Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 194-194)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج البخاري عن نافع . أن رجلاً أتى ابن عمر فقال : ما حملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً وتترك الجهاد في سبيل الله ، وقد علمت ما رغب الله فيه ؟ قال : يا ابن أخي : بني الإِسلام على خمس : إيمان بالله ورسوله ، والصلاة الخمس ، وصيام رمضان ، وأداء الزكاة ، وحج البيت . قال : ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه ؟ : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } [ الحجرات : 9 ] { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } قال : فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإِسلام قليلاً ، وكان الرجل يفتن في دينه ، إما قتلوه وإما عذبوه حتى كثر الإِسلام ، فلم تكن فتنة . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي ظبيان قال : جاء رجل إلى سعد فقال له : ألا تخرج تقاتل مع الناس حتى لا تكون فتنة ؟ فقال سعد : قد قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم تكن فتنة ، فأما أنت وذا البطين تريدون أن أقاتل حتى تكون فتنة . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال " لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمراً في سنة ست من الهجرة ، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت ، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل ، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين وأقصه الله منهم ، نزلت هذه الآية { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } " . وأخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال " نزلت هذه الآية في صلح الحديبية ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صد عن البيت ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه القابل ، فلما كان العام القابل تجهز وأصحابه لعمرة القضاء ، وخافوا أن لا تفي قريش بذلك ، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم ، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام ، فأنزل الله ذلك " . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرموا بالعمرة في ذي القعدة ومعهم الهدي ، حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع ، ثم يقدم عاماً قابلاً فيقيم بمكة ثلاثة أيام ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة ، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الهدي بالحديبية ، وحلقوا أو قصروا ، فلما كان عام قابل أقبلوا حتى دخلوا مكة في ذي القعدة ، فاعتمروا وأقاموا بها ثلاثة أيام ، وكان المشركون قد فخروا عليه حين صدوه يوم الحديبية ، فقص الله له منهم فادخله مكة في ذلك الشهر الذي ردوه فيه ، فقال { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } " . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } قال " فخرت قريش بردها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية محرماً في ذي القعدة عن البلد الحرام ، فأدخله الله مكة من العام المقبل ، فقضى عمرته وأقصه ما حيل بينه وبين يوم الحديبية " . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال " أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي ، حتى إذا كانوا بالحديبية فصدهم المشركون ، فصالحهم نبي الله أن يرجع عامه ذلك حتى يرجع من العام المقبل ، فيكون بمكة ثلاث ليال ولا يدخلوها إلا بسلاح الراكب ، ولا يخرج بأحد من أهل مكة ، فنحروا الهدي بالحديبية وحلقوا وقصروا حتى إذا كان من العام المقبل ، أقبل نبي الله وأصحابه معتمرين في ذي القعدة حتى دخلوا فأقام ثلاث ليال ، وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية ، فأقصه الله منهم وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه في ذي القعدة ، فقال الله { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } " . وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن ابن جرير قال " قلت لعطاء : قول الله عز وجل { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } فقال : هذا يوم الحديبية صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام وكان معتمراً ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة التي بعدها معتمراً مكة ، فعمرة في الشهر الحرام بعمره في الشهر الحرام " . وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة وابن شهاب قالا " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل من عام الحديبية معتمراً في ذي القعدة سنة سبع ، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام ، وأنزل الله في تلك العمرة { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر الحرام الذي صد فيه " . وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس " في قوله { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } وقوله { وجزاء سيئة سيئة مثلها } [ الشورى : 40 ] وقوله { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل } [ الشورى : 41 ] وقوله { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } [ النحل : 126 ] قال : هذا ونحوه نزل بمكة ، والمسلمون يومئذ قليل فليس لهم سلطان يقهر المشركين ، فكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى ، فأمر الله المسلمين من يتجازى منهم أن يتجازى بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأعز الله سلطانه أمر الله المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم ، ولا يعدو بعضهم على بعض كأهل الجاهلية ، فقال { ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً } [ الإسراء : 33 ] الآية . يقول : ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه ، ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف ، قد عمل بحمية الجاهلية ولم يرض بحكم الله تعالى " . وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } قال : فقاتلوهم فيه كما قاتلوكم . وأخرج أحمد وابن جرير والنحاس في ناسخه عن جابر عن عبد الله قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى ويغزو ، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ .