Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 14-15)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } أي قويناها حتى اقتحموا مضايقَ الصبر على هجر الأهلِ والأوطانِ والنعيم والإخوانِ ، واجترأوا على الصدْع بالحق من غير خوف ، وحذِروا الردَّ على دقيانوسَ الجبار { إِذْ قَامُواْ } منصوبٌ بربطنا والمرادُ بقيامهم انتصابُهم لإظهار شعارِ الدين ، قال مجاهد : خرجوا من المدينة فاجتمعوا على غير ميعادٍ ، فقال أكبرُهم : إني لأجد في نفسي شيئاً أن ربـي ربُّ السمواتِ والأرض ، فقالوا : نحن أيضاً كذلك فقاموا جميعاً { فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْض } ضمّنوا دعواهم ما يحقق فحواها ويقضي بمقتضاها فإن ربوبـيتَه عز وجل لهما تقتضي ربوبـيتَه لما فيهما أيَّ اقتضاءٍ ، وقيل : المراد قيامُهم بـين يدي الجبارِ من غير مبالاةٍ به حين عاتبهم على ترك عبادةِ الأصنام ، فحينئذ يكون ما سيأتي من قوله تعالى : { هَـؤُلاء } الخ ، منقطعاً عما قبله صادراً عنهم بعد خروجِهم من عنده { لَن نَّدْعُوَاْ } لن نعبدَ أبداً { مِن دُونِهِ إِلـٰهاً } معبوداً آخرَ لا استقلالاً ولا اشتراكاً ، والعدولُ عن أن يقال : ربًّا للتنصيص على رد المخالفين حيث كانوا يسمون أصنامَهم آلهةً وللإشعار بأن مدارَ العبادة وصفُ الألوهية وللإيذان بأن ربوبـيتَه تعالى بطريق الألوهيةِ لا بطريق المالكية المجازية { لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا } أي قولاً ذا شططٍ أي تجاوزَ عن الحد أو قولاً هو عينُ الشطط ، على أنه وُصفَ بالمصدر مبالغةً ثم اقتُصر على الوصف مبالغةً على مبالغة ، وحيث كانت العبادةُ مستلزِمةً للقول لما أنها لا تَعرَى عن الاعتراف بألوهية المعبودِ والتضرّعِ إليه قيل : لقد قلنا ، وإذاً جوابٌ وجزاءٌ أي لو دعَونا من دونه إلٰهاً والله لقد قلنا قولاً خارجاً عن حد العقولِ مُفْرِطاً في الظلم . { هَـؤُلاء } هو مبتدأ وفي اسم الإشارةِ تحقيرٌ لهم { قَوْمُنَا } عطفُ بـيانٍ له { ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ ءالِهَةً } خبرُه وفيه معنى الإنكار { لَّوْلاَ يَأْتُونَ } تخصيصٌ فيه معنى الإنكارِ والتعجيزِ أي هلا يأتون { عَلَيْهِمْ } على ألوهيتهم أو على صحة اتخاذِهم لها آلهةً { بِسُلْطَـٰنٍ بَيّنٍ } بحجة ظاهرةِ الدلالةِ على مُدّعاهم وهو تبكيتٌ لهم وإلقامُ حجرٍ { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } بنسبة الشريكِ إليه تعالى عن ذلك علواً كبـيراً ، والمعنى أنه أظلمُ من كل ظالمٍ ، وإن كان سبكُ النظمِ على إنكار الأظلميةِ من غير تعرضٍ لإنكار المساواة كما مر تحقيقه في سورة هود .