Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 94-94)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لحق ناس من المسلمين رجلاً معه غنيمة له فقال : السلام عليكم . فقتلوه وأخذوا غنيمته ، فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا } إلى قوله { عرض الحياة الدنيا } قال : تلك الغنيمة . قال : قرأ ابن عباس { السلام } . وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والترمذي وحسنه وعبد بن حميد وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : " مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسوق غنماً له ، فسلم عليهم ، فقالوا : ما سلم علينا إلا ليتعوّذ منا ، فعمدوا له فقتلوه ، وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم … } الآية " . وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال " بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أضم ، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم الحرث بن ربعي أبو قتادة ، ومحلم بن جثامة بن قيس الليثي ، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن أضم ، مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له ، معه متيع له وقطب من لبن ، فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام ، فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه ، فقتله وأخذ بعيره ومتاعه ، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر ، نزل فينا القرآن { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا … } الآية " . وأخرج ابن إسحاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبغوي في معجمه من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط " عن أبي حدرد الأسلمي عن أبيه نحوه ، وفيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أقتلته بعدما قال : آمنت بالله ؟ ! فنزل القرآن " " . وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثاً ، فلقيهم عامر بن الأضبط ، فحياهم بتحية الإسلام ، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية ، فرماه محلم بسهم فقتله ، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء محلم في بردين ، فجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر له فقال : لا غفر الله لك . فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه ، فما مضت به ساعة حتى مات ودفنوه ، فلفظته الأرض ، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكروا ذلك له فقال : إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله أراد أن يعظكم ، ثم طرحوه في جبل وألقوا عليه الحجارة ، فنزلت { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم . … } الآية " . واخرج البزار والدارقطني في الأفراد والطبراني عن ابن عباس قال " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود ، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير لم يبرح ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله . فأهوى إليه المقداد فقتله . فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلاً شهد أن لا إله إلا الله ؟ ! والله لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : يا رسول الله إن رجلاً شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد . فقال : ادعوا إليَّ المقداد ، فقال : يا مقداد أقتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله ، فكيف لك بلا إله إلا الله غداً ؟ فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله } إلى قوله { كذلك كنتم من قبل } قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد : كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فاظهر إيمانه فقتلته ، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل " . وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر قال : أنزلت هذه الآية { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام } في مرداس . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : " كان الرجل يتكلم بالإسلام ، ويؤمن بالله والرسول ، ويكون في قومه ، فإذا جاءت سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بها حيه - يعني قومه - وأمام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل أنه على دينهم ، حتى يلقاهم فيلقي إليهم السلام ، فيقولون : لست مؤمناً وقد ألقى السلم فيقتلونه ، فقال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا } إلى { تبتغون عرض الحياة الدنيا } يعني تقتلونه إرادة أن يحل لكم ماله الذي وجدتم معه ، وذلك عرض الحياة الدنيا فإن عندي مغانم كثيرة ، والتمسوا من فضل الله . وهو رجل اسمه مرداس خلى قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليها رجل من بني ليث اسمه قليب حتى إذا وصلت الخيل سلّم عليهم فقتلوه ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله بديته ، ورد إليهم ماله ، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك " . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا } قال : هذا الحديث في شأن مرداس ، رجل من غطفان ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشاً عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك ، وبه ناس من غطفان ، وكان مرداس منهم . ففر أصحابه فقال مرداس : إني مؤمن وعلى متبعكم . فصبحته الخيل غدوة ، فلما لقوه سلم عليهم مرداس ، فتلقاه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوه ، وأخذوا ما كان معه من متاع ، فأنزل الله في شأنه { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً } لأن تحية المسلمين السلام ، بها يتعارفون ، وبها يحيي بعضهم بعضاً . وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله … } الآية . قال " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها أسامة بن زيد إلى بني ضمرة ، فلقوا رجلاً منهم يدعى مرداس بن نهيك معه غنم له وجمل أحمر ، فلما رآهم أوى إلى كهف جبل واتبعه أسامة ، فلما بلغ مرداس الكهف وضع فيه غنمه ثم أقبل إليهم فقال : السلام عليكم ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فشد عليه أسامة فقتله من أجل جمله وغنيمته ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أسامة أحب أن يثني عليه خير ويسأل عنه أصحابه ، فلما رجعوا لم يسألهم عنه ، فجعل القوم يحدثون النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقولون : يا رسول الله لو رأيت أسامة ولقيه رجل فقال الرجل : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشد عليه فقتله وهو معرض عنهم ، فلما أكثروا عليه رفع رأسه إلى أسامة فقال : كيف أنت ولا إله إلا الله ؟ فقال : يا رسول الله إنما قالها متعوذاً تعوذ بها . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلا شققت عن قلبه فنظرت إليه … ! فأنزل الله خبر هذا ، وأخبر إنما قتله من أجل جمله وغنمه ، فذلك حين يقول { تبتغون عرض الحياة الدنيا } فلما بلغ { فمن الله عليكم } يقول : فتاب الله عليكم ، فحلف أسامة أن لا يقاتل رجلاً يقول لا إله إلا الله بعد ذلك الرجل ، وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه " . وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن الحسن " أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبوا يتطرقون ، فلقوا أناساً من العدو فحملوا عليهم فهزموهم ، فشد رجل منهم فتبعه رجل يريد متاع ، فلما غشيه بالسنان قال : إني مسلم ، إني مسلم . فأوجره السنان فقتله وأخذ متيعه ، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقاتل : أقتلته بعد أن قال إني مسلم ؟ ! يا رسول الله إنما قالها متعوّذاً . قال : أفلا شققت عن قلبه ؟ قال : لمَ يا رسول الله ؟ قال : لتعلم أصادق هو أو كاذب ! قال : وكنت عالم ذلك يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما كان يعبر عنه لسانه ، إنما كان يعبر عنه لسانه . قال : فما لبث القاتل أن مات ، فحفر له أصحابه ، فأصبح وقد وضعته الأرض ، ثم عادوا فحفروا له ، فأصبح وقد وضعته الأرض إلى جنب قبره . قال الحسن : فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كم دفناه ، مرتين أو ثلاثة ، كل ذلك لا تقبله الأرض ، فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا برجليه فألقيناه في بعض تلك الشعاب ، فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيَّنوا } أهل الإسلام إلى آخر الآية . قال الحسن : أما والله ما ذاك أن تكون الأرض تجن من هو شر منه ، ولكن وعظ الله القوم أن لا يعودوا " . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن قتادة في قوله { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً } قال : " بلغني أن رجلاً من المسلمين أغار على رجل من المشركين ، فحمل عليه فقال له المشرك : إني مسلم أشهد أن لا إله إلا الله ، فقتله المسلم بعد أن قالها ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال للذي قتله : أقتله وقد قال لا إله إلا الله ؟ ! فقال وهو يعتذر : يا نبي الله إنما قال متعوّذاً وليس كذلك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فهلا شققت عن قلبه ! ثم مات قاتل الرجل فقبر ، فلفظته الأرض ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يقبروه ، ثم لفظته حتى فعل ذلك به ثلاث مرات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الأرض أبت أن تقبله فألقوه في غار من الغيران . قال معمر : وقال بعضهم : إن الأرض تقبل من هو شر منه ، ولكن الله جعله لكم عبرة " . وأخرج ابن جرير من طريق أبي الضحى عن مسروق . أن قوماً من المسلمين لقوا رجلاً من المشركين ومعه غنيمة له ، فقال : السلام عليكم ، إني مؤمن . فظنوا أنه يتعوّذ بذلك فقتلوه وأخذوا غنيمته ، فأنزل الله { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا } تلك الغنيمة . وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : " خرج المقداد بن الأسود في سرية بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمروا برجل فيه غنيمة له ، فقال : إني مسالم . فقتله ابن الأسود ، فلما قدموا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا } قال : الغنيمة " . وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : نزل ذلك في رجل قتله أبو الدرداء ، فذكر من قصة أبي الدرداء نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد ، ونزل القرآن { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ } فقرأ . … حتى بلغ إلى قوله { إن الله كان بما تعلمون خبيراً } . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً } قال : راعي غنم لقيه نفر من المؤمنين فقتلوه وأخذوا ما معه ، ولم يقبلوا منه السلام عليكم إني مؤمن . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً } قال : حرم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد أن لا إله إلا الله لست مؤمناً كما حرم عليهم الميتة ، فهو آمن على ماله ودمه ، فلا تردوا عليه قوله . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي رجاء والحسن . أنهما كانا يقرآن " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم " بكسر السين . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد وأبي عبد الرحمن السلمي . أنهما كانا يقرآن { لمن ألقى إليكم السلام } . وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { كذلك كنتم من قبل } قال : تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا الراعي بإيمانه . وفي لفظ : تكتمون إيمانكم من المشركين { فمنّ الله عليكم } فأظهر الإسلام ، فاعلنتم إيمانكم { فتبينوا } قال : وعيد من الله مرتين . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { كذلك كنتم من قبل } قال : كنتم كفاراً حتى منّ الله عليكم بالإسلام وهداكم له . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق { كذلك كنتم من قبل } لم تكونوا مؤمنين . وأخرج عبد بن حميد عن النعمان بن سالم أنه كان يقول : نزلت في رجل من هذيل . وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ { فتبينوا } بالياء . وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي " عن أسامة قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، فصبحنا الحرقات من جهينة ، فأدركت رجلاً فقال : لا إله إلا الله فطعنته ، فوقع في نفسي من ذلك ، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال لا إله إلا الله وقتلته ؟ ! قلت : يا رسول الله إنما قالها فرقاً من السلاح . قال : ألا شققت عن قلبه حتى تعلم قالها أم لا … ! فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ " " . وأخرج ابن سعد عن جعفر بن برقان قال : حدثنا الحضرمي رجل من أهل اليمامة قال : " بلغني " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أسامة بن زيد على جيش . قال أسامة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلت أحدثه فقلت : فلما انهزم القوم أدركت رجلاً فأهويت إليه بالرمح ، فقال : لا إله إلا الله فطعنته فقتلته . فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ويحك يا أسامة … ! فكيف لك بلا إله إلا الله ؟ ويحك يا أسامة … ! فكيف لك بلا إله إلا الله ؟ فلم يزل يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل عملته واستقبلت الإسلام يومئذ جديداً ، فلا والله أقاتل أحداً قال لا إله إلا الله بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم " . وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قال أسامة بن زيد : لا أقاتل رجلاً يقول لا إله إلا الله أبداً . فقال سعد بن مالك : وأنا - والله - لا أقاتل رجلاً يقول لا إله إلا الله أبداً . فقال لهما رجل : ألم يقل الله { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله } [ البقرة : 193 ] فقالا : قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله . وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن عقبة بن مالك الليثي قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، فغارت على قوم ، فأتبعه رجل من السرية شاهراً فقال الشاذ من القوم : إني مسلم ، فلم ينظر فيما قال فضربه فقتله ، فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال فيه قولاً شديداً ، فبلغ القاتل . فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال القاتل : والله ما قال الذي قال إلا تعوّذاً من القتل . فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعمن قبله من الناس ، وأخذ في خطبته ثم قال أيضاً : يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوّذاً من القتل . فأعرض عنه وعمن قبله من الناس ، وأخذ في خطبته ثم لم يصبر فقال الثالثة : والله يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوّذاً من القتل . فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه فقال : إن الله أبى عليّ لمن قتل مؤمناً ثلاث مراراً " . وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات " عن المقداد بن الأسود قال : قلت " يا رسول الله أرأيت إن اختلفت أنا ورجل من المشركين بضربتين فقطع يدي ، فلما علوته بالسيف قال : لا إله إلا الله أضربه أم أدعه ؟ قال : بل دعه . قلت : قطع يدي ! قال : إن ضربته بعد أن قالها فهو مثلك قبل أن تقتله ، وأنت مثله قبل أن يقولها " . وأخرج الطبراني " عن جندب البجلي قال : " إني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءه بشير من سريته ، فأخبره بالنصر الذي نصر الله سريته ، وبفتح الله الذي فتح لهم . قال : يا رسول الله بينا نحن نطلب القوم وقد هزمهم الله تعالى ، إذ لحقت رجلاً بالسيف ، فلما خشي أن السيف واقعه ، وهو يسعى ويقول : إني مسلم ، إني مسلم . قال : فقتلته … ؟ فقال : يا رسول الله إنما تعوّذ . فقال : فهلا شققت عن قلبه فنظرت أصادق هو أم كاذب ؟ ! فقال : لو شققت عن قلبه ما كان علمي هل قلبه إلا مضغة من لحم ! قال : لا ما في قلبه تعلم ولا لسانه صدقت قال : يا رسول الله استغفر لي . قال : لا أستغفر لك . فمات ذلك الرجل ، فدفنوه فأصبح على وجه الأرض ، ثم دفنوه فأصبح على وجه الأرض ثلاث مرات ، فلما رأوا ذلك استحيوا وخزوا مما لقي ، فاحتملوه فألقوه في شعب من تلك الشعاب " .