Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 10-10)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ } استئنافٌ مبنىٌّ على سؤال ينساق إليه المقال كأنه قيل : فماذا قالت لهم رسلُهم ؟ فأجيب بأنهم قالوا منكرِين عليهم ومتعجّبـين من مقالتهم الحمقاءِ : { أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ } بإدخال الهمزةِ على الظرف للإيذان بأن مدارَ الإنكار ليس نفسَ الشك بل وقوعُه فيما لا يكادُ يتوهّم فيه الشكّ أصلاً ، منقادين عن تطبـيق الجوابِ على كلام الكفرةِ بأن يقولوا : أأنتم في شك مريب من الله تعالى ؟ مبالغةً في تنزيه ساحةِ السّبحان عن شائبة الشك وتسجيلاً عليهم بسخافة العقول ، أي أفي شأنه سبحانه من وجوده ووحدتِه ووجوبِ الإيمان به وحده شك وهو أظهرُ من كل ظاهر وأجلى من كل جلي حتى تكونوا من قِبله في شك مريب ، وحيث كان مقصِدُهم الأقصى الدعوةَ إلى الإيمان والتوحيد وكان إظهارُ البـينات وسيلةً إلى ذلك لم يتعرضوا للجواب عن قول الكفرةِ : إنا كفرنا بما أرسلتم به ، واقتصروا علي بـيان ما هو الغايةُ القصوى ثم عقّبوا ذلك الإنكارَ بما يوجبه من الشواهد الدالّةِ على انتفاء المنكَر فقالوا : { فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } أي مُبدعُهما وما فيها من المصنوعات على نظام أنيقٍ شاهد بتحقق ما أنتم منه في شك ، وهو صفةٌ للاسم الجليل أو بدلٌ منه وشكٌّ مرتفعٌ بالظرف لاعتماده على الاستفهام ، وجعلُه مبتدأً على أن الظرف خبرُه يُفضي إلى الفصل بـين الموصوف والصفةِ بالأجنبـي ، أعني المبتدأَ والفاعلَ ليس بأجنبـي مِنْ رافعه وقد جوز ذلك أيضاً { يَدْعُوكُمْ } إلى الإيمان بإرساله إيانا لا أنا ندعوكم إليه من تلقاء أنفسِنا كما يوهمه قولُكم مما تدعوننا إليه { لِيَغْفِرَ لَكُمْ } بسببه أو يدعوكم لأجل المغفرة ، كقولك : دعوتُه ليأكلَ معي { مّن ذُنُوبِكُمْ } أي بعضَها وهو ما عدا المظالمَ مما بـينهم وبـينه تعالى فإن الإسلام يجُبّه ، قيل : هكذا وقع في جميع القرآنِ في وعد الكفرةِ دون وعد المؤمنين تفرقةً بـين الوعدين ، ولعل ذلك لما أن المغفرة حيث جاءت في خطاب الكفرةِ مرتبةً على محض الإيمان وفي شأن المؤمنين مشفوعةً بالطاعة والتجنب عن المعاصي ونحو ذلك فيتناول الخروجَ من المظالم ، وقيل : المعنى ليغفرَ لكم بدلاً من ذنوبكم { وَيُؤَخّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } إلى وقت سماه الله تعالى وجعله منتهى أعمارِكم على تقدير الإيمان . { قَالُواْ } استئناف كما سبق { إِنْ أَنتُمْ } أي ما أنتم { إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا } من غير فضل يؤهّلكم لما تدّعونه من النبوة { تُرِيدُونَ } صفةٌ ثانية لبشرٌ حملاً على المعنى كقوله تعالى : { أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا } [ التغابن : 6 ] أو كلامٌ مستأنفٌ أي تريدون بما تتصدَّوْن له من الدعوة والأرشاد { أَن تَصُدُّونَا } بتخصيص العبادةِ بالله سبحانه { عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا } أي عن عبادة ما استمر آباؤُنا على عبادته من غير شيءٍ يوجبه وإلا { فَأْتُونَا } أي وإن لم يكن الأمرُ كما قلنا بل كنتم رسلاً من جهة الله تعالى كما تدّعونه فأتونا { بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } يدل على فضلكم واستحقاقِكم لتلك الرتبة ، أو على صحة ما تدّعونه من النبوة حتى نترُك ما لم نزل نعبُده أباً عن جد . ولقد كانوا آتَوهم من الآيات الظاهرةِ والبـينات الباهرة ما تخرّ له صُمّ الجبال ، ولكنهم إنما يقولون من العظائم مكابرةً وعِناداً وإراءةً لمن وراءهم أن ذلك ليس من جنس ما ينطلق عليه السلطانُ المبـين .