Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 27-31)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : " ان أبا معيط كان يجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لا يؤذيه ، وكان رجلاً حليماً ، وكان بقية قريش إذا جلسوا معه آذوه ، وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام فقالت قريش : صبا أبو معيط ، وقدم خليله من الشام ليلاً فقال لامرأته : ما فعل محمد مما كان عليه ؟ فقالت : أشد مما كان أمراً فقال : ما فعل خليلي أبو معيط ؟ فقالت : صبأ . فبات بليلة سوء ، فلما أصبح أتاه أبو معيط فحياه ، فلم يرد عليه التحية فقال : ما لك . لا ترد عليَّ تحيتي ؟ فقال : كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت ؟ قال : أوقد فعلتها قريش ؟ ! قال : نعم . قال فما يبرىء صدورهم إن أنا فعلت قال : نأتيه في مجلسه ، وتبصق في وجهه ، وتشتمه بأخبث ما تعلمه من الشتم . ففعل ، فلم يزد النبي صلى الله عليه وسلم أن مسح وجهه من البصاق ، ثم التفت إليه فقال : إن وجدتك خارجاً من جبال مكة أضرب عنقك صبراً . فلما كان يوم بدر ، وخرج أصحابه ، أبى أن يخرج فقال له أصحابه : اخرج معنا قال : قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجاً من جبال مكة أن يضرب عنقي صبراً فقالوا : لك جمل أحمر لا يُدْرَكَ ، فلو كانت الهزيمة طرت عليه ، فخرج معهم ، فلما هزم الله المشركين ، وحل به جمله في جدد من الأرض ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيراً في سبعين من قريش ، وقدم إليه أبو معيط فقال : تقتلني من بين هؤلاء ؟ قال : نعم . بما بصقت في وجهي ، فأنزل الله في أبي معيط { ويوم يعض الظالم على يديه } إلى قوله { وكان الشيطان للإِنسان خذولاً } " . وأخرج أبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : " كان عقبة بن أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً فدعا إليه أهل مكة كلهم ، وكان يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ويعجبه حديثه ، وغلب عليه الشقاء فقدم ذات يوم من سفر فصنع طعاماً ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعامه فقال : ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . فقال : أطعم يا ابن أخي . قال : ما أنا بالذي أفعل حتى تقول … فشهد بذلك وطعم من طعامه . فبلغ ذلك أُبي بن خلف فأتاه فقال : أصبوت يا عقبة ؟ - وكان خليله - فقال : لا والله ما صبوت . ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له ، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم ، فشهدت له ، فطعم . فقال : ما أنا بالذي أرضى عنك حتى تأتيه فتبصق في وجهه . ففعل عقبة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ألقاك خارجاً من مكة إلا علوت رأسك بالسيف ، فأسر عقبة يوم بدر فقتل صبراً ولم يقتل من الأسارى يومئذ غيره " . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : " كان أبي بن خلف يحضر النبي صلى الله عليه وسلم فزجره عقبة بن أبي معيط ، فنزل { ويوم يعض الظالم على يديه } إلى قوله { وكان الشيطان للإِنسان خذولاً } " . وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن مقسم مولى ابن عباس قال : " إن عقبة بن أبي معيط ، وأبي بن خلف الجمحي التقيا . فقال عقبة بن أبي معيط لأبي بن خلف - وكانا خليلين في الجاهلية - وكان أبي قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الإِسلام ، فلما سمع بذلك عقبة قال : لا أرضى عنك حتى تأتي محمداً فتتفل في وجهه وتشمته وتكذبه . قال : فلم يسلطه الله على ذلك . فلما كان يوم بدر ، أسر عقبة بن أبي معيط في الأسارى فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يقتله فقال عقبة : يا محمد أمن بين هؤلاء أقتل ؟ قال : نعم . قال : بم ؟ قال : بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله ، فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه . وأما أبي بن خلف فقال : والله لا قتلن محمداً فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل أنا أقتله إن شاء الله . فافزعه ذلك فوقعت في نفسه لأنهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولاً إلا كان حقاً ، فلما كان يوم أحد خرج مع المشركين ، فجعل يلتمس غفلة النبي صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه . فيحول رجل من المسلمين بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينه . فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : خلفوا عنه فأخذ الحربة فرماه بها ، فوقعت ترقوته ، فلم يخرج منه كبير دم واحتقن الدم في جوفه ، فخار كما يخور الثور فأتى أصحابه حتى احتملوه وهو يخور وقالوا : ما هذا ؟ ! فوالله ما بك إلا خدش فقال : والله لو لم يصبني إلا بريقه لقتلني أليس قد قال : أنا أقتله ، والله لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لقتلهم . قال : فما لبث إلا يوماً أو نحو ذلك حتى مات إلى النار ، وأنزل الله فيه { ويوم يعض الظالم على يديه } إلى قوله { وكان الشيطان للإِنسان خذولاً } " . وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سابط قال : " صنع أبي بن خلف طعاماً ثم أتى مجلساً فيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قوموا . فقاموا غير النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لا أقوم حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فتشهد . فقام النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه عقبة بن أبي معيط فقال : قلت : كذا وكذا قال : إنما أردت لطعامنا فذلك قوله { ويوم يعض الظالم على يديه } " وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : " عقبة بن أبي معيط دعا مجلساً فيه النبي صلى الله عليه وسلم لطعام ، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل وقال : " لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . فلقيه أمية بن خلف فقال : أقد صبوت ؟ فقال : إن أخاك على ما تعلم ولكن صنعت طعاماً فأبى أن يأكل حتى قلت ذلك ، فقلته وليس من نفسي " . وأخرج ابن أبي حاتم عن هشام في قوله { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : يأكل كفيه ندامة حتى يبلغ منكبه لا يجد مسها . وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : يأكل يده ثم تنبت . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : بلغني أنه يعضه حتى يكسر العظم ثم يعود . وأخرج عبد بن حميد وابن حاتم عن سعيد بن المسيب قال : نزلت في أمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : هذا عقبة . { لم أتخذ فلاناً خليلاً } قال : أمية وكان عقبة خدناً لأمية فبلغ أمية أن عقبة يريد الإِسلام ، فأتاه وقال وجهي من وجهك حرام إن أسلمت أن أكلمك أبداً . ففعل ، فنزلت هذه الآية فيهما . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك في قوله { لم أتخذ فلاناً خليلاً } قال : عقبة بن أبي معيط ، وأمية بن خلف كانا متواخيين في الجاهلية يقول أمية بن خلف : يا ليتني لم أتخذ عقبة بن أبي معيط خليلاً . وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون في قوله { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : " نزلت في عقبة بن أبي معيط ، وأبي بن خلف ، دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عقبة في حاجة وقد صنع طعاماً للناس ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعامه قال : لا … حتى تسلم . فأسلم فأكل … وبلغ الخبر أبي بن خلف ، فأتى عقبة فذكر له ما صنع فقال له عقبة أترى مثل محمد يدخل منزلي وفيه طعام ثم يخرج ولا يأكل ! قال : فوجهي من وجهك حرام حتى ترجع عما دخلت فيه . فرجع . فنزلت الآية " . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال { ويوم يعض الظالم على يديه } قال : أبي بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط . وهما الخليلان في جهنم على منبر من نار . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلاً من قريش كان يغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقيه رجل آخر من قريش - وكان له صديقاً - فلم يزل به حتى صرفه وصده عن غشيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله فيهما ما تسمعون . وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً } قال : الشيطان . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة { وكان الشيطان للإِنسان خذولاً } قال : خذل يوم القيامة وتبرأ منه { وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً } هذا قول نبيكم يشتكي قومه إلى ربه قال الله يعزي نبيه : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً من المجرمين } يقول : إن الرسل قد لقيت هذا من قومها قبلك فلا يكبرن عليك . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { اتخذوا هذا القرآن مهجوراً } قال : يهجرون فيه بالقول السيء . يقولون : هذا سحر . وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله { اتخذوا هذا القرآن مهجوراً } قالوا : فيه هجيراً غير الحق . ألم تر المريض إذا هذى قيل : هجر ؟ أي قال : غير الحق . وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً من المجرمين } قال : لم يبعث نبي قط إلا كان المجرمون له أعداء . ولم يبعث نبي قط إلا كان بعض المجرمين أشد عليه من بعض . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً من المجرمين } قال : كان عدوّ النبي صلى الله عليه وسلم أبو جهل ، وعدوّ موسى قارون ، وكان قارون ابن عم موسى . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً من المجرمين } قال : يوطن محمد صلى الله عليه وسلم أنه جاعل له عدوّاً من المجرمين كما جعل لمن قبله .