Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 3-5)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ذُرّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } نُصب على الاختصاص أو النداءِ على قراءة النهي ، والمرادُ تأكيدُ الحملِ على التوحيد بتذكير إنعامِه تعالى عليهم في ضمن إنجاءِ آبائِهم من الغرق في سفينة نوحٍ عليه السلام ، أو على أنه أحدُ مفعولَيْ لا يتخذوا على قراءة النفي ومن دون حالٌ من وكيلاً فيكون كقوله تعالى : { وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ وَٱلنَّبِيّيْنَ أَرْبَابًا } [ آل عمران ، الآية 80 ] وقرى بالرفع على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أو بدلٌ من واو لا تتخذوا بإبدال الظاهرِ من ضمير المخاطَب كما هو مذهبُ بعض البغادِدَة ، وقرىء ذِرّية بكسر الذال { إِنَّهُ } أي إن نوحاً عليه الصلاة والسلام { كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } كثيرَ الشكر في مجامع حالاتِه ، وفيه إيذانٌ بأن إنجاءَ مَنْ معه كان ببركة شكرِه عليه الصلاة والسلام وحثٌّ للذرية على الاقتداء به وزجرٌ لهم عن الشرك الذي هو أعظمُ مراتبِ الكُفرانِ ، وقيل : الضمير لموسى عليه السلام . { وَقَضَيْنَا } أي أتممنا وأحكمنا مُنْزلين { إِلَىٰ بَنِى إِسْرٰءيلَ } أو موحين إليهم { فِى ٱلْكِتَـٰبِ } أي في التوراة فإن الإنزالَ والوحيَ إلى موسى عليه السلام إنزالٌ ووحيٌ إليهم { لَتُفْسِدُنَّ فِى ٱلأَرْضِ } جوابُ قسمٍ محذوفٍ ، ويجوز إجراءُ القضاء المحتومِ مُجرى القسمِ كأنه قيل : وأقسمنا لتفسدن { مَّرَّتَيْنِ } مصدرٌ والعاملُ فيه من غير جنسه . أولاهما مخالفةُ حكم التوراة وقتلُ شعياءَ عليه الصلاة والسلام وحبسُ أرمياءَ حين أنذرهم سخطَ الله تعالى ، والثانية قتلُ زكريا ويحيـى وقصدُ قتلِ عيسى عليهم الصلاة والسلام { وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } لتستكبِرُنّ عن طاعة الله سبحانه ، أو لتغلِبُنّ الناسَ بالظلم والعدوان وتفرّطُنّ في ذلك إفراطاً مجاوزاً للحدود . { فَإِذَا جَآء وَعْدُ أُولَـٰهُمَا } أي أولىٰ كرَّتَي الإفساد ، أي حان وقتُ حلولِ العقاب الموعود { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ } لمؤاخذتكم بجناياتكم { عِبَادًا لَّنَا } وقرىء عبـيداً لنا { أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ } ذوي قوةٍ وبطش في الحروب ، هم سنحاريبُ من أهل نينوىٰ وجنودُه ، وقيل : بُخْتَ نَصَّرُ عامل لهراسبَ ، وقيل : جالوت { فَجَاسُواْ } أي تردّدوا لطلبكم بالفساد ، وقرىء بالحال والمعنى واحد ، وقرىء وجوسوا { خِلَـٰلَ ٱلدّيَارِ } في أوساطها للقتل والغارة ، وقرىء خِلَلَ الديار فقتلوا علماءَهم وكبارَهم وأخرقوا التوراةَ وخربوا المسجد وسبَوْا منهم سبعين ألفاً ، وذلك من قبـيل تولية بعضِ الظالمين بعضاً مما جرت به السنةُ الإلٰهية { وَكَانَ } ذلك { وَعْدًا مَّفْعُولاً } لا محالة بحيث لا صارفَ عنه ولا مبدِّلَ .