Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 84-87)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ مُوسَى } لما رأى تخوّفَ المؤمنين منه { يٰقَوْمِ إِن كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ } أي صدقتم به وبآياته { فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ } وبه ثقِوا ولا تخافوا أحداً غيرَه فإنه كافيكم كلَّ شرَ وضُرّ { إِن كُنْتُم مُّسْلِمِينَ } مستسلمين لقضاءِ الله تعالى مخلِصين له ، وليس هذا من تعليق الحُكمِ بشرطين فإن المعلَّقَ بالإيمان وجوبُ التوكلِ عليه تعالى فإنه المقتضي له ، والمشروط بالإسلام وجودُه فإنه لا يتحقق مع التخليد ، ونظيرُه : إنْ أحسنَ إليك زيدٌ فأحسنْ إليه إن قدَرتَ عليه { فَقَالُواْ } مجيبـين له عليه السلام من غير تعلثم في ذلك { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } لأنهم كانوا مؤمنين مخلِصين ثم دعَوا ربَّهم قائلين : { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً } أي موقعَ فتنةٍ { لّلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي لا تسلِّطْهم علينا حتى يعذّبونا أو يفتنونا عن ديننا أو يُفتَتنوا بنا ويقولوا : لو كان هؤلاء على الحق لَما أصيبوا وقوله تعالى : { وَنَجّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } دعاءٌ منهم بالإنجاء من سوء جوارِهم وشؤمِ مصاحبتِهم بعد الإنجاءِ من ظلمهم ، عبّر عنهم بالكفر بعدما وُصفوا بالظلم ، وفي ترتيب الدعاءِ على التوكل تلويحٌ بأن الداعَي حقُّه أن يبنيَ دعاءَه على التوكل على الله تعالى { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءا } أنْ مفسرةٌ لأنّ في الوحي معنى القولِ أي اتخذا مَباءةً { لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } تسكُنون فيها وترجِعون إليها للعبادة { وَٱجْعَلُواْ } أنتما وقومكما { بُيُوتِكُمْ } تلك { قِبْلَةَ } مصلّىً وقيل : مساجدَ متوجهةً نحو القِبلة يعني الكعبةَ فإن موسى عليه السلام كان يصلي إليها { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ } أي فيها ، أُمروا بذلك في أول أمرهم لئلا يظهرَ عليهم الكفرةُ فيؤذوهم ويفتِنوهم عن دينهم { وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } بالنصرة في الدنيا إجابةً لدعوتهم والجنةِ في العقبى ، وإنما ثُنِّيَ الضميرُ أولاً لأن التبوُّؤَ للقوم واتخاذَ المعابد مما يتولاه رؤساءُ القوم بتشاور ، ثم جُمع لأن جعلَ البـيوتِ مساجدَ والصلاةَ فيها مما يفعله كلُّ أحدٍ ، ثم وُحِّد لأن بشارةَ الأمةِ وظيفةُ صاحبِ الشريعة ، ووضعُ المؤمنين موضعَ ضميرِ القوم لمدحهم بالإيمان والإشعار بأنه المدارُ في التبشير .