Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 19-19)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } بـيانٌ لأن التوحيدَ والإسلامَ ملةٌ قديمةٌ أجمعت عليها الناسُ قاطبة فطرةً وتشريعاً وأن الشركَ وفروعَه جهالاتٌ ابتدعها الغواةُ خلافاً للجمهور وشقاً لعصا الجماعةِ ، وأما حملُ اتحادِهم على الاتفاق على الضلال عند الفترةِ واختلافُهم على ما كان منهم من الاتباع والإصرارِ فمما لا احتمالَ له ، أي وما كان الناسُ كافةً من أول الأمرِ إلا متفقين على الحق والتوحيد من غير اختلافٍ ، وذلك من عهد آدمَ عليه الصلاة والسلام إلى أن قتل قابـيلُ هابـيلَ ، وقيل : إلى زمن إدريسَ عليه السلام وقيل : إلى زمن نوحٍ عليه السلام وقيل : من حينِ الطوفانِ حينَ لم يذر الله من الكافرين دياراً إلى أن ظهر فيما بـينهم الكفرُ ، وقيل : من لدُنْ إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام إلى أن أظهر عمْرُو بنُ لحيَ عبادةَ الأصنام ، فالمرادُ بالناس العربُ خاصةً وهو الأنسب بإيراد الآيةِ الكريمة إثرَ حكايةِ ما حُكي عنهم من الهَنات وتنزيهِ ساحةِ الكبرياء عن ذلك { فَٱخْتَلَفُواْ } بأن كفرَ بعضُهم وثبت آخرون على ما هم عليه فخالف كلٌّ من الفريقين الآخرَ لا أن كلاًّ منهما أحدث ملةً على حدة من ملل الكفرِ مخالفةً لملة الآخر ، فإن الكلامَ ليس في ذلك الاختلافِ إذ كلٌّ منهما مبطِلٌ حينئذ فلا يُتصوَّر أن يُقضىٰ بـينهما بإبقاء المُحقّ وإهلاكِ المبطل ، والفاء التعقيبـيةُ لا تنافي امتدادَ زمانِ الاتفاقِ إذ المرادُ بـيانُ وقوعِ الاختلاف عقيبَ انصرامِ مدةِ الاتفاقِ لا عقيبَ حدوثِ الاتفاق { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ } بتأخير القضاءِ بـينهم أو بتأخير العذابِ الفاصل بـينهم إلى يوم القيامة فإنه يومُ الفصل { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } عاجلاً { فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } بتميـيز الحقِّ من الباطل بإبقاء الحقِّ وإهلاكِ المبطل . وصيغةُ الاستقبال لحكاية الحالِ الماضيةِ وللدلالة على الاستمرار .