Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 108-110)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَقُولُونَ } في سجودهم { سُبْحَانَ رَبّنَا } عما يفعل الكفرةُ من التكذيب أو عن خُلْف وعده { إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً } إن مخففةٌ من المثقّلة ، واللامُ فارقةٌ أي إن الشأن هذا . { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ } كرر الخُرورَ للأذقان لاختلاف السبب فإن ( الأولَ ) لتعظيم أمر الله تعالى أو الشكرِ لإنجاز الوعدِ ( والثاني ) لِما أثّر فيهم من مواعظ القرآنِ حالَ كونِهم باكين من خشية الله { وَيَزِيدُهُمْ } أي القرآنُ بسماعهم { خُشُوعًا } كما يزيدهم علماً ويقيناً بالله تعالى . { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } نزل حين سمع المشركون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا ألله يا رحمٰنُ " فقالوا : إنه ينهانا عن عبادة إلٰهين وهو يدعو إلٰهاً آخرَ . وقالت اليهود : إنك لتُقِلّ ذكرَ الرحمٰنِ وقد أكثره الله تعالى في التوراة . والمرادُ على الأول هو التسويةُ بـين اللفظين بأنهما عبارتان عن ذات واحدةٍ وإن اختلف الاعتبارُ والتوحيدُ إنما هو للذات الذي هو المعبودُ ، وعلى الثاني أنهما سيّان في حسن الإطلاقِ والإفضاء إلى المقصود وهو أوفق لقوله تعالى : { أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ } والدعاءُ بمعنى التسمية وهو يتعدى إلى مفعولين حُذف أولُهما استغناءً عنه ، وأو للتخيـير والتنوينُ في أياً عوضٌ عن المضاف إليه وما مزيدةٌ لتأكيد ما في أي من الإبهام ، والضميرُ في له للمسمّى لأن التسميةَ له لا للاسم وكان أصلُ الكلامِ أياً ما تدعوا فهو حسنٌ فوضع موضعَه فله الأسماءُ الحسْنى للمبالغة والدِلالة على ما هو الدليلُ عليه ، إذ حسنُ جميعِ أسمائِه يستدعي حسنَ ذينك الاسمين وكونُها حُسنى لدلالتها على صفات الكمالِ من الجلال والجمال والإكرام . { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } أي بقراءة صلاتِك بحيث تُسمع المشركين فإن ذلك يحملهم على السب واللغوِ فيها { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } أي بقراءتها بحيث لا تُسمع من خلفك من المؤمنين { وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ } أي بـين الجهرِ والمخافتة على الوجه المذكور { سَبِيلاً } أمراً وسَطاً قصْداً فإن خيرَ الأمور أوساطُها ، والتعبـيرُ عن ذلك بالسبـيل باعتبار أنه أمرٌ يتوجه إليه المتوجهون ويؤُمّه المقتدون ويوصلُهم إلى المطلوب ، وروي أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان يخفِت ويقول : أناجي ربـي وقد علم حاجتي ، وعمر رضي الله عنه كان يجهر بها ويقول : أطرُد الشيطان وأوقظ الوسْنان ، فلما نزلت أمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يرفعَ قليلاً وعمرَ أن يخفِض قليلاً ، وقيل : المعنى لا تجهَرْ بصلاتك كلِّها ولا تخافت بها بأسرها وابتغِ بـين ذلك سبـيلاً بالمخافتة نهاراً والجهرِ ليلاً ، وقيل : بصلاتك بدعائك وذهب قوم إلى أنها منسوخةٌ بقوله تعالى : { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } [ الأعراف : 55 ] .