Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 1-2)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الر } مر الكلامُ فيه وفي محله غيرَ مرة وقوله تعالى : { كِتَابٌ } خبرٌ له على تقدير كون آلر مبتدأً أو لمبتدإٍ مضمرٍ على تقدير كونِه خبراً لمبتدأ محذوف ، أو مسروداً على نمط التعديد ، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً لهذا المبتدأ المحذوف ، وقوله تعالى : { أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ } صفةٌ له وقوله تعالى : { لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ } متعلقٌ بأنزلناه أي لتخرجَهم كافةً بما في تضاعيفه من البـينات الواضحة المفصحةِ عن كونه من عند الله عز وجل الكاشفةِ عن العقائد الحقةِ ، وقرىء ليخرِج الناسَ { مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ } أي ليُخرج به الناسَ من عقائد الكفر والضلال التي كلُّها ظلماتٌ محضةٌ وجهالاتٌ صِرْفة { إِلَى ٱلنُّورِ } إلى الحق الذي هو نورٌ بحتٌ لكن لا كيفما كان ، فإنك لا تهدي من أحببت بل { بِإِذْنِ رَبّهِمْ } أي بتيسيره وتوفيقِه وللإنباء عن كون ذلك منوطاً بإقبالهم إلى الحق كما يفصح عنه قوله تعالى : { وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } [ الرعد : 27 ] استُعير له الإذنُ الذي هو عبارةٌ عن تسهيل الحجابِ لمن يقصِد الورودَ ، وأضيف إلى ضميرهم اسمُ الربِّ المفصحِ عن التربـية التي هي عبارةٌ عن تبليغ الشيءِ إلى كماله المتوجّه إليه ، وشمولُ الإذن بهذا المعنى للكل واضحٌ وعليه يدور كونُ الإنزال لإخراجهم جميعاً ، وعدمُ تحققِ الإذن بالفعل في بعضهم لعدم تحققِ شرطِه المستند إلى سوء اختيارِهم غيرُ مخلٍ بذلك والباء متعلقةٌ بتخرج أو بمضمر وقع حالاً من مفعوله أي ملتبسين بإذن ربِّهم ، وجعله حالاً من فاعله يأباه إضافةُ الربِّ إليهم لا إليه وحيث كان الحقُّ مع وضوحه في نفسه وإيضاحه لغيره موصلاً إلى الله عز وجل استُعير له النورُ تارة والصراطُ أخرى ، فقيل : { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } على وجه الإبدالِ بتكرير العامل كما في قوله تعالى : { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ } [ الأعراف : 75 ] وإخلالُ البدل والبـيانِ بالاستعارة إنما هو في الحقيقة لا في المجاز كما في قوله سبحانه : { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلْخَيْطُ ٱلأَبْيَضُ مِنَ ٱلْخَيْطِ ٱلأَسْوَدِ مِنَ ٱلْفَجْرِ } [ البقرة : 187 ] وقيل : هو استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال ، كأنه قيل : إلى أي نور ؟ فقيل : إلى صراط العزيز الحميد ، وإضافةُ الصراط إليه تعالى لأنه مقصِدُه أو المبـينُ له ، وتخصيصُ الوصفين بالذكر للترغيب في سلوكه ببـيان ما فيه من الأمن والعاقبةِ الحميدة . { ٱللَّهِ } بالجر عطفُ بـيان للعزيز الحميد لجريانه مَجرى الأعلامِ الغالبة بالاختصاص بالمعبود بالحق كالنجم في الثريا . وقرىء بالرفع على ( تقدير ) هو الله ، أي العزيزِ الحميد الذي أضيف إليه صراط الله { ٱلَّذِى لَهُ } مُلكاً ومِلكاً { مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي ما وُجد فيهما داخلاً فيهما أو خارجاً عنهما متمكناً فيهما كما مر في آية الكرسي ، ففيه على القراءتين بـيانٌ لكمال فخامة شأنِ الصراط وإظهارٌ لتحتم سلوكه على الناس قاطبةً ، وتجويزُ الرفع على الابتداء بجعل الموصول خبراً مبناه الغفولُ عن هذه النكتة وقوله عز وجل : { وَوَيْلٌ لّلْكَـٰفِرِينَ } وعيدٌ لمن كفر بالكتاب ولم يخرجْ به من الظلمات إلى النور بالويل وهو نقيضُ الوال وهو النجاةُ وأصله النصبُ كسائر المصادر ثم رفع رفعها للدلالة على الثبات كسلامٌ عليك { مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } متعلق بويل على معنى يولّون ويضِجون منه قائلين : يا ويلاه ، كقوله تعالى : { دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } [ الفرقان : 13 ] .