Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 48-49)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم } قال : قريش يوم بدر . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في صورة رجال من بني مدلج في صورة سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال الشيطان { لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم } وأقبل جبريل عليه السلام على إبليس وكانت يده في يد رجل من المشركين فلما رأى جبريل انتزع يد ، وولى مدبراً هو وشيعته ، فقال الرجل : يا سراقة انك جار لنا ؟ ! فقال { إني أرى ما لا ترون } وذلك حين رأى الملائكة { إني أخاف الله والله شديد العقاب } قال : ولما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين فقال المشركون : وما هؤلاء { غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم } . وأخرج الواقدي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما تواقف الناس أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ، ثم سري عنه فبشر الناس بجبريل عليه السلام في جند من الملائكة ميمنة الناس ، وميكائيل في جند آخر ميسرة ، وإسرافيل في جند آخر ألف ، وإبليس قد تصور في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يجير المشركين ويخبرهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس ، فلما أبصر عدوّ الله الملائكة { نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون } فتشبت به الحارث ، وانطلق إبليس لا يرى حتى سقط في البحر ورفع يديه وقال : يا رب موعدك الذي وعدتني . وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الدلائل عن رفاعة بن رافع الأنصار رضي الله عنه قال : لما رأى إبليس ما يفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه ، فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة بن مالك ، فوكز في صدر الحارث فألقاه ثم خرج هارباً حتى ألقى نفسه في البحر ، فرفع يديه فقال : اللهم إني أسألك نظرتك إياي . وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة { سيهزم الجمع ويولون الدبر } [ القمر : 45 ] فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أي جمع يهزم ؟ ! - وذلك قبل بدر - فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش ، نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتاً بالسيف ويقول : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } فكانت بيوم بدر ، فأنزل الله فيهم { حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب } [ المؤمنون : 24 ] الآية . وأنزل الله { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً } [ إبراهيم : 28 ] الآية . ورماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوسعهم الرمية ، وملأت أعينهم وأفواههم حتى أن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه وفاه ، فأنزل الله { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } [ الأنفال : 17 ] وأنزل الله في إبليس { فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون } وقال عتبة بن ربيعة وناس معه من المشركين يوم بدر { غر هؤلاء دينهم } فأنزل الله { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم } . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله { إني أرى ما لا ترون } قال : أرى جبريل عليه السلام معتجراً بردائه يقود الفرس بين يدي أصحابه ما ركبه . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله { إني أرى ما لا ترون } قال : ذكر لنا أنه رأى جبريل تنزل معه الملائكة ، فعلم عدو الله أنه لا يدان له بالملائكة ، وقال { إني أخاف الله } وكذب عدو الله ما به مخافة الله ، ولكن علم أنه لا قوّة له به ولا منعة له . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن معمر قال : ذكروا أنهم أقبلوا على سراقة بن مالك بعد ذلك ، فأنكر أن يكون شيء من ذلك . وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عبادة بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال : كان الذي رآه نكص حين نكص الحارث بن هشام ، أو عمرو بن وهب الجمحي . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { إذ يقول المنافقون } قال : وهم يومئذ في المسلمين . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض } قال : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر فسموا منافقين . وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : هم قوم كانوا أقروا بالإِسلام وهم بمكة ، ثم خرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا المسلمين قالوا { غر هؤلاء دينهم } . وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه في الآية قال : كان أناس من أهل مكة تكلموا بالإِسلام فخرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا وفد المسلمين قالوا { غر هؤلاء دينهم } . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحق رضي الله عنه في قوله { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض } قال : هم الفئة الذين خرجوا مع قريش ، احتبسهم آباؤهم فخرجوا وهم على الارتياب ، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا { غر هؤلاء دينهم } حين قدموا على ما قدموا عليه من قلة عددهم وكثرة عدوّهم ، وهم فئة من قريش مسمون خمسة : قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان ، والحارث بن زمعة ، وعلي بن أمية بن خلف ، والعاص بن منبه .