Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 75-77)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ إِبْرٰهِيمَ لَحَلِيمٌ } غيرُ عَجولٍ على الانتقام ممن أساء إليه { أَوَّاهٌ } كثيرُ التأوّه على الذنوب والتأسفِ على الناس { مُّنِيبٌ } راجعٌ إلى الله تعالى والمقصودُ بتعداد صفاتِه الجميلةِ المذكورةِ بـيانُ ما حَمله عليه السلام على ما صدر عنه من المجادلة . { يا إِبْرَاهِيمَ } أي قالت الملائكةُ : يا إبراهيمُ { أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } الجدالِ { إِنَّهُ } أي الشأنَ { قَدْ جَاء أَمْرُ رَبّكَ } أي قَدَرُه الجاري على وفق قضائِه الأزليِّ الذي هو عبارةٌ عن الإرادة الأزليةِ والعنايةِ الإلٰهيةِ المقتضيةِ لنظام الموجوداتِ على ترتيب خاصَ حسب تعلُّقِها بالأشياء في أوقاتها ، وهو المعبّر عنه بالقدر { وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } لا بجدال ولا بدعاء ولا بغيرهما . { وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً } قال ابن عباس رضي الله عنهما : انطلَقوا من عند إبراهيمَ عليه السلام إلى لوط عليه السلام وبـين القريتين أربعةُ فراسخَ ودخلوا عليه في صور غِلمانٍ مُرْدٍ حسانِ الوجوه فلذلك { سِىء بِهِمْ } أي ساءه مجيئُهم لظنه أنهم أناسٌ فخاف أن يقصِدهم قومُه ويعجِزَ عن مدافعتهم ، وقرأ نافعٌ وابن عامر ، والكسائي وأبو عمرو : سيء وسيئت بإشمام السينِ الضمَّ . روي أن الله تعالى قال للملائكة : « لا تُهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطٌ أربعَ شهادات » فلما مشى معهم منطلقاً بهم إلى منزله قال لهم : أما بلغكم أمرُ هذه القريةِ ؟ قالوا : وما أمرُها ؟ قال : أشهد بالله إنها لشرُّ قريةٍ في الأرض عملاً ، يقول ذلك أربعَ مراتٍ فدخلوا معه منزلَه ولم يعلم بذلك أحدٌ فخرجت امرأتُه فأخبرت به قومَها وقالت : إن في بـيت لوطٍ رجالاً ما رأيتُ مثلَ وجوهِهم قط { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } أي ضاق بمكانهم صدرُه أو قلبُه أو وسعُه وطاقتُه وهو كنايةٌ عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروهِ والاحتيال فيه ، وقيل : ضاقت نفسُه عن هذا الحادثِ ، وذِكرُ الذرعِ مثلٌ وهو المساحة ، وكأنه قدْرُ البدنِ مجازاً أي إن بدنَه ضاق قدرُه من احتمال ما وقع ، وقيل : الذراعُ اسمٌ للجارحة من المِرْفق إلى الأنامل ، والذرْعُ مدُّها ، ومعنى ضيقِ الذرع في قوله تعالى : { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا } قصرُها كما أن معنى سعتِها وبسطتها طولُها ، ووجهُ التمثيلِ بذلك أن القصيرَ الذراعِ إذا مدها ليتناول ما يتناول الطويلُ الذراعِ تقاصر عنه وعجِز عن تعاطيه ، فضُرب مثلاً للذي قصُرت طاقتُه دون بلوغِ الأمر { وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } شديدٌ ، من عصَبه إذا شدّه .