Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 1-4)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان من شأن فرعون أنه رأى رؤيا في منامه : أن ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى إذا اشتملت على بيوت مصر أحرقت القبط ، وتركت بني إسرائيل ، فدعا السحرة ، والكهنة ، والعافة ، والزجرة . وهم العافة الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له : يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر . فأمر بني إسرائيل أن لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه ، ولا يولد لهم جارية إلا تركت ، وقال للقبط : انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجاً فادخلوهم ، واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة ، فجعلوا بني إسرائيل في أعمال غلمانهم ، وادخلوا غلمانهم . فذلك حين يقول { إن فرعون علا في الأرض } يقول : تجبر في الأرض { وجعل أهلها شيعاً } يعني بني إسرائيل { يستضعف طائفة منهم } حين جعلهم في الأعمال القذرة ، وجعل لا يولد لبني إسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير . وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت ، فأسرع فيهم . فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا : إن هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت ، فيوشك أن يقع العمل على غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار ، فلو أنك كنت تبقي من أولادهم . فأمر أن يذبحوا سنة ، ويتركوا سنة ، فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هرون عليه السلام . فترك ، فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى عليه الصلاة والسلام ، فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه ، فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجاراً وجعلت له تابوتاً ، وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه ، وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون ، فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن ، فوجدن التابوت ، فادخلنه إلى آسية وظنن أن فيه مالاً ، فلما تحرك الغلام رأته آسية صبياً ، فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته . فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه ، فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال : إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل ، وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكنا . فبينما هي ترقصه وتلعب به إذ ناولته فرعون وقالت : خذه { قرة عين لي ولك } [ القصص : 9 ] قال فرعون : هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس : ولو قال هو قرة عين لي إذاً لآمن به ، ولكنه أبى - فلما أخذه إليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال فرعون : عليَّ بالذباحين هو ذا . قالت آسية : لا تقتله { عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً } [ القصص : 9 ] إنما هو صبي لا يعقل وإنما صنع هذا من صباه ، أنا أضع له حلياً من الياقوت ، وأضع له جمراً فإن أخذ الياقوت فهو يعقل اذبحه ، وإن أخذ الجمر فإنما هو صبي ، فاخرجت له ياقوتاً ، ووضعت له طستاً من جمر ، فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده جمرة ، فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه ، فارادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء ، وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى أن يأخذ . فجاءت أخته فقالت : { هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون } فأخذوها فقالوا : إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت : ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون . فلما جاءته أمه أخذ منها . وكادت تقول : هو ابني . فعصمها الله فذلك قوله { إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين } قال : قد كانت من المؤمنين ولكن بقول : { إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } قال السدي : وإنما سمي موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون } يقول : في هذا القرآن نبؤهم { إن فرعون علا في الأرض } أي بغى في الأرض { وجعل أهلها شيعاً } أي فرقاً . وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { وجعل أهلها شيعاً } قال : فرق بينهم . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله { وجعل أهلها شيعاً } قال : يتعبد طائفة ، ويقتل طائفة ، ويستحيي طائفة . أما قوله تعالى : { إنه كان من المفسدين } . أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لقد ذكر لنا أنه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار ، ثم يصف بعضه إلى بعض ، ثم يؤتى بحبالى من بني إسرائيل فيوقفن عليه ، فيجز أقدامهن حتى أن المرأة منهم لتضع بولدها ، فيقع بين رجليها ، فتظل تطؤه وتتقي به حد القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها . حتى أسرف في ذلك وكان يفنيهم قيل له : أفنيت الناس ، وقطعت النسل ، وإنما هم خولك وعمالك ، فتأمر أن يقتلوا الغلمان عاماً ، ويستحيوا عاماً ، فولد هرون عليه السلام في السنة التي يستحيي فيها الغلمان ، وولد موسى عليه السلام في السنة التي فيها يقتلون ، وكان هرون عليه السلام أكبر منه بسنة ، فلما أراد الله بموسى عليه السلام ما أراد واستنقاذ بني إسرائيل مما هم فيه من البلاء ، أوحى الله إلى أم موسى حين تقارب ولادها { أن أرضعيه } [ القصص : 7 ] .