Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-8)
Tafsir: ad-Durr al-manṯūr fī at-tafsīr bi-l-maʾṯūr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة { إذا زلزلت } بالمدينة . وأخرج ابن مردويه عن قتادة قال : نزلت بالمدينة { إذا زلزلت } . وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن عمرو قال : " أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اقرئني يا رسول الله قال له : اقرأ ثلاثاً من ذوات الراء فقال له الرجل : كبر سني واشتد قلبي وغلظ لساني . قال : اقرأ ثلاثاً من ذوات حم . فقال مثل مقالته الأولى ، فقال : اقرأ ثلاثاً من المسبحات . فقال مثل مقالته ، ولكن اقرئني يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه { إذا زلزلت الأرض زلزالها } حتى فرغ منها . قال الرجل : والذين بعثك بالحق لا أزيد عليها ، ثم أدبر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح الرويجل أفلح الرويجل " . وأخرج الترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ { إذا زلزلت } عدلت له بنصف القرآن ، ومن قرأ { قل هو الله أحد } [ الإِخلاص ] عدلت له بثلث القرآن ، ومن قرأ { قل يا أيها الكافرون } [ الكافرون : 1 ] عدلت له بربع القرآن " . وأخرج الترمذي وابن الضريس ومحمد بن نصر والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إذا زلزلت } تعدل نصف القرآن و { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن و { قل يا أيها الكافرون } تعدل ربع القرآن " . وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من قرأ في ليلة { إذا زلزلت } كان له عدل نصف القرآن " . وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن رجل من بني جهينة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح { إذا زلزلت الأرض } في الركعتين كلتيهما فلا أدري أنسي أم قرأ ذلك عمداً . وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الفجر فقرأ بهم في الركعة الأولى { إذا زلزلت الأرض } ثم أعادها في الثانية . وأخرج أحمد ومحمد بن نصر والطبراني والبيهقي في سننه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما { إذا زلزلت } و { قل يا أيها الكافرون } . وأخرج البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس يقرأ في الركعة الأولى بأم الكتاب { وإذا زلزلت } وفي الثانية { قل يا أيها الكافرون } . وأخرج الخطيب في تاريخه عن الشعبي قال : من قرأ { إذا زلزلت } فإنها تعدل سدس القرآن . وأخرج ابن الضريس عن عاصم قال : كان يقال : { قل هو الله أحد } ثلث القرآن { وإذا زلزلت الأرض } نصف القرآن و { قل يا أيها الكافرون } ربع القرآن . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس { إذا زلزلت الأرض زلزالها } تحركت من أسفلها { وأخرجت الأرض أثقالها } قال : الموتى { وقال الإِنسان ما لها } قال : يقول الكافر ما لها { يومئذ تحدث أخبارها } قالها ربك قولي فقالت : { بأن ربك أوحى لها } قال : أوحى إليها { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً } قال : من كل من ههنا وههنا . وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : { وأخرجت الأرض أثقالها } قال : من في القبور { يومئذ تحدث أخبارها } قال : تخبر الناس بما عملوا عليها { بأن ربك أوحى لها } قال : أمرها وألقت ما فيها . وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية { وأخرجت الأرض أثقالها } قال : ما فيها من الكنوز والموتى . وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت ، ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي ، ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً " . وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { يومئذ تحدث أخبارها } قال : " أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول : عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا فهذه أخبارها " " . وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل ما عمل على ظهرها ، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا زلزلت الأرض زلزالها } حتى بلغ { يومئذ تحدث أخبارها } قال : أتدرون ما أخبارها جاءني جبريل قال : خبرها إذا كان يوم القيامة أخبرت بكل عمل عمل على ظهرها " . وأخرج الطبراني عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تحفظوا من الأرض فإنها أمكم ، وإنه ليس من أحد عامل عليها خيراً أو شراً إلا وهي مخبرة به " . وأخرج عبد بن حميد عن الحكم رضي الله عنه قال : رأيت أبا أمية صلى في المسجد الحرام المكتوبة ، ثم تقدم فجعل يصلي ههنا وههنا ، فلما فرغ قلت له : ما هذا الذي رأيتك تصنع ؟ قال : قرأت هذه الآية { إذا زلزلت الأرض زلزالها } إلى قوله : { يومئذ تحدث أخبارها } فأردت أن تشهد لي يوم القيامة . وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن إسماعيل بن عبد الله قال : سمعت سعيد بن جبير يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه الآية : " يومئذ تنبىء أخبارها " وقرأ مرة { يومئذ تحدث أخبارها } . وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي رضي الله عنه في قوله : { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً } قال : فرقاً . وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه { يومئذ يصدر الناس } قال : يتصدعون { أشتاتاً } فلا يجتمعون بعد ذلك آخر ما عليهم ، وكان يقال إن هذه السورة الفاذة الجامعة . أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم في تاريخه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس رضي الله عنه قال : " بينما أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم : إذ نزلت عليه { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فرفع أبو بكر رضي الله عنه يده وقال : يا رسول الله إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر ، فقال : " يا أبا بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر بشر ويدخر لك مثاقيل ذر الخير حتى توفاه يوم القيامة " " . وأخرج إسحق بن راهويه وعبد بن حميد والحاكم وابن مردويه عن أسماء قالت : " بينما أبو بكر رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت هذه الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فأمسك أبو بكر رضي الله عنه وقال : يا رسول الله أكل ما عملناه من سوء رأيناه ؟ فقال : " ما ترون مما تكرهون فذاك مما تجزون به ويدخر الخير لأهله في الآخرة " " . وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : " أنزلت { إذا زلزلت الأرض زلزالها } وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد ، فبكى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يبكيك يا أبا بكر ؟ " قال : تبكيني هذه السورة . فقال : " لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم " " . وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق إذ نزلت عليه هذه الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عن الطعام ثم قال : " من عمل منكم خيراً فجزاؤه في الآخرة ، ومن عمل منكم شراً يراه في الدنيا مصيبات وأمراضاً ، ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير دخل الجنة " . وأخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه قال : " كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه هذه الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فأمسك أبو بكر يده وقال : يا رسول الله إنا لراؤون ما عملنا من خير أو شر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر أرأيت ما رأيت مما تكره فهو من مثاقيل الشر ويدخر لك مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة ، وتصديق ذلك في كتاب الله { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير } [ الشورى : 30 ] " " . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال : " لما أنزلت هذه الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } قلت : يا رسول الله إني لراء عملي ؟ قال : نعم . قلت : تلك الكبار الكبار ؟ قال : نعم . قلت : الصغار الصغار . قال : نعم . قلت : واثكل أمي . قال : أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف ، والله يضاعف لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله ، ولن ينجو أحد منك بعمله . قلت : ولا أنت يا نبي الله ؟ قال : ولا أنا الا أن يتغمدني الله منه بالرحمة " . وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } الآية قال : لما نزلت { ويطعمون الطعام على حبه } [ الإِنسان : 8 ] كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه ، فيجيء السائل إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة فيردونه ، ويقولون : ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه ، وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير كالكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك ، ويقولون : إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم في الخير القليل أن يعملوه فإنه يوشك أن يكثر ، وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر { فمن يعمل مثقال ذرة } يعني وزن أصغر النمل { خيراً يره } يعني في كتابه ويسره ذلك . وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : { فمن يعمل مثقال ذرة } الآية قال : ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيراً ولا شراً في الدنيا إلا أره الله إياه ، فأما لمؤمن فيريه الله حسناته وسيئاته فيغفر له من سيئاته ويثيبه على حسناته ، وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته فيرد حسناته ويعذبه بسيئاته . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال : من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر يرى ثوابها في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس عنده خير { ومن يعمل مثقال ذرة شراً } من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس عليه شيء . وأخرج ابن المبارك في الزهد وأحمد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فقال : حسبي لا أبالي أن لا أسمع من القرآن غيرها . وأخرج سعيد بن منصور عن المطلب بن عبد الله بن حنطب " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في مجلس ومعهم أعرابي جالس { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعلم مثقال ذرة شراً يره } فقال الأعرابي : يا رسول الله أمثقال ذرة ؟ قال : نعم . فقال الأعرابي : واسوأتاه . ثم قام وهو يقولها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد دخل قلب الأعرابي الإِيمان " " . وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } الآية فقام رجل فجعل يضع يده على رأسه وهو يقول : واسوأتاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما الرجل فقد آمن " " . وأخرج ابن المبارك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه " أن رجلاً قال : يا رسول الله ليس أحد يعمل مثقال ذرة خيراً إلا رآه ولم يعمل مثقال ذرة شراً إلا رآه ؟ قال : نعم . فانطلق الرجل وهو يقول : واسوأتاه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " آمن الرجل " " . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع رجلاً إلى رجل يعلمه فعلمه حتى بلغ { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } فقال الرجل : حسبي فقال الرجل : يا رسول الله أرأيت الرجل الذي أمرتني أن أعلمه لما بلغ { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } فقال حسبي : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دعه فقد فقه " " . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : " ذكر لنا أن رجلاً ذهب مرة يستقرىء فلما سمع هذه الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } إلى آخرها فقال : حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير رأيته ، وإن عملت مثقال ذرة من شر رأيته . قال : وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " هي الجامعة الفاذة " " . وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق عن الحسن قال : لما نزلت { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } الآية قال رجل من المسلمين : حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير أو شر رأيته انتهت الموعظة . وأخرج ابن أبي شيبة عن الحارث بن سويد أنه قرأ { إذا زلزلت } حتى بلغ { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } قال : إن هذا الإِحصاء شديد . وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : هو الكافر يعطي كتابه يوم القيامة فينظر فيه فيرى فيه كل حسنة عملها في الدنيا ، فترد عليه حسناته ، وذلك قول الله تعالى : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً } [ الفرقان : 23 ] فابلس واسود وجهه ، وأما المؤمن فإنه يعطى كتابه بيمنيه يوم القيامة فيرى فيها كل خطيئة عملها في دار الدنيا ثم يغفر له ذلك وذلك قول الله : { فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات } [ الفرقان : 70 ] فابيض وجهه واشتد سروره . وأخرج ابن جرير عن سليمان بن عامر رضي الله عنه أنه قال : " يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم ويفي بالذمة ويكرم الضيف . قال : مات قبل الإِسلام ؟ قال : نعم . قال : لن ينفعه ذلك ، ولكنها تكون في عقبه فلن تخزوا أبداً ، ولن تذلوا أبداً ، ولن تفتقروا أبداً " . وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا وضعي وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار أقدمه لحياتي ، وظمأ الهواجر ، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة ، وتمام التقوى أن يتقي الله تعالى العبد حتى يتقيه في مثقال ذرة حتى أن يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً حتى يكون حاجزاً بينه وبين الحرام ، إن الله قد بين للناس الذي هو يصيرهم إليه قال : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } فلا تحقرن شيئاً من الشر أن تتقيه ولا شيئاً من الشر أن تفعله . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اعلموا أن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره " . وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اتقو النار ولو بشق تمرة " ثم قرأت { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن عائشة رضي الله عنها جاءها سائل فسأل فأمرت له بتمرة ، فقال لها قائل : يا أم المؤمنين إنكم لتصدقون بالتمرة ؟ قالت : نعم . والله إن الخلق كثير ، ولا يشبعه إلا الله أو ليس فيها مثاقيل ذر كثيرة ؟ . وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة أن سائلاً جاءها فقالت لجاريتها : أطعميه ، فوجدت تمرة فقالت : أعطيه إياها فإن فيها مثاقيل ذر إن تقبلت . وأخرج مالك وابن سعد وعبد بن حميد من طريق عائشة رضي الله عنها أن سائلا أتاها وعندها سلة من عنب فأخذت حبة من عنب فأعطته فقيل لها في ذلك ، فقالت : هذه أثقل من ذر كثير ، ثم قرأت { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } . وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن برقان قال : بلغنا أن عمر بن الخطاب أتاه مسكين وفي يده عنقود من عنب فناوله منه حبة وقال : فيه مثاقيل ذر كثيرة . وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سائلاً سأل عبد الرحمن بن عوف وبين يديه طبق وعليه عنب فناوله حبة ، فكأنهم أنكروا ذلك عليه ، فقال : في هذه مثاقيل ذر كثير . وأخرج سعد عن عطاء بن فروخ أن سعد بن مالك أتاه سائل وبين يديه طبق عليه تمر فأعطاه تمرة ، فقبض السائل يده . فقال سعد : ويحك تقبل الله منا مثقال الذرة والخردلة وكم في هذه من مثاقيل الذر ؟ . وأخرج ابن سعد عن شداد بن أوس أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أيها الناس ألا إن الدنيا أجل حاضر يأكل منها البار والفاجر ، ألا وإن الآخرة أجل مستأخر يقضي فيها ملك قادر ، ألا وإن الخير بحذافيره في الجنة ، ألا وإن الشر بحذافيره في النار ، ألا واعلموا أنه { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } . وأخرج الزجاجي في أماليه عن أنس بن مالك " أن سائلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه تمرة فقال السائل : نبي من الأنبياء يتصدق بتمرة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثير " " . وأخرج هناد عن ابن عباس في قوله : { مثقال ذرة } إنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم نفخ فيها وقال : كل من هؤلاء مثقال ذرة . وأخرج الحسين بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيها الناس إن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر ، وإن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر ، يحق فيها الحق ويبطل الباطل أيها الناس كونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن كل أم يتبعها ولدها . اعملوا وأنتم من الله على حذر ، واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم ، وأنكم ملاقو الله لا بد منه { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } " . وأخرج مالك والبخاري وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الخيل لثلاثة : لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر " الحديث . قال : وسئل عن الحمر فقال : " ما نزل عليّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } " .