Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 1-10)

Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : { لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } يعني بهذا النبي صلى الله عليه وسلم ، أحل الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء ويستحيي من شاء ، فقتل يومئذ ابن خطل صبراً ، وهو آخذ بأستار الكعبة ، فلم يحل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فيها حراماً بحرمة الله ، فأحل الله له ما صنع بأهل مكة . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } قال : أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به ، وأما غيرك فلا . وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : فيَّ نزلت هذه الآية { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } خرجت فوجدت عبد الله بن خطل متعلقاً بأستار الكعبة فضربت عنقه بين الركن والمقام . وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : " لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة أخذ أبو برزة الأسلمي وهو سعيد بن حرب عبد الله بن خطل وهو الذي كانت قريش تسميه ذا القلبين ، فأنزل الله { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } [ الأحزاب : 4 ] ، فقدمه أبو برزة فضرب عنقه وهو متعلق بأستار الكعبة ، فأنزل الله فيها { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } وإنما كان ذلك لأنه قال لقريش : أنا أعلم لكم علم محمد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أحب أن تستكتبني قال : فاكتب فكان إذا أملى عليه من القرآن ، وكان الله عليماً حكيماً كتب ، وكان الله حكيماً عليماً ، وإذا أملى عليه وكان الله غفوراً رحيماً كتب وكان الله رحيماً غفوراً . ثم يقول : يا رسول الله اقرأ عليك ما كتبت . فيقول : نعم ، فإذا قرأ عليه وكان الله عليماً حكيماً أو رحيماً غفوراً قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما هكذا أمليت عليك ، وإن الله لكذلك إنه لغفور رحيم ، وإنه لرحيم غفور . فرجع إلى قريش فقال : ليس آمره بشيء كنت آخذ به ، فينصرف فلم يؤمنه ، فكان أحد الأربعة الذين لم يؤمنهم النبي صلى الله عليه وسلم " . وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { لا أقسم } قال : لا رداً عليهم { أقسم بهذا البلد } . وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد { لا أقسم بهذا البلد } يعني مكة { وأنت حل بهذا البلد } يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول : أنت في حل مما صنعت فيه . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد { وأنت حل بهذا البلد } يقول : لا تؤاخذ بما عملت فيه وليس عليك فيه ما على الناس . وأخرج عبد بن حميد عن منصور قال : سأل رجل مجاهداً عن هذه الآية { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } قال : لا أدري ، ثم فسرها لي فقال : { لا أقسم بهذا البلد } الحرام { وأنت حل بهذا البلد } الحرام ، أحل الله له ساعة من النهار قيل له ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل . وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير { لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة . وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح { لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } قال : أحلت له ساعة من نهار . وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة { لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } قال : أنت به غير حرج ولا آثم . وأخرج عبد بن حميد عن عطية { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } قال : أحلت مكة للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار ثم حرمت إلى يوم القيامة . وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن { وأنت حل بهذا البلد } قال : أحلها الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار يوم الفتح . وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك { وأنت حل بهذا البلد } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم يقول : أنت حل بالحرم فاقتل إن شئت أو دع . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } قال : إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة ، لم تحل لبشر إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار ، ولا يختلي خلاها ، ولا يعضد عضاهها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا لمعرف . وأخرج ابن جرير عن ابن زيد { وأنت حل بهذا البلد } قال : لم يكن بها أحد حلاً غير النبي صلى الله عليه وسلم كل من كان بها حرام لم يحل لهم أن يقاتلوا فيها ، ولا يستحلوا حرمه . وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن شرحبيل بن سعد { وأنت حل بهذا البلد } قال : يحرمون أن يقتلوا بها الصيد ويعضدوا بها شجرة ويستحلون اخراجك وقتلك . وأخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس { لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد } قال : أحل له أن يصنع فيه ما شاء { ووالد وما ولد } يعني بالوالد آدم { وما ولد } ولده . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس { ووالد وما ولد } قال : الوالد الذي يلد { وما ولد } العاقر الذي لا يلد من الرجال والنساء . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني { ووالد وما ولد } قال : إبراهيم وما ولد . وأخرج ابن جرير والطبراني عن ابن عباس في قوله { لا أقسم بهذا البلد } قال : مكة { وأنت حل بهذا البلد } قال : مكة { ووالد وما ولد } قال : آدم { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في اعتدال وانتصاب . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : { ووالد وما ولد } قال : آدم وما ولد { لقد خلقنا الإِنسان } قال : وقع ههنا القسم { في كبد } قال : في مشقة يكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة { يقول أهلكت مالاً لبداً } قال : كثيراً . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { ووالد وما ولد } قال : الوالد آدم { وما ولد } ولده { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في شدة { يقول أهلكت مالاً لبداً } قال : كثيراً { أيحسب أن لم يره أحد } قال : لم يقدر عليه أحد . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير { ووالد وما ولد } قال : آدم { وما ولد } ، { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } في نصب . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في شدة . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق عطاء عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في شدة خلق في ولادته ونبت أسنانه وسوره ومعيشته وختانه . وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقسم عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : خلق الله الإِنسان منتصباً ، وخلق كل شيء يمشي على أربع . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : منتصب في بطن أمه . وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله : { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : منتصباً في بطن أمه أنه قد وكل به ملك إذا نامت الأم أو اضطجعت رفع رأسه لولا ذلك لغرق في الدم . وأخرج الطستي في مسائل عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : في اعتدال واستقامة . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة : @ يا عين هلاّ بكيت اربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد @@ وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه ، أحسبه عن عبد الله { في كبد } قال : منتصباً . وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة . وأخرج ابن المبارك عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : لا أعلم خليقة يكابد من الأمر ما يكابد هذا الإِنسان . وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه { لقد خلقنا الإِنسان في كبد } قال : يكابد أمور الدنيا وأمور الآخرة . وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه { في كبد } قال : شدة وطول . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم رضي الله عنه { في كبد } قال : في السماء خلق آدم . وأخرج أبو يعلى والبغوي وابن مردويه عن رجل من بني عامر رضي الله عنه قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعته يقرأ { أيحسب أن لن يقدر عليه أحد أيحسب أن لم يره أحد } يعني بفتح السين من يحسب . وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه { أيحسب أن لن يقدر } الآية ، قال : الكافر يحسب أن لن يقدر الله عليه ولم يره . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { مالاً لبداً } قال : كثيراً . وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : { أهلكت مالاً لبداً } قال : أنفقت مالاً في الصد عن سبيل الله { أيحسب أن لم يره أحد } قال : الأحد : الله عز وجل . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : { يقول أهلكت مالاً لبداً } قال : أيمن علينا فما فضلناه أفضل { ألم نجعل له عينين } وكذا وكذا . وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة { ألم نجعل له عينين } قال : نعم من الله متظاهرة يقررنا بها كيما نشكر . وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عدها ، ولا تطيق شكرها ، وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما ، وجعلت لهما غطاء فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك ، فإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما ، وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً فانطق بما أمرتك وأحللت لك ، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك ، وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً فأصب بفرجك ما أحللت لك ، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأرخ عليك سترك . ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تستطيع انتقامي " . أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { وهديناه النجدين } قال : سبيل الخير والشر . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : { وهديناه النجدين } قال : عرفناه سبيل الخير والشر . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما { وهديناه النجدين } قال : الهدى والضلالة . وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب رضي الله عنه مثله . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن علي رضي الله عنه أنه قيل له : إن ناساً يقولون : إن النجدين الثديين . قال : الخير والشر . وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنهما مثله . وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سنان بن سعيد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن الحسن رضي الله عنه في قوله { وهديناه النجدين } قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " أيها الناس إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " . وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير ونجد شر ، فما جعل نجد الشر أحب من نجد الخير " . وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكر مثله . وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر ، فلا يكن نجد الشر أحب إلى أحدكم من نجد الخير " . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وهديناه النجدين } قال : الثديين .