Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 59-63)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس " أن رهطاً من أهل نجران قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان فيهم السيد والعاقب فقالوا له : ما شأنك تذكر صاحبنا ؟ قال : من هو ؟ قالوا : عيسى تزعم أنه عبدالله ! قال : أجل إنه عبدالله . قالوا : فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به ؟ ثم خرجوا من عنده فجاءه جبريل فقال : قل لهم إذا أتوك { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } إلى آخر الآية " وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : " ذكر لنا أن سيدي أهل نجران وأسقفيهم السيد والعاقب لقيا نبي الله فسألاه عن عيسى فقالا : كل أدمي له أب فما شأن عيسى لا أب له ؟ فأنزل الله فيه هذه الآية { إن مثل عيسى عند الله … } الآية " . وأخرج ابن جرير عن السدي قال " لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع به أهل نجران أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم ، منهم السيد ، والعاقب ، وماسرجس ، ومار بحر ، فسألوه ما تقول في عيسى ؟ قال : هو عبدالله ، وروحه ، وكلمته ، قالوا هم : لا ، ولكنه هو الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم ثم خرج منها ، فأرانا قدرته وأمره ، فهل رأيت إنساناً قط خلق من غير أب ؟ فأنزل الله { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم … } الآية " وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله { إن مثل عيسى … } الآية قال : نزلت في العاقب ، والسيد ، من أهل نجران . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال " بلغنا أن نصارى نجران قدم وفدهم على النبي صلى الله عليه وسلم فيهم السيد ، والعاقب ، وهما يومئذ سيدا أهل نجران فقالوا : يا محمد فيم تشتم صاحبنا ؟ قال : من صاحبكم ؟ ! قالوا : عيسى ابن مريم تزعم أنه عبد . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل إنه عبدالله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه . فغضبوا وقالوا : إن كنت صادقاً فأرنا عبداً يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه ، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه ، لكنه الله . فسكت حتى أتاه حبريل فقال : يا محمد { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم … } [ المائدة : 17 ] الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبريل إنهم سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى . قال جبريل { إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } فلما أصبحوا عادا فقرأ عليهم الآيات " . وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن الأزرق بن قيس قال : " جاء أسقف نجران ، والعاقب ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فقالا : قد كنا مسلمين قبلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبتما مع الإسلام منكما ثلاث : قولكما اتخذ الله ولداً ، وسجودكما للصليب ، وأكلكما لحم الخنزير ، قالا : فمن أبو عيسى ؟ فلم يدر ما يقول . فأنزل الله { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } إلى قوله { بالمفسدين } فلما نزلت هذه الآيات دعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملاعنه فقالا : إنه ان كان نبياً فلا ينبغي لنا أن نلاعنه ، فأبيا فقالا : ما تعرض سوى هذا ؟ فقال : الإسلام ، أو الجزية ، أو الحرب ، فأقروا بالجزية " . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة { الحق من ربك فلا تكن من الممترين } يعني فلا تكن في شك من عيسى ، إنه كمثل آدم عبدالله ورسوله وكلمته . وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : " قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : حدثنا عن عيسى ابن مريم قال : رسول الله ، وكلمته ألقاها إلى مريم . قالوا : ينبغي لعيسى أن يكون فوق هذا . فأنزل الله { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم … } الآية . قالوا : ما ينبغي لعيسى أن يكون مثل آدم . فأنزل الله { فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم … } الآية " . وأخرج ابن جرير عن عبدالله بن الحرث بن جزء الزبيدي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليت بيني وبين أهل نجران حجاباً فلا أراهم ولا يروني ، من شدة ما كانوا يمارون النبي صلى الله عليه وسلم " . وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه " طس " سليمان . بسم الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب ، من محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران . إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب . أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد ، فإن أبيتم فالجزية ، وإن أبيتم فقد آذنتكم بالحرب ، والسلام . فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به وذعر ذعراً شديداً ، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة ، فدفع إليه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقرأه فقال له الأسقف : ما رأيك … ؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوّة ، فما يؤمن أن يكون هذا الرجل ! ليس لي في النبوّة رأي ، لو كان رأي من أمر الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك . فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران ، فكلهم قال مثل قول شرحبيل ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة ، وعبدالله بن شرحبيل ، وجبار بن فيض ، فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم وسألوه ، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى ابن مريم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغد . فأنزل الله هذه الآية { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب } إلى قوله { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } فأبوا أن يقروا بذلك . فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعدما أخبرهم الخبر أقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميلة له ، وفاطمة تمشي خلف ظهره للملاعنة ، وله يومئذ عدة نسوة فقال شرحبيل لصاحبيه : إني أرى أمراً مقبلاً ان كان هذا الرجل نبياً مرسلاً فلاعناه لا يبقي على الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك فقالا له : ما رأيك ؟ فقال : رأيي أن أحكمه فإني أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً . فقالا له : أنت وذاك . فتلقى شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني قد رأيت خيراً من ملاعنتك قال : وما هو ؟ قال : حكمك اليوم إلى الليل ، وليلتك إلى الصباح ، فمهما حكمت فينا فهو جائز . فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلاعنهم وصالحهم على الجزية " وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو نعيم في الدلائل عن حذيفة " أن العاقب ، والسيد ، أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يلاعنهما فقال أحدهما لصاحبه : لا تلاعنه فوالله لئن كان نبياً فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا فقالوا له : نعطيك ما سألت فابعث معنا رجلاً أميناً فقال : قم يا أبا عبيدة . فلما وقف قال : هذا أمين هذه الأمة " وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال " قدم على النبي صلى الله عليه وسلم العاقب ، والسيد ، فدعاهما إلى الإِسلام فقالا : أسلمنا يا محمد قال : كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإِسلام . قالا : فهات . قال : حب الصليب ، وشرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، قال جابر : فدعاهما إلى الملاعنة ، فوعداه إلى الغد ، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذ بيد علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه ، وأقرا له ، فقال : والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما ناراً . قال جابر : فيهم نزلت { تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم … } الآية . قال جابر : أنفسنا وأنفسكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ، وأبناءنا الحسن والحسين ، ونساءنا فاطمة " . وأخرج الحاكم وصححه عن جابر " أن وفد نجران أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما تقول في عيسى ؟ فقال : هو روح الله ، وكلمته ، وعبد الله ، ورسوله ، قالوا له : هل لك أن نلاعنك أنه ليس كذلك ؟ قال : وذاك أحب إليكم ؟ قالوا : نعم . قال : فإذا شئتم . فجاء وجمع ولده الحسن والحسين ، فقال رئيسهم : لا تلاعنوا هذا الرجل فوالله لئن لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين فجاؤوا فقالوا : يا أبا القاسم إنما أراد أن يلاعنك سفهاؤنا ، وإنا نحب أن تعفينا . قال قد أعفيتكم ثم قال : إن العذاب قد أظل نجران " . وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس " أن وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم . منهم السيد وهو الكبير ، والعاقب وهو الذي يكون بعده ، وصاحب رأيهم ، فقال رسول الله لهما : أسلما قالا : أسلمنا . قال : ما أسلمتما . قالا : بلى . قد أسلمنا قبلك . قال : كذبتما يمنعكم من الإسلام ثلاث فيكما . عبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير ، وزعمكما أن لله ولداً . ونزل { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب … } الآية . فلما قرأها عليهم قالوا : ما نعرف ما تقول . ونزل { فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم } يقول : من جادلك في أمر عيسى من بعد ما جاءك من العلم من القرآن { فقل تعالوا } إلى قوله { ثم نبتهل } يقول : نجتهد في الدعاء أن الذي جاء به محمد هو الحق ، وإن الذي يقولون هو الباطل فقال لهم : إن الله قد أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم فقالوا : يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك . فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم قال السيد للعاقب : قد والله علمتم أن الرجل نبي مرسل ، ولئن لاعنتموه إنه ليستأصلكم ، وما لاعن قوم قط نبياً فبقي كبيرهم ، ولا نبت صغيرهم . فإن أنتم لم تتعوه وأبيتم إلا إلف دينكم فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومعه علي ، والحسن ، والحسين ، وفاطمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أنا دعوت فأمنوا أنتم . فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية " " . وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس " أن ثمانية من أساقف العرب من أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم العاقب ، والسيد ، فأنزل الله { قل تعالوا ندع أبناءنا } إلى قوله { ثم نبتهل } يريد ندع الله باللعنة على الكاذب . فقالوا : أخرنا ثلاثة أيام ، فذهبوا إلى بني قريظة ، والنضير ، وبني قينقاع ، فاستشارهم . فاشاروا عليهم أن يصالحوه ولا يلاعنوه ، وهو النبي الذي نجده في التوراة . فصالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألف حلة في صفر ، وألف في رجب ودراهم " وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن قتادة { فمن حاجَّك فيه } في عيسى " { فقل تعالوا ندع أبناءنا … } الآية فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وفد نجران ، وهم الذين حاجوه في عيسى فنكصوا وأبوا . وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران ، ولو فعلوا لاستؤصلوا عن وجه الأرض " . وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم عن الشعبي قال " كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى قولاً في عيسى ابن مريم ، فكانوا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم فيه . فأنزل الله هذه الآيات في سورة آل عمران { إن مثل عيسى عند الله } إلى قوله { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } فأمر بملاعنتهم ، فواعدوه لغد ، فغدا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الحسن ، والحسين ، وفاطمة ، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تموا على الملاعنة " . وأخرج عبد الرزاق والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال " لو باهل أهل نجران رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالاً " . وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال : " لما نزلت هذه الآية { فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً ، وفاطمة ، وحسناً ، وحسيناً ، فقال " اللهم هؤلاء أهلي " " . وأخرج ابن جرير عن غلباء بن أحمر اليشكري قال " لما نزلت هذه الآية { فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم … } الآية . أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي ، وفاطمة ، وابنيهما الحسن ، والحسين ، ودعا اليهود ليلاعنهم فقال شاب من اليهود : ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير ؟ لا تلاعنوا . فانتهوا " . وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه في هذه الآية { تعالوا ندع أبناءنا … } الآية . قال : فجاء بأبي بكر وولده ، وبعمر وولده ، وبعثمان وولده ، وبعلي وولده . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس { ثم نبتهل } نجتهد . وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هذا الإخلاص يشير بأصبعه التي تلي الإبهام ، وهذا الدعاء فرفع يديه حذو منكبيه ، وهذا الابتهال فرفع يديه مداً " . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس { إن هذا لهو القصص الحق } يقول : إن هذا الذي قلنا في عيسى هو الحق . وأخرج عبد بن حميد عن قيس بن سعد قال : كان بين ابن عباس وبين آخر شيء فقرأ هذه الآية { تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل } فرفع يديه واستقبل الركن { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } .