Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 19-20)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَنْ أَرَادَ } بأعماله { ٱلآخِرَةَ } الدارَ الآخرةَ وما فيها من النعيم المقيم { وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا } أي السعْيَ اللائقَ بها وهو الإتيانُ بما أُمر والانتهاءُ عما نُهيَ لا التقرّبُ بما يخترعون بآرائهم ، وفائدةُ اللام اعتبارُ النيةِ والإخلاص { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } إيماناً صحيحاً لا يخالطه شيءٌ قادحٌ فيه ، وإيرادُ الإيمانِ بالجملة الحالية للدِلالة على اشتراط مقارنتِه لما ذُكر في حيِّز الصلة { فَأُوْلَـئِكَ } إشارةٌ إلى الموصولِ بعنوان اتصافِه بما في حيز الصلةِ ، وما في ذلك من معنى البعدِ للإشعار بعلو درجتِهم وبُعد منزلتِهم ، والجمعيةُ لمراعاة جانب المعنى إيماءً إلى أن الإثابة المفهومةَ من الخبر تقع على وجه الاجتماعِ أي أولئك الجامعون لما مر من الخصال الحميدةِ ، أعني إرادةَ الآخرةِ والسعيَ الجميلَ لها والإيمانَ { كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا } مقبولاً عند الله تعالى أحسنَ القَبول مُثاباً عليه ، وفي تعليق المشكوريّةِ بالسعْي دون قرينَيْهِ إشعارٌ بأنه العمدةُ فيها . { كَلاَّ } التنوين عوضٌ عن المضاف إليه أي كلَّ واحد من الفريقين لا الفريقِ الأخير المريد للخير الحقيقِ بالإسعاف فقط { نُّمِدُّ } أي نزيد مرة بعد مرة بحيث يكون الآنِفُ مدداً للسالف ، وما به الإمدادُ ما عُجّل لأحدهما من العطايا العاجلة وما أعد للآخر من العطايا الآجلةِ المشارِ إليها بمشكورية السعي ، وإنما لم يصرحْ به تعويلاً على ما سبق تصريحاً وتلويحاً واتكالاً على ما لحِق عبارةً وإشارة كما ستقف عليه ، وقوله تعالى : { هَـؤُلاء } بدل من كلاًّ { وَهَـؤُلاء } عطف عليه أي نُمد هؤلاء المعجَّلَ لهم وهؤلاءِ المشكورَ سعيُهم ، فإن الإشارةَ متعرّضةٌ لذات المشارِ إليه بما له من العنوان لا للذات فقط كالإضمار ، ففيه تذكيرٌ لما به الإمدادُ وتعيـينٌ للمضاف إليه المحذوفِ دفعاً لتوهّم كونِه أفرادَ الفريقِ الأخير ، وتأكيدٌ للقصر المستفادِ من تقديم المفعول وقوله تعالى : { مِنْ عَطَاء رَبّكَ } أي من العطاء الواسعِ الذي لا تناهيَ له متعلقٌ بنُمد ، ومغْنٍ عن ذكر ما به الإمدادُ ومنبِّهٌ على أن الإمدادَ المذكورَ ليس بطريق الاستيجابِ بالسعي والعمل بل بمحض التفضل { وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّكَ } أي دنيوياً كان أو أخروياً ، وإنما أُظهر إظهاراً لمزيد الاعتناءِ بشأنه وإشعاراً بعلّيته للحكم { مَحْظُورًا } ممنوعاً ممن يريده بل هو فائضٌ على مَن قُدّر له بموجب المشيئةِ المبنيةِ على الحكمة وإن وُجد منه ما يقتضي الحظرَ كالكافر وهو في معنى التعليل لشمول الأمدادِ للفريقين ، والتعرضُ لعنوان الربوبـية في الموضعين للإشعار بمبدئيتها لما ذُكر من الإمداد وعدم الحظر .