Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 6-7)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } شروعٌ في بـيان تصدّيه عليه الصلاة والسلام لما أُمر به من التذكير للإخراج المذكورِ ، وإذ منصوبٌ على المفعولية بمضمر خوطب به النبـيُّ عليه الصلاة والسلام ، وتعليقُ الذكر بالوقت مع أن المقصودَ تذكيرُ ما وقع فيه من الحوادث قد مر سرُّه غيرَ مرة أي اذكر لهم وقت قولِه عليه الصلاة والسلام لقومه : { ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } بدأ عليه الصلاة والسلام بالترغيب لأنه عند النفس أقبلُ وهي إليه أميلُ ، والظرفُ متعلّقٌ بنفس النعمة إن جُعلت مصدراً أو بمحذوف وقع حالاً منها إن جعلت اسماً أي اذكروا إنعامه عليكم أو اذكروا نعمته كائنةً عليكم ، وكذلك كلمةُ إذْ في قوله تعالى : { إِذَا أنجاكم من آل فرعون } أي اذكروا إنعامه عليكم وقت إنجائِه إياكم من آل فرعون أو اذكروا نعمةَ الله مستقرةً عليكم وقت إنجائِه إياكم منهم أو بدلُ اشتمال من نعمةَ الله مراداً بها الإنعامُ أو العطية { يَسُومُونَكُمْ } يبغونكم مِنْ سامه خَسفاً إذا أولاه ظلماً ، وأصلُ السَّوم الذهابُ في طلب الشيء { سُوء ٱلْعَذَابِ } السوءُ مصدر ساء يسوء والمرادُ به جنسُ العذاب السيّـيء أو استعبادهم واستعمالُهم في الأعمال الشاقة والاستهانةُ بهم وغيرُ ذلك مما لا يحصر ، ونصبُه على أنه مفعولٌ ليسومونكم { وَيُذَبّحُونَ أَبْنَاءكُمْ } المولودين وإنما عطفه على يسومونكم إخراجاً له عن مرتبة العذاب المعتاد ، وإنما فعلوا ذلك لأن فرعون رأى في المنام أو قال له الكهنة أنه سيولد منهم مَنْ يذهب بملكه فاجتهدوا في ذلك فلم يُغن عنهم من قضاء الله شيئاً . { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ } أي يُبقونهن في الحياة مع الذل والصَّغار ولذلك عد من جملة البلاء . والجملُ أحوالٌ من آل فرعون أو من ضمير المخاطبـين أو منهما جميعاً لأن فيها ضميرَ كلَ منهما { وَفِى ذٰلِكُمْ } أي فيما ذكر من أفعالهم الفظيعة { بَلاء مِّن رَّبّكُمْ } أي ابتلاء منه لا أن البلاء عينُ تلك الأفعال اللهم إلا أن تجعل ( في ) تجريديةً فنسبتُه إلى الله تعالى إما من حيث الخلقُ أو الإقدارُ والتمكين { عظِيمٌ } لا يطاق ، ويجوز أن يكون المشارُ إليه الإنجاء من ذلك ، والبلاءُ الابتلاءُ بالنعمة وهو الأنسب كما يلوح به التعرضُ لوصف الربوبـية ، وعلى الأول يكون ذلك باعتبار المآل الذي هو الإنجاءُ أو باعتبار أن بلاء المؤمن تربـيةٌ له . { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } من جملة مقالِ موسى عليه الصلاة والسلام لقومه معطوفٌ على نعمةَ الله أي اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا حين تأذّن ربكم أي آذن إيذاناً بليغاً لا تبقىٰ معه شائبةٌ ، لِما في صيغة التفعّل من معنى التكلّف المجعولِ في حقه سبحانه على غايته التي هي الكمالُ ، وقيل : هو معطوفٌ على قوله تعالى : { إِذْ أَنجَاكُمْ } ، أي اذكروا نعمتَه تعالى في هذين الوقتين فإن هذا التأذنَ أيضاً نعمةٌ من الله تعالى عليهم ينالون بها خيري الدنيا والآخرة ، وفي قراءة ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : وإذا قال ربكم . ولقد ذكّرهم عليه الصلاة والسلام أولاً بنعمائه تعالى عليهم صريحاً وضمنّه تذكيرَ ما أصابهم قبل ذلك من الضراء ، ثم أمرهم ثانياً بذكر ما جرى من الله سبحانه من الوعد بالزيادة على تقدير الشكر والوعيدِ بالعذاب على تقدير الكفر ، والمرادُ بتذكير الأوقات تذكيرُ ما وقع فيها من الحوادث مفصلةً إذ هي محيطةٌ بذلك فإذا ذُكرت ذكر ما فيها كأنه مشاهَدٌ معايَن { لَئِن شَكَرْتُمْ } يا بني إسرائيلَ ما خوّلتُكم من نعمة الإنجاء وإهلاكِ العدوّ وغير ذلك من النعم والآلاءِ الفائتة للحصر وقابلتموه بالإيمان والطاعة { لأزِيدَنَّكُمْ } نعمةً إلى نعمة { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } ذلك وغمِصتموه { إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ } فعسى يصيبكم منه ما يصيبكم ، ومن عادة الكرام التصريحُ بالوعد والتعريضُ بالوعيد فما ظنُّك بأكرم الأكرمين ؟ ويجوز أن يكون المذكورُ تعليلاً للجواب المحذوفِ أي لأعذبنكم واللام في الموضعين موطئةٌ للقسم وكلٌّ من الجوابـين سادٌّ مسدَّ جوابـي الشرط والقسم ، والجملةُ إما مفعولٌ لتأذن لأنه ضرْبٌ من القول أو لقول مقدر بعده ، كأنه قيل : وإذ تأذن ربكم فقال ، الخ .