Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 28-29)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } بتأنيث الفعل ، وقرىء بتذكيره وبإدغام التاء في التاء ، والعدولُ إلى صيغة المضارعِ لاستحضار صورةِ توفِّيهم إياهم لما فيها من الهول ، والموصولُ في محل الجرِّ على أنه نعتٌ للكافرين أو بدلٌ منه أو في محل النصبِ أو الرفع على الذم ، وفائدتُه تخصيصُ الخزي والسوءِ بمن استمر كفرُه إلى حينِ الموت دون مَن آمن منهم ولو في آخر عُمره ، أي على الكافرين المستمرين على الكفر إلى أن يتوفاهم الملائكة { ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ } أي حالَ كونهم مستمرين على الكفر فإنه ظلمٌ منهم لأنفسهم وأيُّ ظلم ، حيث عرّضوها للعذاب المخلّد وبدّلوا فطرةَ الله تبديلاً { فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ } أي فيُلقون ، والعدولُ إلى صيغة الماضي للدِلالة على تحقق الوقوعِ وهو عطفٌ على قوله تعالى : { وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِىَ } وما بـينهما جملةٌ اعتراضية جيء بها تحقيقاً لما حاق بهم من الخزي على رؤوس الأشهادِ ، أي فيُسالمون ويتركون المُشاقّةَ وينزِلون عما كانوا عليه في الدنيا من الكِبْر وشدةِ الشكيمة قائلين : { مَا كُنَّا نَعْمَلُ } في الدنيا { مِن سُوء } أي من شرك ، قالوه منكِرين لصدوره عنهم كقولهم : { وَٱللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام ، الآية 23 ] وإنما عبروا عنه بالسوء اعترافاً بكونه سيئاً لا إنكاراً لكونه كذلك مع الاعتراف بصدوره عنهم ، ويجوز أن يكون تفسيراً للسَّلَم على أن يكون المرادُ به الكلامَ الدالَّ عليه ، وعلى التقديرين فهو جوابٌ عن قوله سبحانه : { أَيْنَ شُرَكَائِىَ } [ النحل ، الآية 27 ] كما في سورة الأنعام لا عن قول أولي العلمِ ادعاءً لعدم استحقاقهم لما دهمهم من الخزي والسوء { بَلَىٰ } رد عليهم من قِبل أولي العلم وإثباتٌ لما نفَوْه أي بلى كنتم تعملون ما تعملون { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فهو يجازيكم عليه وهذا أوانُه . { فَٱدْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } أي كلُّ صنف من بابه المعدِّ له ، وقيل : أبوابُها أصنافُ عذابها فالدخولُ عبارةٌ عن الملابسة والمقاساة { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } إن أريد بالدخول حدوثُه فالحال مقدّرة ، وإن أريد مطلقُ الكون فيها فهي مقارِنة { فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبّرِينَ } عن التوحيد كما قال تعالى : { قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } [ النحل ، الآية 22 ] وذكرُهم بعنوان التكبر للإشعار بعلّيته لثُوائهم فيها ، والمخصوصُ بالذم محذوفٌ أي جهنم وتأويلُ قولهم : { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوء } [ النحل ، الآية 28 ] بأنا ما كنا عاملين ذلك في اعتقادنا رَوْماً للمحافظة على أن لا كذِبَ ثمة يرده الردُّ المذكور وما في سورة الأنعام من قوله تعالى : { ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } .