Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 1-3)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة فأتت أهلها ، فأنزل الله { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } فقيل له : راجعها فإنها صوّامة قوّامة وإنها من أزواجك في الجنة . وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين في قوله : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قال : في حفصة بنت عمر طلقها النبي صلى الله عليه وسلم واحدة فنزلت { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } إلى قوله : { يحدث بعد ذلك أمراً } قال : فراجعها . وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : " طلق عبد بن يزيد أبو ركانة أم ركانة ثم نكح امرأة من مزينة ، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ما يغني عني إلا ما تغني هذه الشعرة - لشعرة أخذتها من رأسها - فأخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم حمية عند ذلك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة وإخوته ثم قال لجلسائه : أترون كذا من كذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد : طلقها ففعل ، فقال لأبي ركانة : ارتجعها فقال : يا رسول الله إني طلقتها . قال : قد علمت ذلك فارتجعها " ، فنزلت { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } قال : الذهبي إسناده واهٍ ، والخبر خطأ ، فإن عبد يزيد لم يدرك الإِسلام . وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : بلغنا في قوله : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } إنها نزلت في عبد الله بن عمرو بن العاص وطفيل بن الحارث وعمرو بن سعيد بن العاص . وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الزبير " عن ابن عمر أنه طلق امرأته ، وهي حائض ، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فانطلق عمر ، فذكر ذلك له فقال : مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم يطلقها إن بدا له " ، فأنزل الله عند ذلك " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن " قال أبو الزبير : هكذا سمعت ابن عمر يقرأها . وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق في المصنف وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في سننه " عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن " " . وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ " فطلقوهن في قبل عدتهن " . وأخرج ابن الأنباري عن ابن عمر أنه قرأ " فطلقوهن لقبل عدتهن " . وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن مجاهد أنه كان يقرأ " فطلقوهن لقبل عدتهن " . وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { فطلقوهن لعدتهن } قال : طاهراً من غير جماع . وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر { فطلقوهن لعدتهن } قال : في الطهر في غير جماع . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود { فطلقوهن لعدتهن } قال : الطهر في غير جماع . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي وابن مردويه عن ابن مسعود قال : من أراد أن يطلق للسنة كما أمره الله فليطلقها طاهراً في غير جماع . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فطلقوهن لعدتهن } قال : طاهراً من غير جماع . وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي موسى رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يقل أحدكم لامرأته قد طلقتك ، قد راجعتك ، ليس هذا بطلاق المسلمين ، طلقوا المرأة في قبل طهرها " . وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه { فطلقوهن لعدتهن } قال : طهرهن ، وفي لفظ قال : طاهراً في غير جماع . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { فطلقوهن لعدتهن } قال : العدة أن يطلقها طاهراً من غير جماع ، فأما الرجل يخالط امرأته ، حتى إذا أقلع عنها طلقها عند ذلك فلا يدري أحاملاً هي أم غير حامل ، فإن ذلك لا يصلح . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن مجاهد رضي الله عنه قال : سأل ابن عباس يوماً رجل فقال : يا أبا عباس إني طلقت امرأتي ثلاثاً ، فقال ابن عباس : عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك ولم تتق الله ليجعل لك مخرجاً ، يطلق أحدكم ، ثم يقول : يا أبا عباس ، قال الله : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن " وهكذا كان ابن عباس يقرأ هذا الحرف . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { فطلقوهن لعدتهن } قال : لا يطلقها وهي حائض ، ولا في طهر قد جامعها فيه ، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة ، فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض ، وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها ، وإذا أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على ذلك رجلين ، كما قال الله : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } عند الطلاق وعند المراجعة ، فإن راجعها فهي عنده على تطليقتين ، وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه واحدة وهي أملك بنفسها ، ثم تتزوّج من شاءت هو أو غيره . وأخرج عبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } قال : طلاق العدة أن يطلق الرجل امرأته وهي طاهر ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ، أو يراجعها إن شاء . وأخرج عبد الرزاق والبيهقي وابن مردويه عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة قال : عصيت ربك ، من يتق الله يجعل له مخرجاً ثم تلا " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن " . قوله تعالى : { وأحصوا العدة } . أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه { وأحصوا العدة } قال : الطلاق طاهراً في غير جماع . أخرج عبد بن حميد عن الشعبي رضي الله عنه أن شريحاً طلق امرأته واحدة ، ثم سكت عنها حتى انقضت العدة ، ثم أتاها فاستأذن ، ففزعت فدخل ، فقال : " إني أردت أن يطاع الله { لا تخرجوهن من بيوتهن } ولا يخرجن " . وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن شريحاً ، طلق امرأته وأشهد ، وقال للشاهدين : اكتما عليَّ فكتما عليه حتى انقضت العدة ثم أخبرها ، فنقلت متاعها ، فقال شريح : إني كرهت أن تأثم . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عمر رضي الله عنه قال : المطلقة والمتوفى عنها زوجها يخرجان بالنهار ولا يبيتان ليلة تامة عن بيوتهما . وأخرج عبد بن حميد عن عامر رضي الله عنه قال : حدثتني فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثاً فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها ، فاعتدّت عند عمها عمرو ابن أم مكتوم . وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن فاطمة بنت قيس أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات ، فزعمت أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجها من بيتها ، فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم ؛ الأعمى ، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها ، وقال عروة : إن عائشة رضي الله عنها أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس . وأخرج ابن مردويه عن أبي إسحق قال : كنت جالساً مع الأسود بن يزيد في المسجد الأعظم ، ومعنا الشعبي فحدث بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ، فأخذ الأسود كفاً من حصى فحصبه ثم قال : ويلك تحدث بمثل هذا ؟ قال عمر : لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري حفظت أم نسيت له السكنى والنفقة ، قال الله : { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } . وأخرج عبد الرزاق عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة " أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع عليّ إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت مع طلاقها ، وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فاستقلتها فقالا لها : والله ما لك نفقة إلا أن تكوني حاملاً ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له أمرها ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " لا نفقة لك فاستأذنيه في الانتقال " فأذن لها ، فأرسل إليها مروان يسألها عن ذلك فحدثته فقال مروان : لم أسمع بهذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها ، فقالت فاطمة : بيني وبينكم كتاب الله ، قال الله عز وجل : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } حتى بلغ { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قالت : هذا لمن كانت له مراجعة ، فأي أمر يحدث بعد الثلاث ، فكيف يقولون : لا نفقة لها إذا لم تكن حاملاً ، فعلام تحبسونها ، ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة ، فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض ، وإن كانت لا تحيض ، فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها ، وإن أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على ذلك رجلين كما قال الله : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } عند الطلاق وعند المراجعة فإن راجعها فهي عنده على طلقتين أو إن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت عدتها منه بواحدة ، وهي أملك لنفسها ، ثم تتزوّج من شاءت هو أو غيره " . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الطلاق على أربعة منازل : منزلان حلال ، ومنزلان حرام ، فأما الحرام فأن يطلقها حين يجامعها ولا يدري اشتمل الرحم على شيء أو لا ، وأن يطلقها وهي حائض ، وأما الحلال فأن يطلقها لأقرائها طاهراً عن غير جماع وأن يطلقها مستبيناً حملها . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : خروجها قبل انقضاء العدة من بيتها الفاحشة المبينة . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : الزنا . وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والشعبي مثله . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : إلا أن يزنين . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : كان ذلك قبل أن تنزل الحدود ، وكانت المرأة إذا أتت بفاحشة أخرجت . وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : إلا أن تصيب حداً فتخرج ، فيقام عليها . وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : الفاحشة المبينة أن تبذو المرأة على أهل الرجل ، فإذا بذت عليهم بلسانها فقد حل لهم إخراجها . وأخرج عبد بن حميد عن سعيد رضي الله عنه { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : لو كان الزنا كما تقولون أخرجت فرجمت ، كان ابن عباس يقول : " إلا أن يفحشن " قال : وهو النشوز . وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الفاحشة المبينة السوء في الخلق . وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } قال : بفحش لو زنت رجمت . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { بفاحشة مبينة } قال : هو النشوز ، وفي حرف ابن مسعود " إلا أن يفحشن " وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { بفاحشة مبينة } قال : هو النشوز . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قال : إن بدا له أن يُراجعها راجعها في بيتها هو أبعد من قذر الأخلاق وأطوع لله أن تلزم بيتها . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ثم يدعها حتى يحل أجلها ، وكانوا يقولون : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } لعله أن يرغب فيها . وأخرج ابن أبي حاتم عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قوله : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } قالت : هي الرجعة . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ، لأنه لا يدري لعله ينكحها ، قال : وكانوا يتأولون هذه الآية { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } لعله يرغب فيها . وأخرج ابن أبي حاتم عن فاطمة بنت قيس في قوله : { لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } لعله يرغب في رجعتها . وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك والشعبي رضي الله عنه مثله . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء قال : النكاح بالشهود والطلاق بالشهود والمراجعة بالشهود . وأخرج عبد الرزاق عن ابن سيرين رضي الله عنه أن رجلاً سأل عمران ابن حصين عن رجل طلق ولم يشهد ، وراجع ولم يشهد ، قال : بئسما صنع ، طلع في بدعة ، وارتجع في غير سنة ، فليشهد على طلاقه وعلى مراجعته ، وليستغفر الله . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي قال : العدل في المسلمين من لم تظهر منه ريبة . وأخرج ابن المنذر عن الضحاك { وأقيموا الشهادة لله } قال : إذا أشهدتم على شيء فأقيموه . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة فقال : " لا تشهد إلا على مثل الشمس أو دع " . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تشهد على شهادة حتى تكون عندك أضوأ من الشمس " . وأخرج ابن مردويه عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خيركم من كانت عنده شهادة لا يعلمها فتعجلها قبل أن يسألها " . وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في قوله : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } قال : مخرجه أن يعلم أنه قبل أمر الله ، وأن الله هو الذي يعطيه وهو يمنعه ، وهو يبتليه ، وهو يعافيه ، وهو يدفع عنه ، وفي قوله : { ويرزقه من حيث لا يحتسب } قال : يقول : من حيث لا يدري . وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإِيمان عن مسروق مثله . وأخرج عبد بن حميد وأبو نعيم في الحلية عن قتادة { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } قال : من شبهات الدنيا والكرب عند الموت وإفزاع يوم القيامة ، فالزموا تقوى الله فإن منها الرزق من الله في الدنيا والثواب في الآخرة ، قال الله : { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } [ إبراهيم : 7 ] وقال : ههنا { ويرزقه من حيث لا يحتسب } قال : من حيث لا يؤمل ولا يرجو . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } قال : ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة . وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم والديلمي من طريق عطاء بن يسار عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : { ومن يتق الله يجعله له مخرجاً } قال : " من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة " " . وأخرج ابن مردويه وابن عساكر " عن عبادة بن الصامت قال : طلق بعض آبائي امرأته ألفاً فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا يا رسول الله : إن أبانا طلق أمنا ألفاً فهل له من مخرج ؟ فقال : " إن أباكم لم يتق الله فيجعل له من أمره مخرجاً ، بانت منه بثلاث على غير السنة والباقي أثم في عنقه " " . وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابر قال : " نزلت هذه الآية { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } في رجل من أشجع كان فقيراً خفيف ذات اليد كثير العيال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله ، فقال : " اتق الله واصبر " فلم يلبث إلا يسيراً حتى جاء ابن له يقال له أبو نعيم كان العدو أصابوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله غيره وأخبره خبرها فنزلت { ومن يتق الله } الآية " . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال : " نزلت هذه الآية { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } في رجل من أشجع أصابه جهد وبلاء وكان العدو أسروا ابنه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اتق الله واصبر " فرجع ابن له كان أسيراً قد فكه الله ، فأتاهم وقد أصاب أعنزاً ، فجاء فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هي لك " . وأخرج الخطيب في تاريخه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : " { ومن يتق الله يجعل له } الآية ، قال : نزلت هذه الآية في ابن لعوف بن مالك الأشجعي ، وكان المشركون أسروه وأوثقوه وأجاعوه ، فكتب إلى أبيه أن ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعلمه ما أنا فيه من الضيق والشدة ، فلما أخبر رسول صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتب إليه وأخبره ومره بالتقوى والتوكل على الله ، وأن يقول عند صباحه ومسائه { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } [ التوبة : 128 ] { فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم } [ التوبة : 129 ] فلما ورد عليه الكتاب قرأه فأطلق الله وثاقه ، فمر بواديهم التي ترعى فيه إبلهم وغنمهم فاستاقها فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله : إني اغتلتهم بعد ما أطلق الله وثاقي فحلال هي أم حرام ؟ قال : بل هي حلال إذا شئنا خمسنا " ، فأنزل الله { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب من يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء } من الشدة والرخاء { قدراً } يعني أجلاً . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : من قرأ هذه الآية عند سلطان يخاف غشمه ، أو عند موج يخاف الغرق ، أوعند سبع لم يضره شيء من ذلك . وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : " جاء عوف بن مالك الأشجعي فقال يا رسول الله : إن ابني أسره العدوّ وجزعت أمه فما تأمرني ؟ قال : " آمرك وإياها أن تستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله " فقالت المرأة : نعم ما أمرك ، فجعلا يكثران منها فتغفل عنه العدو فاستاق غنمهم فجاء بها إلى أبيه ، فنزلت { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } الآية " . وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن إسحق مولى أبي قيس بن مخرمة قال : " جاء مالك الأشجعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : أسر ابن عوف ، فقال له : " ارسل إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله " وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه ، فخرج فإذا هو بناقة لهم ، فركبها فأقبلها ، فإذا بسرح للقوم الذين كانوا أسروه ، فصاح بها فأتبع آخرها أولها فلم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب ، فأتى أبوه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره ، فنزلت { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } الآية " . وأخرج عبد بن حميد والحاكم وابن مردويه عن أبي عيينة والبيهقي في الدلائل عنه عن ابن مسعود قال : " أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه عوف بن مالك فقال : يا رسول الله إن بني فلان أغاروا عليّ فذهبوا بابني ، وبكى فقال : اسأل الله ، فرجع إلى امرأته ، فقالت له : ما رد عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأخبرها ، فلم يلبث الرجل أن رد الله إبله وابنه أوفر ما كان ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره فقام على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وأمرهم بمسئلة الله والرغبة له ، وقرأ عليهم { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } " . وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في قوله : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } قال : يكفيه غم الدنيا وهمها . وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال : " جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الآية { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } فجعل يرددها حتى نعست ، ثم قال : يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم " . وأخرج الطبراني وابن مردويه عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا أيها الناس اتخذوا تقوى الله تجارة يأتكم الرزق بلا بضاعة ولا تجارة ، ثم قرأ { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } " . وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجة عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، ولا يرد القدر إلا لدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر " وأخرج أحمد وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب " . وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والخطيب عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤنة ورزقه من حيث لا يحتسب ، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها " . وأخرج البخاري في تاريخه عن إسماعيل البجي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لئن انتهيتم عندما تؤمرون لتأكلن غير زارعين " . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن بالمنذر عن الربيع بن خيثم رضي الله عنه { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } قال : من كل شيء ضاق على الناس . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً } قال : نجاة . وأخرج أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته ، وإذا أسأت فأحسن ولا تسألن أحداً شيئاً ، ولا تقبض أمانة ، ولا تقض بين اثنين " . وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء ، وعليك بالجهاد ، فإنه رهبانية الإِسلام ، وعليك بذكر الله ، وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض " . وأخرج ابن سعد وأحمد عن ضرغام بن عليبة بن حرملة العنبري عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت يا رسول الله : أوصني قال : اتق الله ، وإذا كنت في مجلس فقمت منه فسمعتهم يقولون ما يعجبك فائته ، فإذا سمعتهم يقولون ما تكره فاتركه " . وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : وجدت في كتاب من كتب الله المنزلة أن الله عز وجل يقول : إني مع عبدي المؤمن حين يطيعني أعطيه قبل أن يسألني ، واستجيب له قبل أن يدعوني ، وما ترددت في شيء ترددي عن قبض عبدي المؤمن إنه يكره ذلك ويسوءه وأنا أكره أن أسوءه ، وليس له منه بد ، وما عندي خير له ، إن عبدي إذا أطاعني واتبع أمري فلو أجلبت عليه السموات السبع ومن فيهن والأرضون السبع بمن فيهن جعلت له من بين ذلك المخرج ، وإنه إذا عصاني ولم يتبع أمري قطعت يديه من أسباب السماء وخسفت به الأرض من تحت قدميه ، وتركته في الأهواء لا ينتصر من شيء ، إن سلطان الأرض موضوع خامد عندي كما يضع أحدكم سلاحه عنه ، لا يقطع سيف إلا بيد ، ولا يضرب سوط إلا بيد ، لا يصل من ذلك إلى شيء إلا بإذني . وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : كتب زياد إلى الحكم بن عمرو الغفاري وهو على خراسان أن أمير المؤمنين كتب إليّ أن يصطفى له الصفراء والبيضاء ، فلا يقسم بين الناس ذهب ولا فضة ، فكتب إليه : بلغني كتابك وإني وجدت كتاب الله قبل كتاب أمير المؤمنين ، وإنه والله لو أن السموات والأرض كانتا رتقاً على عبده ثم اتقى الله جعل له مخرجاً والسلام عليك ، ثم قال : أيها الناس اغدوا على مالكم ، فقسمه بينهم . وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة أن عائشة رضي الله عنها كتبت إلى معاوية : أوصيك بتقوى الله ، فإنك إن اتقيت الله كفاك الناس ، وإن اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئاً . وأخرج ابن حبان في الضعفاء والبيهقي في شعب الإِيمان والعسكري في الأمثال عن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما تكون الصنيعة إلى ذي دين أو حسب ، وجهاد الضعفاء الحج ، وجهاد المرأة حسن التبعل لزوجها ، والتودد نصف الإِيمان ، وما عال امرؤ على اقتصاد ، واستنزلوا الرزق بالصدقة ، وأبى الله أن يجعل أرزاق عباده المؤمنين إلا من حيث لا يحتسبون " . وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قي قوله : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } قال : ليس المتوكل الذي يقول تقضي حاجتي ، وليس كل من توكل على الله كفاه ما أهمه ، ودفع عنه ما يكره ، وقضى حاجته ، ولكن الله جعل فضل من توكل على من لم يتوكل أن يكفر عنه سيئاته ، ويعظم له أجراً ، وفي قوله : { قد جعل الله لكل شيء قدراً } قال : يعني أجلاً ومنتهى ينتهي إليه . وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإِيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " . وأخرج ابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رضي وقنع وتوكل كفي الطلب " . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده ، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله " . وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل " . وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جاع أو احتاج فكتمه الناس وأفضى به إلى الله كان حقاً على الله أن يفتح له قوت سنة من حلال " . وأخرج أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال : يقول الله تبارك وتعالى : إذا توكل عليّ عبدي لو كادته السموات والأرض جعلت له من بين ذلك المخرج . وأخرج عبد الله ابنه في زوائد الزهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله إلى عيسى اجعلني من نفسك لهمك ، واجعلني ذخراً لمعادك ، وتوكل عليَّ أكفك ، ولا تول غيري فأخذذلك . وأخرج أحمد في الزهد عن عمار بن ياسر قال : كفى بالموت واعظاً ، وكفى باليقين غنى ، وكفى بالعبادة شغلاً .