنما هو عفو أمروا به ، وجعل الله لهذه الأمة القتل والعفو الدية إن شاؤوا أحلها لهم ولم يكن لأمة قبلهم . وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أصيب بقتل أو جرح فإنه يختار إحدى ثلاث : إما أن يقتص ، وإما أن يعفو ، وإما أن يأخذ الدية ، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه ، ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالداً فيها أبداً " . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه { فمن اعتدى بعد ذلك } بأن قتل بعد أخذه الدية { فله عذاب أليم } قال : فعليه القتل لا يقبل منه الدية ، وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا أعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية " . وأخرج سمويه في فوائده عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا أعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية " . وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير الحسن في قوله { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } قال : كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلاً ينضم إلى قومه فيجيء قومه فيصالحون عنه بالدية ، فيخرج الفار وقد أمن في نفسه فيقتله ويرمي إليه بالدية ، فذلك الاعتداء . وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة . في رجل قتل بعد أخذ الدية قال : يقتل ، أما سمعت الله يقول { فله عذاب أليم } .